مشروع الشارقة الثقافي

ثقافة 2023/03/01
...

  بغداد: الصباح 

احتفاء بمشروع الشارقة الثقافي العربي ورسالته العالميَّة، ومحاولة لرصد تجربة الشارقة كعاصمة للثقافة والفنون، صدر حديثاً عن ميتافيرس برس كتاب تحت عنوان {أبجدية الإبداع.. مشروع الشارقة الثقافي} للشاعر والإعلامي محمد غبريس، يتناول فيه الإنجازات والأنشطة والمبادرات والمشاريع الثقافية المختلفة، والجهود التي تبذلها مدينة الشارقة في مجال النشر والطباعة ودعم الكتاب والمجلات الثقافية.

فضلاً عن دورها في تعزيز المعرفة وعطاءاتها في مختلف مشارب الإبداع الفكري والفني، والذي يعبّر عن صورة الفعل الثقافي في الشارقة. 

وأكد غبريس أنه عندما وضع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة اللبنة الأولى لمشروع الشارقة الثقافي، كان يتطلّع إلى الغد بعيون ثاقبة وحكيمة ورؤى نيرة وواضحة، مستلهماً من التاريخ العبر والدروس لمواجهة مخاطر الواقع والإجابة عن أسئلة المستقبل، فالرهان على الثقافة والمعرفة هو رهان بناء الأمم وصون المجتمعات وضمان الحفاظ على الهوية والتراث واللغة.

وأشار إلى أنّ المتابع لمشروع الشارقة الثقافي يمكنه التعرف إلى مقوماته من بنى مؤسسية ومعالم علمية وثقافية وتعليمية ومعرفية متطورة أدت أدواراً مميزة، فاستطاعت ترجمة التوجيهات والرؤى ونقل الأفكار إلى إنجازات تفاعل معها كل العالم لما قدمته وتقدمه في مجال التنمية الإنسانية والفكرية والتنويرية، وقد مثلت دائرة الثقافة بحكومة الشارقة المحرك الأساسي لدينامية العمل الثقافي المؤسسي، من خلال وضع ومتابعة تنفيذ برامج النشاطات اليوميّة والأسبوعيّة والشهريّة والفصليّة والسنويّة، فأثرت المشهد الثقافي المحلي والعربي بفعاليات مهمة لاقت صدى واسعاً ومؤثراً.

يقدّم هذا الكتاب إضاءة على مقوّمات مشروع الشارقة الثقافي من خلال مجموعة من المقالات والافتتاحيات التي نشرت في مجلة الشارقة الثقافية في كل أعدادها المتواصلة، ويتضمن إطلالة على سيرة حاكم الشارقة الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات المهمة التي تحمل قيماً إبداعيّة ومعرفيّة وتاريخيّة، ووقفة مع رسالة الشارقة إلى العالم وحضورها الباهر في المحافل الثقافيّة والأدبيّة على الصعيدين العربي والدولي، وكيف أصبحت الشارقة مركز الجذب الأول لكلِّ الأطياف الثقافيّة العربيّة من دون تمييز، وتحوّلت إلى مدينة مركزية لحركة الثقافة العربية والتواصل بين المثقفين.

يحتفي الكتاب بأيام الشارقة المسرحية التي اكتسبت مكانتها العربية والعالمية، انطلاقاً مما حققته من تجربة ثرية ومسيرة عطرة وسعيها الدائم إلى تأصيل المسرح العربي وإبراز هويته، ويرصد الخطوات التي سعت الشارقة على اتباعها في تأسيس مشروع ثقافي حضاري وتنويري ذي رسالة إنسانية عالمية جعلها عاصمة عالمية للكتاب، وكيف وقفت في مقدمة الغيورين والمتصدّين للدفاع عن اللغة العربية والحفاظ على صفائها وسعتها وثرائها وتشجيع الإبداع بها.

وتوقف غبريس عند الجهد الجبار الذي يبذله حاكم الشارقة، في البحث عن المخطوطات وجمعها من مختلف أنحاء العالم، مسلطاً الضوء على مبادرة إنشاء بيوت للشعر في الوطن العربي، ومبادرة إنشاء وتنظيم مجمع اللغة العربية، كذلك تأسيس رابطة للشعر الشعبي.

ويلحظ الكتاب حرص الشارقة على الاحتفاء دوماً بالأدب والأدباء في الوطن العربي، وتقديم الجوائز والتحفيزات لهم، إيماناً منها بأنّ الجوائز ركن أساسي في الحركة النهضويّة الفنيّة والأدبيّة، كذلك حرصها على وحدة تكامل الفنون وتضافرها خصوصاً في مجالات الرسم والتلوين، النحت، الخزف، الجرافيك، التصوير الضوئي، الخطّ العربي، الزخرفة.

ويقرأ الكتاب تجربة مشاركة الشارقة في معارض الكتب محليّاً وعربيّاً وعالميّاً، فضلاً عن دور معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي أعاد كتابة التاريخ العربي المجيد والمحطّات المضيئة لازدهار الثقافة والفكر والأدب والعلم، وهو يواصل تحقيق رسالته بجعل الشارقة قبلة للكتاب ومحطة عالميّة للثقافة.

وأخيراً يتساءل الكاتب قائلاً: هل نحن فعلاً بحاجة إلى مشروع ثقافي عربي؟

مشروع يجمع ولا يفرّق، وينهض بالأمة من تقهقرها وتشرذمها، وينتشلها من براثن الجهل والأمّية والتطرّف، ويعيد الاعتبار إلى الثقافة العربيّة بوصفها أولوية ملحّة لا غنى عنها، وقضية تستحقّ التضحية والعطاء، وجسراً متيناً للعبور إلى التنمية الإنسانيّة، وصون التراث، واللغة والهوية. 

وهنا لا بدَّ أن نمنح الشارقة حقها، في كونها تحوّلت إلى مركز للفعل الثقافي العربي، وإلى حاضنة للمشاريع الثقافيّة لدى أغلبيّة الكُتّاب والمفكّرين، والعمل على انصهارها جميعاً في مشروع كمشروع الشارقة يحقّق أماني وطموحات الأمّة العربية، لأنّه مشروع قام على العمل والوفاء والإخلاص وكسر النمطيّة والتقليديّة، واتكأ على الجهود المبدعة والشجاعة والرؤى الخلّاقة.