علي حسن الفواز
يبدو أنّ البحث عن الممرات الآمنة سيكون هو الخيار المقبل لمواجهة ازمة الاختناقات السياسية، وسيمنح القوى المتصارعة فرصاً أكبر لمراجعة مواقفها وحساباتها، وأحسب أنّ الإتفاق بين روسيا وأوكرانيا على إنشاء الممر الآمن لتصدير الحبوب من أوكرانيا ليس بعيدا عن ذلك، ولا عن شغفها بالحلول، حتى وإنْ كانت صعبة، ولعل مستوى الموقعين على وثيقة هذا الإتفاق من الروس والأوكران يعكس مدى أهمية إنشاء هذا الممر، وحيويته اقليميا ودوليا، إذ حضر مراسمه الرئيس التركي الطيب اردوغان فضلا عن وزير الدفاع التركي خلوصي، والامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش.
وبقطع النظر عن الخلل البروتوكولي في مراسم التوقيع، فإنّ الرهان السياسي هو ما يكشف حاجة الجميع الى تنفيذ هذا الإتفاق، وعلى تهيئة الأجواء لإتفاقات مقبلة، يمكن أنْ تعالج ماهو سياسي في أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
إن اصرار تركيا على المشاركة في التوقيع، ليس بعيدا عن مصالحها، لأن "مضيق البسفور" التركي سيكون هو الممر الرئيس، مثلما سيكون عاملاً مهماً في تحسين صورة تركيا دولياً، لأنه " سيسهم في إنقاذ ملايين البشر من خطر المجاعة التي حذرت منها الأمم المتحدة" كما قال الرئيس التركي، وحتى دعوة الولايات المتحدة الى السرعة في تنفيذ الإتفاق يعكس مدى حسابات مصالحها، وسعيها للتقليل من خطاب العسكرة التي كرستها عبر اختيار الممرات الأوربية لتوريد الاسلحة الى اوكرانيا، وهو ما أكده المتحدث بإسم البيت الأبيض جون كيربي، بالقول" إن بدء تنفيذ الإتفاق سيحول دون الغرق العالمي في إنعدام أمن وسوء تغذية أكبر" او كما سماها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها " اتفاقية للعالم". الإهتمام العالمي بأزمة الحبوب، وأزمة الطاقة يضعان المجتمع الدولي أمام رهانات صعبة، وأمام اسوء أزمة تواجهها المؤسسات الدولية والدول الكبرى، وأن البحث عن "ممرات آمنة" عن "سياسات آمنة" وعن "حلول آمنة" سيكون دافعا لمراجعات سياسية واسعة، والى تطبيقات تمنع صناعة المزيد من الأزمات، والقيام بانتهاكات تتجاوز حقوق الشعوب في السلم والتنمية، وفي عدم تحوليهم الى شعوب لاجئة، كما يحدث في أوكرانيا، أو كما حدث في دول كثيرة لم تخدمها تغطيات البروباغندا الغربية.