التفوّق.. غاية وأسلوب

الرياضة 2023/03/23
...

علي حنون 



يعي كلُّ من يُدرك ولو الشيء القليل، في مفهوم كرة القدم سواء كفعاليَّة رياضيَّة أو أسلوب أدائي يجمع بين الإنجاز والتشويق أنَّ النتائج التي تقترب من شواطئ الإيجابية في النهاية، تأتي مُستندة إلى التميّز في البذل وانتهاج فلسفة عطاء قائمة على دراسة جميع الحالات الأدائية للفريق المقابل، على ذلك، فإنَّ عديد مواجهات منتخباتنا الوطنية في الاستحقاقات الخارجية وأيضاً فرق أنديتنا في المُسابقة الوطنية برهنت أنَّ المستوى غير المُستقر، الذي يُرافق فرق أنديتنا تحديداً في محطات المنافسة، أفقدها الكثير من النقاط المهمة ما جعل الجميع يقف أمام مفترق طرق وجدوا فيه ضرورة انتهاج فكر خططي يُؤمن لهم الفوز كغاية ليس لها غاية تُناظرها ليتجدد أمامها أمل بلوغ المُراد وتحقيق النتائج الإيجابية.

ولا ريب أنَّ المهمة التي تنتظر فرق المسابقة الممتازة في المُتبقي من المشوار هي ليست كسابقاتها لأنَّ المنافسة في المحطات المقبلة تتطلب من كل فريق ينشد التفوق أن يرتكز- في تطلعاته- على إمكانيات فنية تضعه في خانة قوية تُؤهله لإصابة الظفر، وبالتالي فإنَّ التركيز على إيجاد أسلوب مُناسب لكل مباراة قادمة تتجلى فيه نقاط غاية في الأهمية لإدراك الانتصار.. ولأننا تلمسنا من عينة فرق الصفوة تحديداً في محطات ماضية تعثرات بقيت حاضرة في غير موقعة، فإنَّ الطموح يعتري عشاقها لأن تكون الكوادر التدريبية لتلك الفرق أدركت- عن يقين- حقيقة قدرات لاعبيها ومدى استيعابهم مُختلف الأفكار الأدائية، التي تُرسم لهم كلوحة أداء جماعي يعتمد على إذابة قدرات اللاعبين الفردية في رؤية عامة كتشكيلة، ذلك أنَّ هضم اللاعبين للأسلوب فيه المسعى الإيجابي لتحقيق النتائج المطلوبة.

وإلى جانب ما تقدم، فإنه يَتحتّم على كل كادر تدريبي انتهاج سبيل أداء مُغاير في هذه المحطات الحاسمة، وأسلوب يأخذ بعين الاعتبار إصابة التوازن بين كفتي الهجوم والبناء الدفاعي، لأنَّ الجميع يقف على واقع مفاده أنَّ الفرق الأخرى ستبقى مُعتمدة على أسلوب الهجوم المباغت، الذي يركن فيه إلى استغلال الكرات المقطوعة وإرسالها طويلة إلى منطقة جزاء الفريق المنافس اعتماداً على سرعة لاعبيهم ومهاراتهم في شغل الفراغات المناسبة.. والمنطق الكروي هنا يقول إنه لا يُمكن لمن ينشد التفوق اتباع ذات الأسلوب غير المتوازن، لأنَّ في الأمر مُجازفة غير محمودة العواقب.

وتأسيساً على ذلك، فإنَّ الأسلوب الأجدى، الذي ينبغي التسلح به في حال كان الفوز هو الغاية الأولى، يعتمد على توزيع الجهد بدقة واتباع طريقة أداء تزاوج بين الدفاع والهجوم عبر السعي لسحب الفريق المقابل إلى منطقة الوسط ومن ثم اختيار الفرصة المناسبة لإخطار مرماه ولكن دون الإسراف في المحاولات الهجومية، لأنَّ من شأن هذه الطريقة جلب الخطر الكبير إلى ساحة الفريق.. ورغم أنَّ الفلسفة الأدائية هنا لا تخضع في أحيان كثيرة إلى منطق التخطيط المبني على التحليل الفني، طالما كانت سياسة كرة القدم لا تجيّر ولاءها لحسابات بعينها، إلا أنَّ ذلك لا يلغي أمر الاجتهاد والسعي لبلوغ المراد في سبيل أن يأخذ البذل شرعيته المطلوبة.