الشّاعرُ الذي يغرقُ في كُلِّ الأوقات

ثقافة 2023/01/17
...

 ملاك أشرف

ليسَ بإمكاننا أن نعرّفَ الشاعرَ الذي يغرق في كل زمان ومكان إلا بتعريف واحد، وهو الشاعر الذي لا يتحمل وطأة الحياة وأعباءها بأكملِها، بطبيعتِها وببشرها فيتملصُ إلى الموت ويجابهها بهذه الطريقة الحالكة والباردة كما الحياة تماما، هو الفنّ الفريد المتقن من قبل الشعراء والمرادف الأخير المتبقي لهم للخلاص والنجاة من المأساة، لكنهم باتخاذ الموت وسيلة سريعة للفرارِ والتحرّرِ من سجونِ الحياة ومرارتِها يرومون إلى جعل الحزن وحيدا، بلا رفيق في ليالي الشجون المطفأة والتعساء، والتخيل المراد منه تأكيد حقيقة العالم والنفس الإنسانيَّة الملتاعة من وجودهم المفعم بالإرهاق والداء.

يظنُّ الشّاعرُ بمُجرّدِ تخليه عن العيش ومُغادرة الواقع اليوميّ بأنهُ انضمَّ إلى هامشِ النّسيان المُعتاد، فيبدأُ بترديدِ العبارة الآتية: موتي، لا يسألُ عنهُ أحدٌ! وكأنَّما كانَ في الحياةِ من دونِ إهمالٍ ولا حتّى إغفال وإقصاء، لا يستطيعُ تصديقَ غياب الآخر المُحبّ عن وتيرةِ أيَّامه أو مماته المقصود، الشّاعرُ هو مَن يقتلُ نفسهُ، أمّا عن طريقِ تراكم الأحزان وترسبات الماضي العنيد المُطارد لهُ باستمرار أو من خلالِ قراراته العاطفيَّة المُلاحقة لمدنٍ وأشخاص لا يرغبونَ بهِ ولا يريدونَ الالتفات لهُ مهما جرى في الحال، فضلًا عن لُغتهِ ولُغة المُقابل الخائنة لتلكَ الذّات المُرهفة والحسّاسة، الّتي تضيءُ للغرباء والمُخاتِلين كي ينكروها ويحطموها، فتغرقُ وتغرقُ من بعدِ كُلِّ هذا بلا انتهاء.

يولدُ الشّاعرُ وهو غريقٌ ويزدادُ هذا الغرق بأوّلِ قصيدةٍ يكتبُها بما أنها تجربةٌ شديدة السّواد، بدايةٌ لتخليدِ الخيبات، تقمُّصاً لشُعراء مُماثلين أكثر رغبةً في الاختفاء ومُحاكاة لأشياء مُشابهةٍ تكادُ تسعفهُ وتُبَطِئ الوصول إلى القاع كما يرجو لكنها تبدو للثاني أقوى قتلًا وخواء. نختزلُ ونوجزُ هذا الوصف عن الشّاعرِ الغارق بمقطعٍ من قصيدةٍ خاي زِي: «كانت الجثةُ بدايةَ الأرضِ من جديد/ لَمْ تكن الجثةُ غاضبةً أو مريضةً/ بل كانت تحملُ إرهاقًا، كآبةً، وموهبة».

ينقلُ مثل هذا النّوع من القصائدِ سيرة الإنسان الذّاتيّة، التّجربة الشّخصيّة الفرديّة، التّعريّة الرّوحيّة، والاعتراف الصّادح كذلك بعيدًا عن زيف وطلاء الشُّعراء الكثيرين، إذ بتنا ننفرُ منهم وننفي شاعريتهم المُصطنعة، المُزَوَّقة، والمُشتغل عليها لدفنِ الذّات والحقيقة في أعماق الفضاء الشِّعريّ ومن ثُمَّ تمرير ظاهرها لنا بتسلّلٍ؛ لإيهام القارئ بنصٍّ لا علاقةَ لهُ بهمومِ وخذلان وأسى الشّاعر وتجاربهِ كافّة، هو نفسهُ يتبرأُ ممّن يدّعي كتابتهُ ويتذمّر من الاحتيال والهيكل الأجوف الخالي من المعنى والفكر، المَطْرُوح بينَ أقرانهِ من النّصوص في ذلكَ الميدان الشّاسع المُمزق، والمُكتنف لكُلِّ مَن أقبلَ ونأى الآن.فبعدَ انتحار الشّاعر الصّيني خاي زِي، اكتشفوا عبرَ تلكَ القصائد، المدوِّنة من أجلِ تسجيل اللّحظات وسكب الذّاكرة وسفح الدّم الحزين على الأوراق، شخصًا نقيًّا، بارعًا، هشًّا، متململًا ووحيدًا في الوقتِ نفسه، اهتمامه بأبسطِ التّفاصيل المُهمّشة وإيمانهُ بالأشياء الرّفيعة والسّاطعة هي مَن دفعتهُ حتّى النّهاية إلى الخلود ونجاح المسيرة الإبداعيّة الشّاقّة.لعلَّ الشِّعرَ يكون طبيعيًّا واعتياديًّا بالمعنى الخارجيّ إلّا أنهُ خطيرٌ في خلفيتهِ ومعناهُ المُبطن البائس وهذا ما جنحَ لهُ شِعر خاي زِي اليائس، وما جهلهُ القارئ العادي السّطحيّ والدّارس غير الفطن والمُتبصِّر لثناياه.

ما بيّنوهُ من الاضطراب والقلق الوجوديّ والصّراع الدّاخليّ جراء تسليط الضّوء الهائل على قصائدَ الشّاعر؛ يتمثَّلُ في منفاهُ والابتعاد عن مسقطِ رأسه الأثير، غمرهُ الحنينُ الّذي لَمْ يتخلّص منهُ خاي زِي بشعورٍ جافٍ وخانقٍ، ينطوي تحتَهُ اشتياقًا كبيرًا وطيفًا مُتبرِّمًا، حيثُ أمسى الألمُ أقوى من إرادتهِ وقدرتهِ على التّحمل والتّجاوز- بالكلمةِ الحرفيّة التّناسي- وأبخل إعطاءً للفرصِ؛ بغيةَ طَّرح الحمولة المُكلفة والثّقيلة عن ظهرهِ، لذا غرقَ في نهرٍ آخرَ مُترع بالصّبابةِ والكَدَّر وعلى حدِّ تعبيره لقد خانَ كُلٌّ منّا مسقطَ رأسه، إنَّ الموجَ اليومَ عالٍ حقًّا.

يقولُ صديقهُ (شي تشوان): «يمكن لأيّ شخصٍ كانَ قريبًا منهُ أو قرأَ شِعرهُ أن يشعرَ بتغيّر الفصول الأربعة، واتجاه هبوب الرّياح، ونمو القمح، إشراقة وعتمة الأرض، الدّفء والمُعاناة، ذلكَ ما شكَّلَ جوهرَ حياته».

على الشِّعرِ أن يكونَ أسلوبًا خاصًّا وكاشفًا عن جوهرِ المرء وما يحيطُ بهِ، أن يشقَ من ثقافةِ الشّاعر ثقافةً ونمطًا مُغايرًا إجمالًا، على الشِّعرِ أن يكون صوتًا ونبعًا واضحًا أيّ شفّافٍ وليسَ نداءً وهنًا مُرتجفًا؛ لمّا عليهِ من ركاكةٍ وفراغٍ وكذب تغطيه قماشةٌ ملوّنةٌ ومُزخرفة من الكلمات المُقَنَّعة، ومثلما يجرفُ الجدولُ المُسرع الورقةَ الخريفيَّة الذّابلة والمُتكسِّرة هو أيضًا سيلقى المصير ذاته، النّبعُ الشفّاف خاي زِي باختصارٍ وبأقربِ مثال، والحجر الرّئيس في ثباتِ شِعرهِ المُتدفّق آنذاك على الدّوام.

نحتاجُ إلى صورٍ شعريَّةٍ نعانقُ فيها أنفسنا قبلَ كُلِّ شيءٍ، أن نراها مواساةً وجزءًا منّا ونجومًا لامِعةً تعتلي شُجيرات سنواتنا الكئيبة والمنسيَّة، تصبحُ دليلًا ووحيًّا شِعريًّا لنا، تجعلُ النهرَ يجتاحُنا ويقودنا آجلًا للإبحار لا تصوّر النّهرَ كيف يهتاجُ فقط!هؤلاء المُشابهين لخاي زِي لا يقدرُ أحدٌ أن يصرحَ بنكرانِهِم أو نفيهم أو يتّهمهم بالوجودِ غير الفعّال والوهميّ وكما لو أنهُ استشعرَ هذا فقالَ في إحدى قصائدَهُ: «لا يمكنكَ القول إنَّني لا أملكُ شيئًا في هذا العالم/ لا يمكنكَ القول إنَّ يدي فارغتان».

ورغم ما يتسمونَ بهِ ورغمَ شِعرهم المُقطر فلَمْ يحظَ أحدُهم بما حظاهُ المُترف وصاحب النّعيم السّاذج ممّن كتبَ بزيفٍ وقبحٍ وأقنعة، بل كأنَّ واحدهم يعي عبارة ميلان كونديرا عندما ردَّدَ وهو مُستلب الإرادة إزاء أولئكَ المُنَعَّمين السُّذَّج: «كنتُ أدرك بأسى ومرارة أنهم يحلّقونَ مثل الطّيور في حين أسقطُ أنا كحجرٍ، كانت لهم أجنحةٌ لن تكونَ لي أبدًا».مثل هذا الشّاعر يستحيلُ إلى ظلٍّ، ظلٌّ يتلاشى متى ما يشاء ويريد ومن خلالِ رؤية التّلاشي والتّقلّص يكون بمقدورهِ التّعبير ببراعةٍ وفنٍّ؛ لذا على الشُّعراء أن يتذكّروا بأنهم ليسوا أكثر من عدمٍ وباتوا يقلّونَ حياةً ونبضًا بمرورِ الوقت لِيتمكنوا من الكتابةِ والهروب عبرَ نافذةِ الشِّعر والشِّعريّة وتفادي الدّروب، ذات الأحجار الرّاكدة والجامدة الّتي تخلو من الشّقوقِ المُحرّكة للمرءِ بهدفِ تعثره وتشكيل الصّحوة الرّوحيّة المُنعشة للعقلِ والضّارمة للوجدانِ وبمعنى آخرَ يتوارى منهُ خاي زِي ويصفهُ حينها قائلًا: «كراهبين شرسين أضرما النّيرانَ في أرضِ أقحوانٍ بريٍّ.. حالُ فُؤَادي هذا العام». نستحضرُ بفضلِ صراحتهِ المُطلقة قدرة الأشياء الشّرسة على خلق ودفع إنسان أقحواني رقيق إلى السّاحةِ الثّقافيّة والأدبيَّة أو تبدو الشّراسة كطاقةٍ افزاعيّة تتمحورُ حولَ بجعةٍ بيضاءَ ذكية بغيةَ تحليقها في سماء الشِّعر الاعترافيّ العاريّ، بيد أنها ستغدو نتيجة ذلكَ التّحليق رُفاتًا مُمتدًا تمنحهُ لمَن يفتشُ عن أصغر وأدقّ التّفاصيل لتسجيلَ لحظةَ تطايرهُ والسّعي لخلودِ نغمتهِ أو رسمه كجرحٍ وحبسه في لوحةٍ من قبلِ رسامٍ حريصٍ، قلبهُ خالٍ من الأصدقاءِ والأحبّة.يبدو أن الشِّعر يُعينه على احتمال أثقال الحياة ويُغالب بِهِ وقاحتها وصفعاتها وغوائل الدّهر، هُنا يكون الشِّعرُ شافيًّا وسِكينًا في آنٍ واحدٍ، بنبرةٍ مُتهدّجة يبثُها من خلالهِ، أشبه بوقعِ حصى في بئرٍ يخبرُنا وقتئذٍ بالألم والتّعاسة كيف ينبعانِ من مياههِ السّاكنة الغامضة.

من الصّعبِ الوقوف على جميعِ قصائدَ كتاب (أحتضنُ نمرًا أبيضَ وأعبرُ المحيطَ) لخاي زِي وبترجمةِ يارا المصريّ أو تحليلها كُلّيًا، لا سيّما في مقالةٍ حزينة ومَغْمُومة وطولها محدود مثل هذهِ إلّا أن هُناك قصيدة يهربُ فيها إلى العتمةِ الهجينة وأيًّا كانَ الّذي يسيرُ مُنكسرًا مُغتربًا هي مَن تلاقيه، إذ كتبَ: «سربُ الطّيور الّذي يشبهُ قطراتِ المطرِ الأسود/ حلَّقَ من الغسقِ إلى اللّيلِ المُظلم/ وكانَ اللّيلُ المُظلمُ خاليًّا من كُلِّ شيء/ فلماذا يمنحني المواساة؟» يطمحُ في هذا المقطع من (قصيدةُ اللّيل) أن يظهرَ هشاشتهُ وهجراته جراء البحث عن التّوطنِ كالطّيور وتنقلاتها الدّائمة للاستقرار فهي تشبيهٌ واستعارة عن ذاتٍ لا تنفصلُ كثيرًا عن اغتراب المُحلق الأبديّ (من الغسقِ وحتّى زوال الظّلمة)، يُنبه على أنهُ جزءٌ من اللّيلِ فما معنى المواساة وماذا ستمنحهُ وهو لا ينفصلُ عن الظّلام، سؤالٌ يضمرُ في داخلهِ سخريةً لاذعةً ممزوجة بالأحزان، ينهي القصيدة بقولهِ: «أسيرُ في الطّريق/ وأغني بكُلِّ ما في صوتي من قوَّة/ والرّياحُ العاصفةُ تهبُّ على التِّلال/ وفي الأعلى السّماءُ اللّامُتناهيّة». 

تتدفقُ الأفكارُ عندَ السّيرِ على الطّرقات فيشغلُ الغناءُ ذهنهُ ويكون بمثابةِ بوح وإزاحة للهمومِ ولو قليلًا أثناء رؤية السّماء الفسيحة، غير المحدودة على الإطلاق، ترتدي فضفضتهُ نزعةً من العدمِ واللا مُبالاة وإدراك كم العالم خاوٍ وتافه ولا يرسلُ السّلوان، والشّاعر غارقٌ وسوف يضمحِلُّ لا مُحال.

خاي زِي شاعرٌ مجهول أو حُكم عليهِ أن يظلَّ في حيّز النّسيان، ثمّة شُعراء قدرهم نيل السّمة المنسيَّة، مَن ينظرُ إلى القصائدِ يرى تركيبها يذوي كما تذوي الزّهرةُ عندِ العودةِ إلى المنزل؛ نتيجة رونق المعنى الطّفيف، شبه الباهت، واشتغالها البسيط والتّلقائيّ- استرسال وفيض لُغويّ شاعريّ عفويّ- الكتابةُ يعدُّها عمليةَ صيدٍ طبيعيّة وإمعان، يستمدُّ من الواقعِ عناصر الشِّعر ويعكسُ غالبًا أناهُ فيها بشكلٍ مُتماهٍ لا يدركهُ القارئ بسهولةٍ، حيث أضمرَ خاي زِي أنساقًا خطيرةً ومُريبةً فعلًا، يدسُّ في كلماتِهِ ومُفرداتِهِ طرائقَ مُتعددة ومضمونة للانتحار، يمررُها لنا من دونِ شعورٍ كبيرٍ ودراية فطنة بِها، نحو: «كانت جثتي الغارقةُ في البحر..» رغم أنهُ أهملَ الطّرائق الانتحاريّة الشّاعريّة واتجه إلى طريقةٍ وحشيّة، قاسية وصادمة كما عاشَ في الحياة، ألقى بنفسهِ أمام سكةِ حديد القطار بشجاعةٍ لا نعلمُ من أين تواتيه، مكانٌ مُناسبٌ للانتحار، يا للخيبة!

برأيي نحنُ النقّاد والشُّعراء معًا بشرطِ أن نكونَ أمواتًا وعلى وشكِ التقلّص والنّفاد يحقُ لنا الحديث والنّقاش حولَ موت الآخرين، يمكننا نقد أعمالهم وتخمين وقائعهم واقتراح ما يجب بشأنِ أحوالهم الخاصّة وغرقهم الدّائِب، اِسْتَجْلَبُ ما ذكرتهُ يارا المصريّ عن الشّاعرِ خاي زِي، الأنموذجُ المُلائمُ عن الشّاعرِ الغريق: «أتمنّى لو أنهُ كانَ حيًّا، قادرًا على تجاوز حساسيته الشّديدة تجاه العالم وقادرًا على التّغلبِ على حزنهِ وموجات كآبتهِ وظروفهِ، فما هي سوى الحياة، مُجرّد ملجأ للنظر».

وأنا أقولُ لو أنهُ عثرَ على الحُبِّ الصّادق والاحتواء العميق والاحتضان الحميم فضلًا عن الكتفِ، الّذي ينتظرهُ للاتّكاءِ عليهِ والبكاء وقتما يحتاجُ لما فقدناه بهذهِ الطّريقة المُروّعة والبربريّة، والأهمّ كم سنفقد بسبب الافتقار إلى الإنسانيّة والتّعامل السّليم والصّائب والحُبّ الفائق من الآخر؟! رُبَّما الكثير، أكادُ أجزم بالكثير.

هؤلاء قلوبهم لا تحتملُ ضَربةً ثقيلةً ولا حتّى إهمال وتغافُل وإبعاد بليد؛ لذلكَ قالَ خاي زِي: «أرجو أن يحبَّ أحدُهم قلبي». استسلمَ حَسب ما يقتضيه أُفُول الحُبّ ومضى وحيدًا يحنُّ إلى الموتِ بينما يجتمعُ النّاسُ على ضفّةِ النّهرِ ينشدونَ للحياةِ ملء أصواتِهم ولا يبالونَ ولا يعترفونَ بمن يُعاني ويبدع ويُلهم كخاي زِي، هذهِ حقيقة الشُّعراء الغَرقى، إني لأحسبهم أشباحًا يسيرونَ في دروبٍ كثيرةٍ، ينكرونهم ولا يهتمونَ بِهم الحمقى، وهذا من ثمَّ يُعَاونهم في كتابةِ الشِّعرِ ويقتلهم رويدًا رويدًا أو بالأحرى يدفعُهم إلى انتِقاء الرّحيل الشّنِيع فورًا، وإلقاء الأشعار خلفَ ظُهُورهم لِتلمسَ النّدى يومًا وتلمح النّور وتُنعش الذّاكرة وتخطّ الجِسور؛ للعبورِ بوَساطتِها إلى عوالمَ وأزمان في غايةِ الدّهشة والعزاء.