قرن وسبعة وعشرون عاماً من الأحلام

ثقافة 2023/01/02
...

علي حمود الحسن


شهدت صناعة السينما في العالم انفراجاً نسبياً في العام 2022، ودارت حركة الإنتاج بعد توقف بسبب الوباء والحجر الصحي، وانتعشت دور السينما بعروض أفلام، حققت بعضها إيرادات تجاوزت المليار دولار، بينما تسيدت المنصات الرقمية المشاهدة الأكبر، وإذا استثنينا هوليوود وإنتاجها الواسع والنمطي، فثمة رواج لسينما وضعت هموم كوكبنا الأرضي ضمن أولياتها، إذ نجح صناع سينما شجعان في تنظيم وإدامة مهرجانات سينما الكبرى، فتبارى المنتجون بعرض أفلامهم في "كان"، و"فينيسيا"، و"برلين"، فضلاً عن حفل توزيع "الأوسكار" ومهرجانات أخرى توزعت بين قارات العالم  أبرزها: "هونغ كونع"، و "القاهرة"، و "قرطاج" وغيرها الكثير .

ربما الحدث الأبرز من وجهة نظري في 2022، هو عرض الفيلم الأسطوري "افاتار.. طريق الماء" لجيمس كاميرون، وهو الجزء الثاني من معجزة كاميرون البصرية، الذي عرض في بغداد وما زال، وهو بحق مرحلة فاصلة، ليس على صعيد التقنية غير المسبوقة، إنما في ما يبثه من رسائل ورؤى مستقبلية تبشر بعالم ما بعد الحداثة الذي بدت ارهاصاته في عولمة كوكبنا المتكئ أصلاً على ضغطة زر نووي.

أفلام كثيرة ذات محمول إنساني وجمالي تمتعت بمشاهدتها في السنة الفائتة، منها: "مثلث الأحزان" للسويدي روبن أوستلون، والإيرلندي "جنيات اينيشيرن"، و "كل شيء هادئ في الميدان الغربي" الذي أخرجه الألماني ادورد بيرغر ويحكي عن أسى الحروب وخيباتها، ورائعة المخرج المكسيكي المختلف بأسلوبه وطريقة سرده أليخاندرو غونزاليز إيناريتو  "باردو" الذي هو أشبه بالسيرة الذاتية لصحفي ومخرج وثائقي يعاني شرخاً بين هويتين، وطنه الأم ووطنه الثاني أميركا، فيلم آخر من إخراج وتمثيل ويل سميث بعنوان "تحرر للمخرج الأميركي أنطوان فوكوا،  يحكي قصة المستعبد بيتر الهارب من جور العنصريين إلى جيش لينكولن، هذه عينة من عشرات الأفلام التي صدرت في العام الماضي وشاهدناها من خلال منصات البث الرقمي. عربياً ما زالت السينما المصرية تراوح في مكانها، على الرغم من إنتاجها لأكثر من عشرين فيلماً، إلا أن هذه الصناعة العريقة تفتقر إلى مخرجين يمتلكون أسلوباً مميزاً ـ عدا قلة ـ بينما اعتكف مخرجون رواد أو اعتزلوا، ساعد على ذلك اختفاء أو تلاشي دور العرض السينمائية، وهذا الوضع ينطبق على بلدان المغرب العربي.   محلياً ما زال صناع السينما الشباب يكافحون لإيجاد تمويل لأفلامهم وسط فراغ واضح لشركات تنتج وتسوق أفلامهم، التي غالباً ما تكون قصيرة، فليس لها غير المهرجانات المحلية، وهي ليست جماهيرية على أية حال، ثمة بارقة أمل بظهور تيار لصناعة أفلام "الأنيميشن" يقوده مخرجون موهوبون، حققوا نتائج جيدة على الرغم من فقر الإنتاج وضعف التسويق، وبانتهاء العام2022يكون عمر السينما 127 عاماً من الأحلام.