الحلقة المفرغة

الرياضة 2023/03/07
...

خالد جاسم
من تُكتب له فرصة تولي أيِّ مسؤوليَّة في الوسط الرياضي وفي ظلِّ الأوضاع السابقة والراهنة ليس بإمكانه اجتراح المعجزات خصوصاً أنَّ الموروثات عن حقبة السنوات الماضية كثيرة ومتشابكة وقد تلعب دوراً حاسماً في عرقلة المسيرة الرياضية هنا أو هناك حتى وإن كانت معظم الوجوه المتسيّدة على المشهد الرياضي الراهن شاهدة عيان بل وشريكاً أساسياً في صنع الكثير من تلك الموروثات وفي رسم العديد من متاهات الضياع لرياضتنا التي تفتقد في الأساس لعوامل الاستقرار في الكثير من المفاصل كما أنَّ معظم من يعملون في الوسط الرياضي وتحت مختلف العناوين هم أدرى وأعرف من غيرهم بشعاب ومشكلات رياضتنا المزمنة منها والطارئة...

وما يجب على من يريد التصدي لهذه المسؤولية أو تلك من بعض الوجوه الجديدة الطامحة على وجه الدقة والذين ملؤوا صحفنا وفضائياتنا على مدى المدة السابقة قبيل دخولهم- جنة- الفوز بهذا المنصب أو ذاك بتذاكر ديمقراطية مدفوعة بالعاجل أو بالآجل.. أقول هؤلاء الذين أتخمونا صياحاً بلغ في بعض الأحيان حدَّ التهريج والضرب تحت الحزام وادعاء الوطنية والحرص والبكاء على اللبن الرياضي المسكوب أن يتفهموا أنَّ العمل بجلباب المسؤول ليس أمنيات نظرية بل خيارات واقعية.. وهذا العمل ليس مجرد تصريحات ورسم أحلام وردية على الورق بل هو مصالح عامة وتنظيم وإدارة وقيادة وسعي نحو الأفضل.. 

وهذا العمل فيه اجتهادات وتقدير مواقف قد تكون صحيحة وقد تكون خطأ لكن الشرط المهم هو التخلي عن النوازع الخاصة والعقد النفسية الراسخة في نفوس البعض وأنَّ الطريق إلى الإصلاح لن يتحقق بالتخندقات المؤقتة التي تجمع نماذج وشخوصاً مختلفين ومتقاطعين بل ومتناقضين في كل شيء تقريباً, كما أنَّ بلوغ الهدف يجب أن يأتي بطرق مشروعة عبر صناديق الاقتراع وليس بأساليب التوائية تشم منها روائح التآمر وتعطيل المسار الديمقراطي والاتكال على أجندات تعقد الموقف وتدخل القطار الرياضي في نفق لا ضوء في نهايته وتجارب الأمس القريب ما تزال حاضرة في الذاكرة. 

صحيح أنَّ المشكلات كثيرة ومعقدة وثقيلة لكن التحجج بها يبقى وسيلة الفشل والعجز عن التغيير نحو الأفضل لأنَّ شعار التغيير والإصلاح يجب أن يقترن بالأفعال وليس أن يبقى أسير التمنيات وحبيس التصريحات ومن يتصدى للتغيير وإحداث المعالجات البناءة والواقعية عليه أن يضع في عين الاعتبار ما سيرثه وما ورثه أصلاً وحجم ما سوف يستطيع إنجازه، كما على من يطمح نحو التواجد في الكابينة القيادية المتقدمة تجاوز الخلل في المفاهيم التي يتعاطاها بغية تجاوز الماضي وتدشين البناء الجديد عبر انتهاج أسلوب التغيير المنهجي المدروس المتأتي من نيل ثقة الهيئة العامة وبخلاف ذلك سوف تتجدد المعاناة وتبقى الرياضة العراقية تدور في الحلقة المفرغة نفسها التي دفعت بها نحو التراجع إلى الخلف كثيراً ولا تزال تدفع ثمن ذلك التراجع باهظاً.