لنِحتفِ برموزنا الإبداعيَّة قبل فوات الأوان

ثقافة 2022/12/28
...

 باسل الخزرجي


تردنا أخبار الموسيقار العراقي والعالمي سالم عبد الكريم وهو يحقق الإنجازات الموسيقية على الساحة العربية والعالمية ونشعر معها بالفخر والانتشاء الوطني، لأن هذا الطائر المغرد بالإبداع والجمال الموسيقي الأخاذ يمثل الوجه المشرق للعراق ويجسد منجزه الحضاري المعاصر بكل اقتدار وهو يرسم الدهشة في أحداق من يستمع لموسيقاه في أرقى وأفخم القاعات الأوركسترالية، ثم يقف بعد كل حفل مزهواً بامتداده الحضاري لأرض العراق التي ما زالت تهب المبدعين الكبار للعالم.

آخر إنجازات الموسيقار سالم عبد الكريم كان قبل أيام في قطر في حدث سيمفوني باذخ الجمال والاتقان في التأليف الموسيقي، إذ اصطف علم العراق مرفرفاً يحمله الموسيقار الكبير سالم عبد الكريم بكل اقتدار لأن موسيقاه العذبة حلقت أمام الجموع الغفيرة من شتى بقاع الأرض وكانت هذه الموسيقى بدايتها كنغم فيه من الشجن العربي الذي مجد تاريخ قطر وصفق له الجمهور. وقد سبق أن قدم هذا العمل في فضاءات القاعة اللندنية الأهم على مستوى العالم في قاعة ( رويال البرت هول) وكانت الكمانات قد أرخت لحلم أو دمع إنساني، إذ كانت روح سالم عبد الكريم التي جاءت من الشواطئ الدافئة من بلاد العجائب (بغداد) مشحونة بالشجن المعبر. 

صفق الجمهور المتعدد الأعراق والثقافات إعجاباً لهذا الموسيقي الذي طاف بمخيلتهم إلى عوالم سحرية ملونة وخلفه وقف ثمانون عازفاً من مختلف بلدان العالم، ولكن من هو القائد؟ إنه العراقي سالم عبد الكريم، تعددت محطات التلاقح بين الموسيقى الشرقية والغربية في لندن وإسبانيا وإيطاليا، وجعل الروح العراقية محلقة في موسيقاه، وبذلك استحضر جميع أساتذته ومن تتلمذ على أيديهم: الموسيقار روحي الخماش وعلي الإمام ومنذر جميل حافظ وشعوبي ابراهيم.. مثلما أشار إلى ذلك الدكتور هيثم شعوبي.  

سالم عبد الكريم خير من يمثل العراق والعرب، وهذا ما قاله أمير قطر في أكبر محفل كروي وهو يهنئ سالم عبد الكريم وإلى جانبه يقف عدد من رؤساء الدول والضيوف الكبار من مختلف أنحاء العالم وهو يقف أمامهم نجماً ساطعاً في محراب الموسيقى. ليثبت للعالم مكانة العراق على العطاء الإبداعي في أرقى صوره المتمثلة بالموسيقى العالمية التي تخاطب كل سكان العالم بلغة الجمال، ويقلب النظرة السائدة في وسائل الإعلام بأن العراق مصدر للفساد والاحتراب والتخلف. 

الواجب الوطني والأخلاقي يحتم علينا دعوة الموسيقار العالمي سالم عبد الكريم والاحتفاء به في بلده العراق من قبل الحكومة العراقية ووزارة الثقافة والجهات المعنية كرمز إبداعي، كي نرد له الجميل لما قدمه من إنجازات كبيرة تصب في رفعة الثقافة العراقية والانتماء الوطني، وأشبه بالتتويج المعنوي أمام ما قدمه للموسيقى العراقية والعربية والعالمية. وكما قال الباحث فلاح حسن "حينما غادر أستاذنا سالم عبد الكريم العراق ليس لعدم قدرة العراق على توفير الإمكانيات للمبدعين التي حرموا منها ولكن لأن العقلية التي تدار بها الدولة منذ عدة عقود هي السبب في بخس حقوق الكبار الذين غادرونا، إذ اضطر أستاذنا لمغادرة الأهل والوطن ولكن كانت وما زالت روحه تحوم حول الوطن".. لنحتفي بمن بقي من رموزنا الإبداعية قبل فوات 

الأوان.