عروض شراء الكتب.. تخفيضات تروّج للرداءة والتزوير

ثقافة 2023/01/25
...

 بغداد: نوارة محمد 


«اشترِ 5 كتب بـ 15 ألف دينار واحصل على السادس مجاناً”... سرعان ما غزت الاعلانات الترويجيّة الممولة منصات التواصل الاجتماعي. بدت هذه العبارات شائعة في “الفيسبوك وإنستغرام”، والوقوع بهذا الفخ لم يعد صعبًا. إذ تفتتح عوالم التكنولوجيا بوابة تسويق الكتب بطرق الكترونية حديثة وأصبح تقديمها كمجموعات مع عُلبُ الهدايا من الحيل الناجحة لجذب الزبون.

الغريب بالأمر أن التجاوب الذي تبديه الأوساط المهتمة بجمع الكتب بدا ملفتا للانتباه، إذ إن الإقبال على شراء هذه النوعيات الهابطة بهذه الطريقة التجارية البحتة شاع في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ رغم أنها كتب رديئة وغير مقروءة ومزورة على الأغلب، وبهذا فإن تجارها ليسوا مُلزمين بفرض تسعيرة عالية.

 يقول مدير دار قناديل للنشر والتوزيع حسين مايع “تعد ظاهرة تجارية بحتة، وسباقا بين (بعض) أصحاب المكتبات وصفحات التوصيل، لأجل البيع فقط، وهذه الكتب في الأعم مزورة، أي مستنسخة من دون إذن الناشر الأصلي، أو تكون كتبا لا تحوي قيمة علمية أو ثقافية، وتأثيرها سلبي على المشتري”. 

ويرى آخرون أن العالم الإلكتروني الذي أتاح فرصة تداول الكُتب بطرق غير شرعية ليس حديثاً، إذ تتصل هذه الظاهرة بسلسلة طويلة شهدها العالم سابقا، وهو يتيح توزيع الكتب وتوفيرها بأسعار زهيدة لأسباب سياسية ودوافع فكرية تزامنا مع ظروفه، ما نشهده اليوم وجهاً آخر لكن بصورة مختلفة عبر محركات البحث. 

من جهته يقول الكاتب يوسف أبو الفوز، “تحولت وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أرض مزدحمة بالأسواق التجارية الشرعية وغير الشرعية، إنها فن ككل شيء آخر، وتجارة الكتب لن تنجو من هذه الموجة، إذ إن توفير الكتب بأسعار زهيدة، مرفقة بهدايا، ليس بالأمر الجديد، ففي سنوات الحرب الباردة سعت وكالة المخابرات المركزية الامريكية، لنشر وتوزيع كتب ومطبوعات بطباعة أنيقة وورق فاخر، وبأسعار زهيدة، ترتدي موضوعاتها مسوح المطالبة بحرية الفكر والديمقراطية، ولم يكن هدفها الأساس سوى زرع الشكوك بكل ما ينادي به الطرف الآخر، ما عرف بالمعسكر الاشتراكي، وفي مقدمة ذلك الاتحاد السوفياتي. وفي الشرق الأوسط، في مصر مثلاً، نجد أن الأخوان المسلمين في فترات معينة نشطوا في توزيع الكتب مع ضمان التوصيل لبيوت طالبيها وبأسعار رمزية وأحيانا كثيرة توزع مجانا. 

كل هذا يدعونا للقول إنَّ علينا معرفة أولا من يقف خلف توزيع الكتب؟ من هو الممول؟ ومن هو داعم تخفيض الأسعار؟ عندها سنتعرف على دوافعه وأهدافه. ما يحدث اليوم حالة تشويه للثقافة إذ إن سرقة الأفكار ونشر الكتب بطرق رديئة لا يعكسان سوى حالة الخراب وهو يتجسد في كل مقومات الحياة”.

وتؤثر ستراتيجيات التسويق  للكتب عبر وسائل التواصل سلباً في الإنتاج، إذ يؤكد مدير دار سطور بلال محسن أن “الترويج لهذه الكتب بأسعارها الرمزية يؤثر سلباً في إنتاج الكتاب بنسخته الأصلية وربما تتوقف الدار عن طباعة الكتب بسبب ضعف التسويق ويحدث هذا نتيجة الفوضى التي يواجهها العالم العربي، ولا سيما العراق الذي يكاد يخلو من الرقابة التي تفرضها الجهات المعنية”. ويتابع “تجذب هذه الظاهرة قُراء الجيل الجديد ممن يحرصون على قراءة الكتب الرائجة والتي تصنف ضمن الكتب الاعلى مبيعاً في العالم، وهذه كذبة كبيرة وخدعة رائجة. إن أصحاب هذه المكتبات يجذبون الجمهور الشعبوي الذي لا يكترث لما تقدمهُ هذه الكتب الهابطة”.