الروائي بوصفه هاوياً

ثقافة 2023/01/09
...

 كاثرين هيوز

 ترجمة: رؤى زهير شكر 

يعرف يوم الروائي الياباني، عادة، بأنه مكون من الجري والكتابة والاستماع إلى موسيقى الجاز والنوم في الساعة التاسعة. إنه لا يضيع وقته في الظهور المتلفز أو في حفلات توزيع الجوائز؛ حيث اعتاد منظمو المهرجانات الأدبية على رفضه لدعواتهم بأدب، فـ (هاروكي موراكامي) شخصٌ لا يفضل الخروج كثيراً.

هذا لا يعني، أن موراكامي يريد الانزواء كُليا عن العالم. في الواقع، ومن نواح عدة، يبدو أنه كان معروفا منذ فترة ليست بالقصيرة كون مذكراته لعام 2007، (ما أتحدث عنه عندما أتحدث عن الجري)، تُعد بمثابة تأمل ليس فقط في ألم ومجد المشاركة في ماراثون لمدينة نيويورك عام 2005، ولكنها كتابة بطريقة مُغايرة عما لا يسميه بصورةٍ مباشرة “عمليته”. لقد عاد الآن مرة أخرى، ولكن هذه المرة ينظر بشكل مستقيم وجاد إلى العمل بأكمله، أو بالأحرى جاد لمهنة كتابة الروايات.

هناك 11 مقالة، تم نشر بعضها سابقاً وكتابة البعض الآخر لهذه المجموعة فقط. لأن كُتاب المقالات يتعاملون مع كل الأشياء التي ترغب في سؤال المؤلف عنها بدءً من رواية الغابة النرويجية، وطائر الريح، أو رواية كافكا على الشاطئ، في حدث غير متوقع، حيث يبدو أنك تمكنت من محاصرته في جلسة توقيعه كتاب فتشمل الاسئلة: “هل من الصحيح مررت بتجربة عيد الغطاس لتتنبأ بأنك ستصبح روائيًا؟”؛ “كيف يمكنك كتابة مثل هذه الكلمات البسيطة التي تدخل في أعماقنا؟” والأكثر جرأة، “هل من الصحيح أنك لا تقدر الجوائز الأدبية، أم أنك لم تفز بهذا العدد الكبير؟».بدايةً، يكرر موراكامي القصة التي رواها من قبل لقرائه، لكنها لا تفقد طاقة تعويذتها أبدا. ففي أحد الأيام من عام 1978، حضر صاحب مقهى الجاز البالغ من العمر 29 عامًا مباراة بيسبول في ملعب جينغو وسط مدينة طوكيو. حيث قام فريقه، (ياكولت سوالوز) ذو الأداء الضعيف، بالتوقيع مؤخرًا مع لاعبٍ أمريكي مجهول يسمى ديف هيلتون، وفي أول ظهور له، قام هيلتون بربط الكرة (بضربة رنين الملعب المُرضية)، وفي تلك المرحلة شهد موراكامي فكرة عيد الغطاس الغامرة: “أعتقد أنني أستطيع كتابة رواية”. غادر المباراة وهو في حالة ذهول وعاد إلى منزله عبر مكتبة حيث كان يتفاخر بقلم حبر غالي الثمن. في ذلك المساء، عانى من الحمى طوال الليل، لكنه شرع في المسودة الأولى لروايته القصيرة (اسمع اغنية الريح).في ما يخص المسألة المتعلقة بالأسلوب، يقدم موراكامي وصفاً ليس عاديا لكيفية عدم تمكنه في البداية من إنتاج صوت أدبي يمكن اخذه بعين الاعتبار. لذلك قام بترجمة إحدى فقراته شديدة الصعوبة والمثقلة بالأعباء إلى الإنكليزية البدائية إلى حد ما، ثم اعاد ترجمة النتيجة مرة أخرى إلى لغة يابانية بسيطة مماثلة. وبضربة واحدة وجد الصوت المشهور “الحيادي” غير المزخرف والذي ترجم إلى عشرات اللغات الأخرى، مما جعله أحد أكثر المؤلفين قراءة في جميع أنحاء العالم.

وعن الجوائز الادبية، يعلن موراكامي أنه يعتقد أنها ليست مهمةً، هذا ليس لأنه لم يفز بالقدر الذي قد يتوقع؛ الحقيقة هي أن جاذبية الحدث، والاضطراب النفسي والجسدي الذي ينطوي عليه، من شأنه أن يسبب مشاكل أكثر مما يستحق. فيذكر موراكامي “يمكن للجائزة الأدبية أن تسلط الضوء على عمل معين، لكنها لا تستطيع بث الحياة فيه. بكل بساطة. وبصراحة، ربما يكون كذلك. لذا ننهي المقالات الجميلة التي نتعهد بألا تدع الحياة أو الكتابة تصبح معقدة مرة أخرى.

صحيفة الغارديان