فنانٌ عراقيٌّ يُطالب بإعادة الثورِ المُجَنَّحِ إلى العراق

ثقافة 2023/01/25
...

 ماثيو ويفر 

 ترجمة: مي اسماعيل 

 

قال الفنان "مايكل راكويتز-Michael Rakowitz " إنه سيُعطي تمثاله المعاصر للثور المجنح (الذي عرض على المنصة الرابعة في ساحة الطرف الأغر بلندن) الى متحف "تيت" للفن الحديث؛ إذا كان بإمكان العراق تقاسم الوصاية عليه مع بريطانيا، اقترح الفنان العراقي- الاميركي  "راكويتز" في رسالة الى المتحف البريطاني أن يعيد المتحف أحد الكنوز الآشورية القديمة الى العراق؛ في مقابل تبرّعه بتمثال الثور المجنح المعاصر الذي انتجه بعنوان "لا يجب  أن يكون العدو الخفي 

موجودا" الى بريطانيا. 


عُرِض تمثال "راكويتز"؛ وهو ترجمة معاصرة للثور المجنح الآشوري (المعروف باسم: لاماسو- lamassu)، الذي زيَّنه بعلب معدنية لدبس النخل العراقي، على المنصة الرابعة في ساحة الطرف الأغر بلندن، للفترة من سنة 2018- 2020. وافق راكويتز مبدئيا على إهداء التمثال لمتحف "تيت مودرن" على أساس أن يشترك بالوصاية عليه مع العراق. لكن كجزء من الصفقة قال ان على المتحف البريطاني إعادة واحد من تمثالي الثور المجنح الآشوري لديه الى العراق؛ والتي اكتشفت في نينوى على يد الباحث الآثاري من العصر الفكتوري "السير أوستن هنري لايارد". يقول الفنان إنَّ إرجاع واحد من تلك الكنوز من شأنه المساهمة في استعادة التمثال، الذي يعود لنحو 700 سنة ق.م.، والذي كان يقف عند بوابة "نركال- Nergal" في نينوى. ترك لايارد التمثال في موقعه بنينوى؛ لكن جرى تدميره عمدا على يد مقاتلي ما يسمى بالدولة الاسلامية في هجوم على متحف الموصل عام 2015. 

من المتوقع ان يكون مقترح راكويتز ضمن جدول أعمال زيارة وزير الثقافة العراقي الجديد "أحمد فكاك" إلى لندن الشهر المقبل؛ حيث من المتوقع ان يقوم بجولة في المتحف البريطاني. 


إصلاحٌ.. وليس تعويضاً

في رسالة الى المتحف البريطاني شرح فيها عرضه؛ قال راكويتز: "حينما فكرت في هديتي الى بريطانيا العظمى؛ بدأت أتصور أنه يمكن إرفاقها بهدية ثانية؛ إعادة واحد من الثيران المجنحة في المتحف البريطاني الى دولة العراق؛ ليحل محل تلك التي دمرها داعش". ومضت الرسالة: "بالنظر لكل ما جرى تدميره في العراق، وتقاطع ذلك الدمار مع شهية الغرب النهمة لأشياء الشرق؛ بينما لم يمتد هذا الاهتمام دائما (إذا امتد اطلاقا) إلى شعبه.. تلك الاعادة لأثر أصلي ستكون أكثر من مجرد تعويض؛ بل ستكون إصلاحا..". 

قال راكويتز إنَّ المتحف البريطاني رفض الفكرة بداية، حينما اقترحها أولا عام 2020، وقيل له ان المتحف أسهم في انتاج نسخ من الآثار الأصلية. ومضى الفنان متحدثا: "قلت لنفسي: هذا جنون سخيف؛ فأين هي الكرامة بإعادة هذه الأشياء التي هي في الأساس قشرة من الأصل". ولكن منذ ذلك الحين بدا مسؤولو المتحف أكثر تعاطفا، كما يرى الفنان.. يقول: "كنت عموما على علاقة طيبة مع بعض مسؤولي المتحف البريطاني؛ من غير المتأثرين في الباطن بالمنظور العام بأن الأمور لا يمكن أن تعود للوراء. 

واصبحت المناقشات والمطالب تدور حول اختراق بعض نواحي اللغة التي تحمي هذه الأشياء والمؤسسات". ويقول راكويتز ان مسؤولي متحف تيت للفن الحديث يتحركون وراء الكواليس لمحاولة تحقيق الامر: "وافق متحف تيت بصورة غير رسمية ان يوجه ضغطا على المتحف البريطاني لإعادة أحد الثيران المجنحة؛ وكانت ادارة تيت متعاطفة جدا مع العرض. وحينما توجه الفنان الى مسؤولي وزارة الخارجية العراقية حول عرض منحوتته؛ قال انهم كانوا حريصين على إعادة الثور المجنح القديم الى العراق: "لقد أحبوا المنحوتة الجديدة؛ لكنهم لم يرغبوا ايضا بترك المملكة المتحدة تفلت من المأزق، وأنهم يريدون عودة التمثال الحقيقي. لندن لديها الآن تمثال ثور مجنح واحد أكثر من اللزوم؛ لذا يحتاج واحد منهم العودة إلى العراق". 


التعافي بعد الصراع

تقول "إليانور روبسون" أستاذة تاريخ الشرق الأوسط القديم في جامعة كوليدج بلندن، انه يبدو ان المتحف البريطاني بدأ يلين موقفه من إعادة الكنوز إلى بلدانها الأصلية؛ وسط مناقشات حول مستقبل منحوتات معبد البارثينون (في أثينا. المترجمة): "يبدو ان المزاج العام بات في تحوّل". تمضي روبسون قائلة (وهي ايضا كبيرة محققي "شبكة النهرين" العاملة على التعافي الثقافي بعد الصراع في العراق ومضيفة زيارة الوزير العراقي "فكاك": "يعد تجديد متحف الموصل على رأس جدول أعماله؛ إذ تعرض لأضرار بالغة من قبل داعش. هناك الكثير من التخطيط حول ما يمكن عمله في المتحف؛ واحدى الاحتماليات أن لاماسو راكويتز قد يأتي على سبيل الزيارة.. وسيكون للوزير أن يقرر". لكن من غير الواضح ما اذا كان الوزير سيضغط لإعادة الثور المجنح الاصلي الى العراق. أضافت روبسون: "من الجيد أن يكون لدينا أشخاص مثل راكويتز، يأتون لإثارة الأمور وبدء النقاش".

لم يلتزم المتحف البريطاني بتسليم أي من الثيران المجنحة الأصلية إلى العراق؛ لكنه لم يستبعد أسلوب صفقات الإعارة. وقال المتحدث باسم المتحف: "لقد عملنا عن كثب لدعم الطلبات العراقية بالحصول على نسخ طبق الأصل من اللاماسو، لتوضع في واجهة مكتبة جامعة الموصل، ومؤخرا- في متحف البصرة؛ حيث عملنا بالشراكة معهم منذ نحو عقد من الزمن. قد يشمل التعامل المستقبلي التعاون في مجال المعارض واعارة الآثار؛ وهو ما يرحب به المتحف".


صحيفة الغارديان البريطانية