وليد خالد الزيدي
تستوقفني كثيرا حكمة”ماذا بعد؟” التي يؤسس عليها كثير من الحكماء والخبراء، خطط وبرامج هادفة بعدما تمر بلدانهم بأزمة ما أو مشكلة معينة، وكأنهم يستعدون لتلك الأزمة بشيء من العقلانية والموضوعية حتى وان كانت بعض جوانبها عصية عن الحلول، وهنا تكمن قدرة كل منهم على الاستجابة لكل تحد وأية معضلة.
بلدنا اليوم يمر بمشكلة تتعلق بموجة الفيضانات والسيول القادمة من شرق العراق وشماله وهو أمر طبيعي نتيجة جغرافية الأرض واتجاهات مستوياتها، ولكن ما يقلل من آثار تلك الموجة هو أن مستويات ارض العراق تنحدر من الشمال إلى الجنوب فتكون مشكلة الفيضانات محدودة الزمن، وتداعياتها تكاد شبه معدومة، لاسيما في ظل استعدادات مبكرة لها.
لكن على ما يبدو أن السيول قد تدافعت نحو أراضينا بسرعة يصعب على القائمين بأمر الموارد المائية أو القطاع الزراعي إزالة آثارها بوقت قياسي ، اذ لم يتوقعوا مقدار السيول وسرعة جريانها التي رافقتها فترة مطيرة في أنحاء كثيرة من العراق، ومع ذلك حينما نعود إلى طبيعة تلك السيول نجد ان تأثيرها لا يتعدى أشهرا بالرجوع إلى عواملها المساعدة كالامطار التي ستقل قريباً في بلدنا.
القضية المهمة في هذا السياق هي الأزمة التي غالبا ما يئن منها القطاع الزراعي خلال كل موسم صيف والجفاف معه في الكثير من الأراضي المستهدفة للاستزراع، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة الذي يحفز كثيرا المسطحات المائية على التبخر فتفقد كثيرا من كميات المياه المراد بها للري والاستصلاح.
وهنا تبرز أهمية الإكثار من أعمال خزن المياه في الوقت الحاضر وصيانة وتأهيل السدود وترصينها وتدعيم أكتاف الأنهر والمشاريع الاروائية لكي تستوعب اكبر كمية من المياه لتوفيرها حتى فترة الجفاف المتوقعة المقبلة، ولا بد من تعضيد إجراءات وزارة الموارد المائية بجهود أخرى، فهي تعمل على حصر المياه في الخزانات والسدود في عدد من محافظات العراق الجنوبية وتواصل جهودها لتمرير موجة الفـيضانات وخـزن مياهها للافادة منها في فترة الحاجة إليها، وتطبيقها لخطط انسيابية موجات الفيضانات في جميع المحافظات،وبإشراف وزارة الموارد المائية، كما أعلنت الوزارة ذلك مؤخرا.
فان استنفار ملاكاتها لمواجهة مخاطر الفيضان يجب أن يقابل بعوامل مساعدة ويعزز بعناصر دعم إضافي لتتصاعد برامج الافادة من زيادة كميات المياه في المساحات الزراعية، لاسيما مساهمة جهات وزارة النفط، في مواقع الحقول النفطية المغمورة بالمياه حيث يمكن أن تسهم بدعم آلي وفني كبيرين لقطاع الموارد المائية، وكذلك مشاركة دوائر الإعمار والبلديات بجهودها الفنية والإدارية في المناطق التي طالتها تلك السيول للاستفادة من المياه بشكل كبير وواف، كل ذلك ينصب في إنجاح الخطط التنموية الحكومية ليس في الزراعة فحسب، إنما في الكثير من المشاريع الاقتصادية الاخرى.