مروان العريضي لـ" الصباح": أعمل على إعادة إنتاج حضارتنا الإسلاميَّة الغنيَّة بمكوناتها في الزخرفة والخط العربي (الملحق الثقافي)

ثقافة 2022/07/23
...

حاورته: ضحى عبدالرؤوف المل
يؤصل الفنان اللبناني الأميركي مروان العريضي مجدداً على أنَّ الابتكار في الزمن الرقمي هو وليد توارث فني يتم تحديثه عبر العديد من التقنيات التي تنشأ عبر الزمن،  وتمنح الرؤية الكلاسيكيَّة للفن الزخرفي الإسلامي، حداثة تختلف بمراحلها التكوينيَّة، فتصاميمه الهندسيَّة التي تنشأ من امتدادٍ للثوابت الهندسيَّة في الخط العربي أثبتت قوة رؤيته لأهميَّة تحديث هذا الفن،  وربطه بالنهج الابتكاري المؤدي الى إدخال الفسيفساء مجدداً في أعماله في الفن الإسلامي وزخرفته التي انطلق منها أو من كتابه "في رحاب فن الزخرفة الشرقي" وهو نسخة فريدة من القرآن.
 
 
  ليصل الى المتاحف العالميَّة من خلال مقومات برامج الرسم الرقمي المبنيَّة على أسسٍ تم تحديثها مجدداً لتواكب روح العصر من دون أنْ يتخلى عن إيمانه المطلق بالأحرف القرآنيَّة التي كانت مصدراً لابتكاراته الفنيَّة وهو حالياً في صدد إقامة معرضه المنفرد في hexa في ريتشاردسون تكساس وهو الذي قدم من قبل العديد من المعارض ومعه أجرينا هذا الحوار: 
 
* تأثير الفن الإسلامي القديم والتحديث الذي تقوم به على هذا الفن ما هي الصعوبات والتحديات؟
- جماليَّة الفن والزخرفة من العوامل المهمَّة في المجتمع، وهما صورة صادقة لتكوين الحضارات، تعبر السنين ويمضي التاريخ ويأخذ معه الكثير من مراحل حياتنا، ولا يبقى سوى القيم الفنيَّة. إنْ كانت في فن العمارة من جوامع ومعابد وهياكل الى الفنون على أنواعها من لوحات فنيَّة ومنحوتات وزخارف وكتابات مخطوطة. من هذه الحضارات عبر التاريخ نستمد ونستشف ركائز إبداعات المستقبل. الفن كبقية مكونات الحضارة هو امتدادٌ وتواصلٌ مع الماضي يعمل فيه المبدعون لإعادة اقتباس الماضي بحلية مبتكرة فيها إبداعٌ وتجددٌ. بالنسبة لأعمالي فإني شاهدٌ صادقٌ على هذه القاعدة، فأنا أعمل ولعدة عقود من الزمن على إعادة إنتاج بعضٍ من حضارتنا الإسلاميَّة الغنيَّة جداً بمكوناتها في الزخرفة والخط العربي مع المحافظة على تقاليدها وكلاسيكيتها، بما أتيح لنا في هذا العصر من مقومات وتطورات تقنيَّة تساعد في تسهيل الإنتاج والوصول الى حدودٍ أوسع في الإبداع لم تكن متوفرة في العهود الماضية. عصرنا هذا هو عصر الكمبيوتر أو الحاسوب، وبداية من أواخر العقد الثاني من القرن الماضي بدأت الثورة الرقميَّة،  والتي تمكنت من تغيير قواعد العمل والإنتاج في عالم الفن من رسم وخطوط، لحسن الحظ أنني كنت في عمق هذا الثورة الرقميَّة، وواكبتها منذ بدايتها وتعلمت وسيلة العمل فيها كوني كنت موجوداً في الولايات المتحدة في تلك الفترة وما زلت. أضف الى ذلك بما أني درست فن الزخرفة والإعلان في أميركا وعملت في حقل التصميم الإعلاني في هذه السوق ولفترة طويلة أكسبتني خبرة مهمَّة في التصميم وعمليَّة مزج الألوان والتي تشكل مقوماً أساسياً في نجاح أي عمل فني أفسحت لي المجال في تطبيق ما تعلمته على الزخرفة وفنون الخط العربي وابتكار أسلوب مستحدث أضاف بنظري جماليَّة غنيَّة على الفن الإسلامي.
* موزائيك خشب نقوش زخارف وما الى ذلك ما الجديد؟  وعلى ماذا الرهان؟ وهل من معارض جديدة في الوطن العربي؟
- في يومنا هذا أصبح الكمبيوتر مقوماً أساسياً في إنتاج أي عمل فني،  ولكوني فناناً رقمياً ومعضم أعمالي رسمتها باليد على شاشة الكمبيوتر كان لا بُدَّ من دخول عالم الفسيفساء رغم صعوبته ومتطلباته. ابتداءً من ٢٠٢١ قمت مع فنان محترف في هذا الحقل بتأسيس شركة لصناعة الفسيفساء من قشور الخشب،  وباسلوب مستحدث لم يعمل به من قبل في تركيا. إنتاج اللوحات في هذه الطريقة يستغرق وقتاً طويلاً من العمل قد يصل الى ثلاثة أشهر لقطعة كبيرة لسبب أنّ بعض هذه اللوحات قد يحتوي على أكثر من ١٨٠٠٠ قطعة صغيرة من الخشب يجب قطعها وحفرها وتلوينها ثم تلزيقها بدقة، جميع هذه الأعمال تحتوي بألوانها المستحدثة على ترصيع بالذهب عيار ٢٤ قيراطاً. تلقى هذه الأعمال إقبالًا كبيراً لدى زبائننا لفرادة أسلوبها الفني وجمال ألوانها وتصاميمها الزخرفيَّة والخطيَّة. تعرض هذه الأعمال حالياً في الأسواق الأميركيَّة ونأمل أنْ نستطيع إدخالها الى السوق العربيَّة.
* إقبال غربي على الفن الإسلامي من نوع الزخارف أو زخرفات قرآنية من أين تستوحى؟ ولماذا برأيك الإقبال الغربي أكبر؟
- إنَّ الله جميل يحب الجمال - البشر على أنواعها جميعاً تحب وتعشق الجمال كلٌ على طريقته وأساليبه ومسيرة حياته وتأثراته. فن الزخرفة الشرقية الارابسك هو فنٌ مقتبسٌ من عدة حضارات أضفت عليه جماليَّة خاصة جعلت الكثير من الشعوب ومن حضارات مختلفة تعجب بهذا الفن وتقدره وتقتنيه في منازلها. هناك إقبالٌ غربي على أعمالي ولدي الكثير من المتابعين والزبائن الأميركيين لكن نسبتهم لا تتعدى ٢٠ ٪ من مجمل زبائننا ومتابعينا حيث الأكثريَّة من المجتمع الإسلامي وهذا طبيعي كون المسلم ينشأ ويترعرع في أجواء الزخرفة والخط العربي.
* هل وسائل الكمبيوتر الحديثة هي التي ساعدتك في كل ذلك ومتى تلجأ الى التقنيات القديمة؟
- تعلمت قواعد الخط العربي في سنٍ مبكرة على يدي أحد أهم الخطاطين وأتقنت معظم الخطوط وقواعدها بعدها سافرت الى أميركا لأنهي دراستي في تلك الفترة لم يكن الكمبيوتر موجوداً، لكنْ مع حلول منتصف الثمانينيات من القرن الماضي ظهر الكمبيوتر وجاريت تطوره وتعلمت مبادئ استعماله وأتقنتها، حتى أني أنشأتُ شركة متخصصة في التصاميم الزخرفيَّة، ووصلت أعمالي الى جميع أنحاء العالم حتى أنَّ شركة أدوبي وهي أكبر شركة في العالم لبرامج الرسم والغرافيك كانت توزع أعمالي ضمن برامجها، وهذا أعطى أعمالي شهرة عالميَّة. من خلال تعمقي في مجال الكمبيوتر والتصميم الرقمي تمكنت من إنتاج أعمالٍ زخرفية بدقة عالية وألوان مستحدثة  أضافت على الفن والزخرفة الإسلاميَّة والخط العربي رونقاً جميلاً. رغم استعمال الكمبيوتر في جميع أعمالي ما زلت أقوم بلمسات يدويَّة على معضم لوحاتي بالتذهيب أو إضافة ألوان لتزيد في جمال العمل.
* ما معنى أنْ يدخل الفسيفساء في فن الزخارف الإسلاميَّة؟ والى أي مدى تحتاج الى دقة ووقت؟
- فن الفسيفساء هو عنصرٌ أساسيٌّ ومهمٌ جداً في فن الزخرفة الإسلاميَّة ولقد أبدع فيه العثمانيون والفرس وبرز في الأندلس ولقد نفذت معظم الأعمال من البورسلان والجبس والخشب. ما نقوم به اليوم يرتكز بشكلٍ كبيرٍ على ما تداول في الماضي لكنَّ الفارق الكبير، والذي ميز ما نقوم به اليوم هو أننا نستعمل الكمبيوتر والليزر لقص الخشب وبدقة عالية رغم صغر حجمها لهذا ساعد الكمبيوتر على تنفيذ أعمالٍ في الفسيفساء لم تكن متوفرة سابقاً، قطع الخشب الصغيرة كان صعباً جداً قطعها باليد. رغم كل ما هو متوفر لنا اليوم من تقنيات تبقى عملية شغل الفسيفساء صعبة وتستهلك وقتاً كبيراً.
* هل يمكن استخدام  تصميمات الزخارف في الديكور الداخلي؟ وما هي الابتكارات التي قمت بها تحديداً؟ وأين أنت من حركة فناني الـ op art؟
- هناك عددٌ كبيرٌ من مصممي الديكور يستعملون تصاميمي الزخرفيَّة لإضافة رونق في التصميم المنزلي، كما أنَّ عدداً كبيراً من زخارفي يستعمل في صناعة ورق الجدران وصناعة لوحات البورسلان لبلاط أرضيَّة المنازل وفي صناعة النسيج لأغطية المفروشات والسجاد كذلك صناعة الزجاح الملون والكثير غيره من المشاريع. كما سبق وذكرنا سابقا أنَّ الكمبيوتر دخل في معظم مرافق الصناعة فسنرى المزيد من التطور والازدهار في استعماله.