منازل التفكير والتدبير

الرياضة 2023/03/09
...

علي حنون


الرؤية الواقعية في أي عمل، تبدأ بخطوات يُسندها رسم معالم لوحة تخطيط هي في فواصلها طريق يأخذ السائرين فيه إلى مساحات إيجابية، لذلك نعتقد - مؤمنين - أنَّ التخطيط السليم لا بد وأن يعتمد في مدياته على معايير يضعها مُختصون وأصحاب خبرة لتأتي نتائجه ثماراً يانعة يُعتد بها ويُعتمد عليها في البناء والتأسيس السليم..ولعلّنا لا نذهب بعيداً عن ضفاف الواقع عند قولنا إنَّ الجميع بات يقف على حقيقة تعكسها صور الرصد، التي تصلها المساعي المبذولة والتي يراد لها أن تكون رأس الرمح في النتيجة المطلوبة من وراء التخطيط، ولأننا جُبلنا على سلك سبيل مُغاير لا يستند في حيثياته على فكر متطور، فإننا سنبقى - وفق ذلك - غير مُؤهلين لتحقيق النجاح الذي ننشد، وحتى لو كان لنا بلوغ حلقات من الفلاح في قطاع ما، فإنها بكل تأكيد لن تكون مُسايرة لحجم التطلعات.

ورغم العديد من آيات البيان، التي تُبرهن على حنكة الآخرين من حولنا بصدد أهمية خطوات التمهيد عبر وضع سبيل للإعداد الأمثل مروراً بجميع محطات التأهب، فانَّ هذا الأمر لم يشفع للقائمين على المسؤولية لاستنساخ تجارب النجاح في العالم وفي مختلف مناحي البذل ويقيناً في طليعتها الملف الرياضي..الموضوع عندنا - وكما صار لدينا غير برهان يُسنده - يتعلق بالمناسبات، فنحن نكتفي بالاستعداد للمنافسات قبيل انطلاقتها بفترة زمنية غير كافية وغالباً لا تتعدى الأيام وكأن الحال يبدأ وينتهي بانتهاء ذلك الاستحقاق، من هنا لم نرتج من المسؤولين وعبر تشكيلات الإدارات المُتعاقبة، الإتيان بفلسفة عمل ترنو بنظرة ثاقبة إلى البعيد القريب من الزمن طالما كانت الاجتهادات المبنية على مصلحة الوجود هي السمة الغالبة وهي اللغة المشتركة، التي تقود حوار العمل بين المتصدين للمسؤولية في غير مفصل.

وإذا أردنا الوقوف على النجاحات، التي طالتها عدد من منتخبات دول المنطقة وفي مختلف الفعاليات خلال السنوات الماضية، فانه لن يكون عسيراً علينا حصر تعثرات منتخباتنا خلال تواجدها في محطات المشاركات الخارجية، في زاوية الابتعاد عن دائرة التخطيط السليم وبعيد المدى، ولعل اليقين أن الوجوه، التي تتقدم ركب المسؤولية، يُدركون ذلك وأيضا يقفون على معرفة أهمية الاعتماد على البرمجة المُسبقة لمُجمل حلقات الإعداد، لكن الغريب في الأمر هو إصرار من بيدهم القرار على البقاء في كنف النظرة المحدودة للمتعلقات الفنية مع أن جلهم عندما يأتي بتصريح يُشير فيه إلى أهمية الاستفادة من دروس الأخطاء الفائتة والأهمية، التي تقف عليها موضوعة إعداد برامج تأهيل وإعداد تأخذ في سبيلها محطات الإعداد والتأهب للقادم من المنافسات الخارجية.

والذي يعنينا - متابعين ومعنيين - هو أن يأتي أهل الشأن على القرار السليم في كل خطوة، وأن تكون الإدارة، التي يعنيها قيادة الدفة في سفينة منتخباتنا الوطنية مُؤهلة لرسم سياسة إعداد حقيقي وأمثل لفرقنا وقبل فترات لتكن موسومة بالسنين، وعبر الاستعانة بمن لهم الخبرة والدراية في جانب التخطيط بعيد المدى، لطالما كان في هذا الإجراء الملاذ لإصابة الخطوات الايجابية في المسيرة وتحقيق أفضل النتائج.