د. مهند مجيد برع العبيدي
مما يؤسف له أنَّ غالبية الطلبة من الأقسام غير ذات الاختصاص لا تعرف كيفيَّة استعمال المعجمات العربيَّة بشكل صحيح، ولا تفرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للمفردات، ويتخبّط في مسألة اختيار المعجم المناسب لما تريده، وقد لاحظت أن الغالبية العظمى منهاتسلك الطرق السهلة المخالفة للمنهج العلمي الذي يقتضي العودة إلى أمات الكتب، إذ انها تنقل بالواسطة التعريفات الاصطلاحيَّة من مراجع حديثة وتهمل العودة إلى المصادر الأصلية لهذه التعريفات.
وهذا ظلم واجحاف بحق اللغة العربية، فالعربية غنية بالمعجمات المتعددة والمتخصصة مثل: معجمات الألفاظ ومعجمات المعاني ومعجمات الألفاظ الاصطلاحية والمعجمات البلاغية ونحو ذلك. أمَّا النحو والصرف والإملاء فالأمر أدهى وأمر، فلا تكاد تجد صفحة واحدة إلَّا وهي مليئة بالأخطاء من كل نوع، فالفاعل منصوب أو مجرور والفعل المجزوم لم يجزم منه شيء، وحرف الجر عاطل عن العمل وما بعده مرفوع والمعرَّف منكَّر والمنكَّر معرَّف، ناهيك عن الخلط بين الظاء والضاد وهمزتي الوصل والقطع وصرف الممنوع من الصرف، مع شيوع تعبيرات غير مألوفة وجموع عامية لا تمت للعربية بصلة، هذا فضلاً عن شيوع التحريف والتصحيف في كتابة أسماء الأعلام والمدن والمواضع الجغرافية ونحو ذلك على نحو يثير الأسى وكأنَّ الطالب في وادٍ ومشرفه في وادٍ آخر، وأكاد أجزم أن هناك عدداً كبيراً من الرسائل لم يطلع عليها المشرفون أو كان اطلاعهم على عجالة، ومن هذا المنبر أريد التأكيد على براءة الطابعي من التهم المنسوبة إليه في هذا المجال، فلا مسؤولية له في هذا الأمر، فالرجل يطبع ما يصل إليه، والأخطاء بأنواعها جميعاً يتحملها الطالب أولاً ومشرفه ثانياً، أمَّا اتهام الطابعي بذلك، وأنه من يقف خلف تلك الأخطاء، فإنما هي شماعة يعلق عليها الطالب ومشرفه أخطاءهما وهو بريءٌ منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
الأداء اللغوي في الرسائل والأطاريح الجامعية سيئ جداً والأمر يتطلب وقفة جادة من الجميع، من الطالب أولاً لأنَّ العمل عمله والميدان ميدانه والمشرف ثانياً لأنّه مسؤول عن الطالب وعمله، والأقسام العلمية وشعب الدراسات العليا ووحدات سلامة اللغة العربية في الكليات وإدارة الجامعات على كل هذه المسميات أن تؤدي دورها للنهوض بواقع الأداء اللغوي، لأن اللغة وسلامتها مسؤولية جميع من يتحدثون بها.