إحياء الموروث الشعبي والموسيقى التصويريَّة والغناء

منصة 2023/04/25
...

 علي العقباني

كما هو الحال في القصيدة أو الرواية أو الفيلم السينمائي أو غيرهم من الفنون، يمكن اعتبار العنوان عتبة أولى للدخول إليها وسبر عوالمها، وقد تكون مفتاحاً مهماً، يمكن القارئ أو المتفرج من خلاله أن يشكل مدخلاً رئيسا للمتن، وتُعتبر عامل الجذب الأول بما تتضمنه من كلمات وموسيقى وصور معبرة عن المسلسل، ذاك يعتمده معظم الكتاب، في حين يمكن أن يلجأ البعض إلى المواربة أو التحايل اللفظي أو الدلالي، وهذا هو الحال عموماً مع شارات المسلسلات التلفزيونية، حيث تشكل الشارة الباب العريض المفتوح، ليتمكن المشاهد من القراءة والاطلاع على العاملين فيه وربما معرفة القصة.

 واعتمد صنّاع الدراما كثيراً على الشارات، وأولوها عناية كبيرة بداية من الكلمات والألحان والغناء والموسيقى والغرافيك، حيث تصبح الشارة علامة فارقة ودالة وذات أثر خاص، يمكن النظر إليها عبر محتويات المسلسل أو بشكل مستقل، وهذا ما يمكن ملاحظته عبر مشاهدة الكثير من الشارات التي أصبح الناس يستمعون إليها بشكل مستقل عن المسلسل، وهو أمر أصبح مميزاً ولصيقاً بالمسلسل، وهذا الأمر كنا نلمحه بشكل واضح في الكثير من الأفلام السينمائية، والتي لاقت رواجاً كبيراً في العالم.  

     لا يمكن لأحد منا أن ينسى الأغنية واللحن والكلمات المرافقة لشارة مسلسل «ضيعة ضايعة»، التي أداها الفنان السوري علي الديك، وكيف أصبحت أغنية مستقلة يرددها الناس لسنوات طويلة، وبمجرد سماع الترنيمة الأولى يعرف المستمع أنها شارة ذاك المسلسل، ويعمد الموسيقي طاهر ماملي الذي ألف ولحن الأغنية إلى إقامة حفلات موسيقية غنائية بين الحين والآخر، مخصصة فقط لأغاني شارات المسلسلات ومنها» التغريبة الفلسطينية» (كلمات الشاعر إبراهيم طوقان)، وكذلك شارة مسلسل «أحلام كبيرة» (كلمات الشاعر نزيه أبو عفش)، ومن ينسى شارة مسلسل «الندم» والتي أصبحت أيقونة موسيقية وغنائية وبصرية لكثيرين، وغيرها الكثير واُستخدمت فيه فرق موسيقية كبيرة وأصوات غنائية مهمة، بعضها معروف والآخر جديد.

ومن شارات المسلسلات التي لاقت رواجاً كبيرة الأغنية التي غناها الفنان معين شريف في مسلسل «دقيقة صمت» (كلمات علي المولى وألحان صلاح الكردي)، وأغنية شارة مسلسل  «أهل الراية» ألحان هيثم زياد، وآدم في «تخت شرقي» (كلمات راميا بدور وألحان رضوان نصري)، وفي مسلسل «عناية مشددة» كلمات الفنان أدهم مرشد وألحان رضوان نصري… وقدم مسلسل «خريف عمر» شارة مميزة عبر موسيقى تصويرية وغرافيك مرافق حملت توقيع ليال وطفة، وذات الأمر ينطبق على الشارة المميزة لمسلسل «العربجي»، الذي ألف الموسيقى التصويرية الخاصة به المايسترو «رعد خلف» .   

وهذا الموسم تصدرت الأغنية الشعبية في شارات المسلسلات الرمضانية المشهد في أكثر من عمل منها»الزند» بأغنيته التراثية وهو ما اشتغل عليه الموسيقيّ الشاب «آري جان سرحان» والموسيقى التصويرية، التي اشتغلَ عليها الموسيقي «مصطفى البرقاوي» و»زقاق الجن» بموسيقاه وشارته، التي غناها المطرب محمد خيري، من كلمات وألحان رضوان نصري، و»سفر برلك» و»حارة القبة» و»باب الحارة» بأغنيتهم القديمة وغيرها، وكذلك عكست شارة مسلسل «مربى العز»، والتي أدتها المغنية جان رحمة وكتب كلماتها رامي كوسا ولحنها علي حسون، والذي يندرج في إطار البيئة الشامية، رسالة العمل ومضمونه من خلال شارته، كلمات وألحان، وقد لامست تلك الأغاني ذاكرة الناس ووجدانهم وبعض أشجانهم وحبهم وأعادت إليهم بعض تراث يحبونه ويشتاقون سماعه، وإن كان بتوزيع جديد وأصوات جديدة، وتميز معظمها بأصوات جديدة وموسيقيين  موهوبين، والذي يعكس إلى حد كبير تطور الموسيقى والغناء في سوريا من خلال مواهب شابة .