الفن والرياضة

ثقافة 2023/01/11
...

سامر المشعل 

لم تكن علاقة الفن بالرياضة حديثة العهد، إنما تمتد إلى العصور التاريخية البعيدة، وأوضح صورها تتجلى في الحضارة الإغريقية، التي أنتجت لنا الشعر والفلسفة والمسرح، إضافة إلى شعلة الأولمبياد، التي باتت تقليداً متبعاً إلى اليوم، ويقوم أحد العدائين المشهورين بإيقاد شعلة الأولمبياد إيذاناً بانطلاق البطولة. النار المشتعلة ترمز بحسب الميثولوجيا الإغريقية إلى سرقة النار من الآلهة وإعطائها إلى البشر.

بالوقت الحاضر أصبحت علاقة الفن بالرياضة وثيقة الصلة، بل هي علاقة تكاملية، فمن غير الممكن أن تقام بطولة رياضية ما لم ترافقها فعاليات فنية متنوعة. وتتجه الأنظار في كل بطولة إلى حفل الافتتاح، فهو العنوان الأوسع لها. استطاع العراق أن ينجح في حفل افتتاح خليجي 25 بالبصرة، وينتزع الإعجاب من عيون المشاهدين من خلال ما قدم من فعاليات على مستوى السينوغرافيا والتمثيل والأوبريت والشعر واللوحات الراقصة والمعبرة والتقنيات، ما جعل الجميع يصلون إلى قناعة بروعة الافتتاح ونجاح البطولة، رغم ما شابها من بعض الثغرات التنظيمية وضعف أداء المنتخب العراقي في أول مباراة له.

ولتأكيد عمق الترابط بين الفن والرياضة فإن موضوعة حضور الفنان كاظم الساهر إلى البصرة ومشاركته في حفل الافتتاح أخذت جدلاً واسعاً فاق كل حديث عن جوانب البطولة الأخرى، وكان أجمل رد في هذا السجال الذي ملأ صفحات التواصل الاجتماعي، ما قاله محافظ البصرة أسعد العيداني: "كاظم الساهر إذا حضر فهو إضافة نوعية، وإذا لم يحضر فهو ابن العراق"، فكان الرد يتسم بالحكمة والاعتدال بعيداً عن الانفعالية التي تغلف الطبع العراقي.

الفنان والرياضي هما الواجهة الحضارية لكل بلد، وسفراء بلدانهم، والفن والرياضة هما الأكثر شعبية  ومن شأنهما أن تجتمع حولهما الشعوب وتخفق بحب الوطن وتطير معهما المشاعر فرحاً أو حزناً.

نجوم الفن والرياضة أيقونات دالة على بلدانهم، بل الرياضي الموهوب والفنان المبدع يلتصقان باسم بلدهما ويكونان عنوان فخر واعتزاز له، وأغلب سكان الأرض يعرفون اسم ميسي وهو أرجنتيني، ولا يعرفون اسم رئيس الأرجنتين، ويعرفون رونالدو وهو برتغالي ولا يعرفون رئيس البرتغال، ويعرفون نجمة الغناء شاكيرا الكولومبية، ولا يعرفون من هو رئيس كولومبيا، ويعرفون اميتاب الهندي، لكنهم لا يعرفون من هو رئيس الهند. نجوم الفن والرياضة والثقافة هم سفراء يمثلون بلدانهم بأبهى صور التمثيل والناس تتفاعل معهم بحب واحترام أكثر من أي شخصية أخرى. في الواقع أصبحت الرياضة جزءاً من ثقافة بعض الشعوب، وأخذت الدول تشجع على ممارسة الرياضة المجتمعية وتعمل على وضع الممرات والساحات والحدائق لممارسة الرياضة. كذلك أصبح درس الموسيقى جزءاً مهماً لا يمكن الاستغناء عنه، ضمن المنهج التربوي في بلدان أوروبا وأميركا لما له من أهمية في تحفيز الذكاء والخيال وتحديد سلوك الأفراد.

والجدير بالذكر أن المنتخب البرازيلي يتمرن على إيقاع موسيقى السامبا. فعندما نتحدث عن علاقة الفن والرياضة والثقافة، كأنما نتحدث عن علاقة الروح والجسد والعقل، إذ لا يمكن 

الفصل بينها.