منتخب الشباب.. المفهوم العائم

الرياضة 2023/03/20
...

 علي رياح

كانت غاية المنى أن ينهي شبابنا صولتهم العزوم في أوزبكستان بالوقوف على منصة التتويج، غير أن بلوغ نهائيات المونديال بوصفنا ممثلي عرب آسيا في البطولة منجز لا يستهان به وهو قيمة تاريخية تضاف إلى الرصيد الكروي العراقي عبر الزمن.

شيء ما يبقى في الأنفس ودار على الألسن يتعلق بأعمار لاعبي منتخبنا الشبابي، وأنا هنا أتذكر تلك الأيمان الغليظة التي أقسم بها عماد محمد أمامي قبل سنتين بحضور عدد من أصدقائنا مشدداً على أنه سيرضى أن يخسر أية بطولة أو لقب مقابل أن يبذل كل ما في وسعه لوقف تدفق الأعمار المَعبوث بها من قبل أي لاعب أو عائلته أو ناديه قبل أن يصل إلى المنتخب.. وفي يقيني أن الرجل قد وفّى بقدر كبير جداً من وعده، والدليل أن هناك اتجاهاً لدى الرأي العام الرياضي عندنا يميل إلى أن العراق كان الأكثر التزاماً بالسقف العمري مقارنة بالمنتخبات الأخرى التي تابعنا مبارياتها.

 الحديث عن التلاعب بالأعمار كان يرافق كل المشاركات السابقة على مستويات الأشبال والناشئين والشباب والأولمبي بصرف النظر عن صدقية كل ادعاء أو اتهام.. التزوير مخالفة كبرى فيها جانب كبير من القصور الأخلاقي الذي يمنح لاعبين بعينهم في كل مرة، مواقع كان يجب أن يحتلها لاعبون بأعمار لم يدنّسها التزوير.. وأنا بالمطلق اتفق مع حديث مكرور كهذا، وأضيف إليه انطباعاتي الشخصية التي تراكمت لدي خلال تغطياتي للكثير من بطولات الفئات العمرية الآسيوية على مدى يزيد على الثلاثة عقود، ومَفاد هذه الانطباعات أن كثيراً من دول القارة الآسيوية كانت موسومة بهذا الاتهام.. كما أن طبيعة بطولات الشباب الآسيوية لعقود عديدة من الزمن كانت مجرّدة من تحديد مُعلن لعمر اللاعب، حَوّل البعض المشاركة إلى ما يشبه العُرف الذي لا يحدده سقف قاطع خلافاً لما هو عليه الحال اليوم بالقول (كأس آسيا تحت 20 سنة) أو (كأس آسيا تحت 23 سنة).

 في تصفيات كأس شباب آسيا 2000 في بنغلاديش بمشاركة العراق والنيبال وجزر المالديف والبلد المضيف وكنت موفداً صحفياً مرافقاً لمنتخبنا، اختار مشرف التصفيات وهو من سريلانكا ثلاثة من لاعبي كل منتخب بشكل عشوائي للقائهم.. ذهبت برفقة الصديقين حسين سعيد رئيس الوفد والمدرب ثائر جسّام.. سأل المشرف لاعباً بنغالياً: ما هي مهنتك؟ فأجاب: طالب في الثانوية، رد المشرف: لاااااا.. أنت مدرس في الثانوية!.. وحين اختار لاعباً من منتخبنا الشبابي (لا أريد البوح باسمه) وجّه إليه السؤال نفسه وكانت للاعب الإجابة نفسها، فكان ردّ المشرف: واضح أنك متزوج ولديك على الأقل ثلاثة أبناء! .

 في عهود مضت، كان مفهوم (منتخب الشباب) في العراق وكثير من دول آسيا عائماً قابلا للعبث في قليل أو كثير من الأحيان.. وأحمد الله أننا اقتربنا كثيراً من تجاوز هذا المفهوم الخاطئ في تجربتنا الآسيوية الأخيرة.