{أفاتار}.. طريق الماء

ثقافة 2023/01/09
...

علي حمود الحسن

شاهدت الأسبوع الماضي فيلم "أفاتار.. طريق الماء"(2022)، في سينما أحد مولات بغداد، وكان عليّ ارتداء نظارة ثلاثية الأبعاد تناسب تقنية الفيلم، ومثلما سحرت بلاد العجائب أليس، وجدتني مشدوهاً إلى عوالم كوكب باندورا، وسكانه الزرق الطوال القامة بذيولهم الأنيقة، وهم يتنقلون على ظهور مخلوقات غرائبية تجوب بهم الآفاق، طبيعة ساحرة، غابات وجبال، أنهار وألوان لا نراها في عالمنا البشري، فجأة تنشل كل حواسك، ويأخذك كاميرون إلى عوالم خياله، التي عجزت التقنيات عن اللحاق بها، إذ احتاج إلى أكثر من 13 عاماً لإنتاج الجزء الثاني من "افاتار" الذي أخرجه في العام 2009  وحقق نجاحاً ساحقاً وإيرادات غير مسبوقة.

كتب كاميرون قصة الفيلم، وخلق عوالم مبتكرة غير مسبوقة، احتاج فيها إلى آلاف الكاميرات والفنيين، لتنفيذ رؤاه التي تناوشت المستحيل، فضلاً عن ميزانية تعد الأكبر في تاريخ السينما، إذ تجاوزت 435مليون دولار، وقد نتساءل: أي مجنون يغامر بكل هذه الأموال في إنتاج فيلم طوله ثلاث ساعات؟، ويتحدث عن كواكب متخيلة بشخصيات معظمها مصنوعة تقنياً؟ الجواب لا يحتاج إلى تفكير، فاسم صاحب "تايتانيك"، و"أفاتار" وأفلام أخرى، كفيل بأن يجعل أكثر المنتجين تقشفاً يوقع شيكاً على بياض لإنتاج أفلام كاميرون المضمونة الأرباح والجوائز.

صور لنا كاميرون في "أفاتار.. طريق الماء" يوتيوبيا خيالية لكوكب أزرق بعيد، يعيش بسلام ووئام من خلال أسرة جاك سالي(سام وريثنيجتون) وزوجته نيتيري(زوي سالدان) اللذين يعيشان في سعادة ويغمران أبناءهما الخمسة(ثلاثة من صلبيهما واثنان متبنيان) بفيض من الحنان والحكمة، لا يعكر صفو الأسرة سوى كوابيس تراود جاك بغزو الأرضيين، لم يستمر الوقت طويلاً حتى غزا رجال السماء بقيادة العقيد   مايلز كواريش(ستيفن لانغ) الذي استنسخوه ليكون شبيهاً لسكان "باندورا" الزرق، وهو قطعاً لم ينس خيانة جاك للأرضيين وانحيازه لشعب النافي، فهبط بمجنزراته الرهيبة وأسلحته الفتاكة على "بندورا"، ليوغل بقتل شعب النافي وتجريف غاباته وحرق منازله، ما اضطر جاك وأسرته إلى الهروب، بعيداً باتجاه قبيلة ميتكاينيا المائية، التي تقبلهم على الرغم من اختلافهم، فهم ليسوا كائنات مائية، ولديهم ذيول، وأطرافهم ليست حراشف، لكنهم تأقلموا مع شعب المرجان المائي، يتعقب أثرهم العقيد كواريش، وحينما يجدهم تحصل مواجهات، إذ يتيقن الشعب المائي أن هؤلاء الذين خربوا كل شيء وقتلوا مخلوقاتهم المائية وحرقوا منازلهم، فهم لا يريدون جاك وأسرته، إنما هدفهم استعمار كوكبهم الجميل، بعد أن ضاقت بهم الأرض، هذا الجزء من الفيلم، الذي وصل فيه إبداع كاميرون وفريق عمله إلى المدى الذي لا ينتهي، فنحن لسنا إزاء فيلم خوارق، أو خيال علمي، بأبطاله الروتينيين، إنما شخصيات- وإن كانت مستنسخة من البشر- أحببناها وتعاطفنا معها وتلمسنا مشاعرها، وهذه ما حرص عليه كاميرون وفريق عمله.