{قمة بغداد} تنجح في لم شمل المنطقة

الثانية والثالثة 2019/04/21
...

بغداد / الصباح
برعاية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، اختتمت أمس السبت، أعمال مؤتمر قمة بغداد لبرلمانات دول الجوار الذي أقيم تحت شعار “العراق.. استقرار وتنمية” واستمرت يوماً واحداً، بحضور رؤساء وممثلي برلمانات كل من السعودية وتركيا والكويت والاردن وسوريا وايران، وأكد الحلبوسي في كلمته بافتتاح القمة، أن “العراق لم يعد قلقاً تجاه ‏فكرة المحاور والانحياز؛ بل أنه اليوم بصدد بناء شراكات ستراتيجية واعدة مع جميع دول الجوار دون حرج من طرف أو محاباة لآخر، ‏فما يربطنا بجيراننا هو المصير الجغرافي المشترك والمصالح المشتركة ‏والترابط الاجتماعي والديني الوطيد”. 

فيما أعلن رؤساء وفود الدول المجاورة الست في كلماتهم، دعمهم وتأييدهم الكامل والمطلق للعراق في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، مؤكدين أن استقرار العراق هو استقرار للمنطقة أجمع، مبدين عزمهم على المشاركة الجادة والفاعلة في إعادة إعمار المدن المحررة ومساعدة العراق في نهوضه الاقتصادي، وفيما رحب رؤساء الوفود المشاركة بعودة العراق إلى دوره ومركزه المحوري في المنطقة، أبدوا شكرهم وامتنانهم العالي وتقديرهم لتضحيات العراقيين التي قدموها والدماء التي بذلوها في مواجهة الإرهاب وإبعاد شبحه عن المنطقة والعالم.  
وقبيل انطلاق أعمال المؤتمر الذي عقد في قاعة القدس بالقصر الحكومي برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وبحضور النائب الأول لرئيس المجلس حسن الكعبي ونائب رئيس المجلس د. بشير حداد وقادة الكتل النيابية، جرى استقبال رسمي لرؤساء البرلمانات وممثليهم فضلاً عن التقاط صور تذكارية للمشاركين في المؤتمر.
 
كلمة العراق
وفي مستهل الجلسة التي افتتحت بآيات من الذكر الحكيم، ألقى الحلبوسي كلمة ترحيبية، أكد فيها أن “انعقاد القمة يمثل يوماً تاريخياً حافلاً بالفخر والاعتزاز بأن يشرفنا جميعُ جيراننا في زيارة عزيزة على قلوبنا”.
وأضاف ‏الحلبوسي، أن “العراق يقف من جديد شامخا عزيزاً قويا بعد أن خاض معركة الشرف وقاتل قتال الأبطال نيابة عن جيرانه وأشقائه وأصدقائه بروح الشجاعة والإقدام وحقق النصر العظيم بفضل تكاتف شعبه ودعم مرجعياته الدينية وترابط عشائره وأطيافه ومكوناته”.
وأشار رئيس مجلس النواب، الى ان “العراق صبر طويلا على مرارة الحرب والظروف الصعبة ‏وعانى شعبنا العراقي ظروفاً قاسية تمثلت بالتضحيات الجسيمة التي قدمها من أبنائه واحتلال الإرهاب لمساحات واسعة من أرضه ونزوح الملايين من مناطقهم، ‏ولكنه بقي شامخاً صامداً قويا عزيزا مرفوع الرأس، وها هو اليوم  يستعيد مكانته بين دول المنطقة التي وقفت معه وساندته ودعمته في مواجهته التاريخية ضد الإرهاب”، مقدماً “باسم شعب العراق الشكر الجزيل لجميع جيراننا وأصدقائنا وشركائنا الدوليين الذين وقفوا معنا وساندونا في الظروف الصعبة ‏حتى استطعنا أن نقضي على الوجود العسكري  للإرهاب ومازلنا نعمل على القضاء عليه فكرا من خلال التنسيق المتبادل مع جميع الأصدقاء والداعمين الإقليميين والدوليين، ليعود العراق آمنا مستقرا من أقصى شماله في اقليم كردستان الى أقصى جنوبه في بصرة الخير والعطاء، ويعود جميع النازحين الى مناطقهم بعد أن يتم اعمارها ما سيجعلنا في مأمن من عودة فكرة الارهاب من جديد”.
وتابع الحلبوسي، أن “العراق لم يعد قلقاً تجاه ‏فكرة المحاور والانحياز بل انه اليوم بصدد بناء شراكات ستراتيجية واعدة مع جميع دول الجوار دون حرج من طرف او محاباة لآخر ‏فما يربطنا بجيراننا هو المصير الجغرافي المشترك والمصالح المشتركة ‏والترابط الاجتماعي والديني الوطيد”، لافتاً الى ان “الحاجة تنطلق من هذا اللقاء التاريخي الى إطار تنظيمي متواصل يتم انعقاده بشكل منتظم  في البلدان ذات العلاقة لمناقشة المستجدات ووضع الحلول العاجلة والموضوعية، الامر الذي سينعكس ايجابا على أمن واستقرار دولنا ما سيكون له الأثر الإيجابي المباشر على شعوب المنطقة بأسرها، وكل ذلك يتطلب التزامات متبادلة بيننا في حماية الامن الإقليمي بشكل تضامني متماسك، ومن هنا فإننا نؤكد أن العراق حريص على أمن واستقرار جواره والمنطقة”.
‏وحث رئيس مجلس النواب على ضرورة أن “تنتج هذه الاجتماعات رؤية موحدة بين العراق ودول الجوار، وأن نبدأ معاً مشروعاً تشاركياً بتشريعات تمنح السلطات التنفيذية في بلدانناً أفقاً رحبا لتطوير العلاقات من خلال دعم الاتفاقيات التي تتطلبها إجراءات تعزيز العلاقات والتصويت عليها في برلمانات دولنا، وحث وزارات الخارجية على بذل جهد استثنائي لربط دبلوماسي حيوي قادر على خلق شراكات اقتصادية وتجارية وثقافية واجتماعية من خلال الوزارة ذات الصلة في حكومات بلداننا”.
 
علاقات سعودية 
من جهته، عبر رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله بن محمد آل الشيخ عن شكره وتقديره لحفاوة الاستقبال، ناقلا تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان إلى شعب وحكومة العراق.
وأكد آل الشيخ في كلمته بالمؤتمر “حرص المملكة على نصرة اشقائها والوقوف معهم مسخرة إمكانياتها في سبيل احقاق الحق ومد يد العون والمساعدة”، منوها بأن “العلاقات العراقية _ السعودية شهدت تقدما ملحوظاً بعد الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين والتي سيكون لها أبلغ الأثر في تعزيز التعاون”.
وشدد رئيس مجلس الشورى السعودي على “أهمية تضافر الجهود لمواجهة الإرهاب بكل أشكاله وضرورة دعم المشاركة بالجهود الدولية للقضاء عليه عبر سن المزيد من التشريعات لتجفيف منابع الفكر المتطرف ووضع قوائم للمنظمات الإرهابية”.
 
رؤية كويتية
بدوره، أكد رئيس مجلس الامة الكويتي مرزوق علي الغانم، أن “لمؤتمر رؤساء برلمانات دول الجوار العراقي في بغداد رمزية خاصة”، مشدداً على أن “الكويت مع عراق مستقر وآمن وموحد”.
وقال الغانم في كلمته خلال المؤتمر: إن “مؤتمر برلمانات دول جوار العراق يعطي بارقة أمل لشعوب المنطقة ولشعب العراق بشكل خاص، بأن الدخول في عصر السلام والاستقرار ممكن، وأن أجواء التصارع الإقليمي والاقتتال والمناكفة، ليست قدراً حتمياً كما يريد البعض أن يشيع، كقناعة راسخة وثابتة”.
ووصف الغانم المؤتمر بأنه “اجتماع غير مسبوق، وربما ما كان لينعقد لولا إرادة دول الجوار جميعا، ولولا الجهود الحثيثة للصديق الأخ محمد الحلبوسي”، مبيناً “نحن من جهتنا في الكويت، نقول ودون مواربة، وبشكل واضح: نحن مع عراق مستقر، وآمن، وموحد، وهذا ليس طموحنا فنحن على الصعيد الستراتيجي مع عراق مزدهر ومتقدم ينعم بالرخاء والرفاهية”.
ولفت رئيس مجلس الأمة الكويتي، بأن “العراق جارنا وليس من مصلحة أحد أن يكون جاره غارقاً في دوامة من المعاناة، ومن يراهن على ضعف جاره كشرط لاستقراره وأمنه، هو في الحقيقة يضحي بمستقبله”، مشيرا الى انه “من هذا المنطلق والقناعة والايمان جاء توجيه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح باستضافة مؤتمر دعم وإعادة إعمار العراق مؤخراً”.
وأوضح الغانم، أن “سمو الأمير، يراهن على المستقبل ومستقبل دول المنطقة قائم على التعاون والتكامل مع الجيران، مع القريب لا البعيد، مع المشترك الثقافي والبشري، لا الآخر الغريب والمغاير، مع الذي نقتسم معه سحنة التضاريس، وتداخل التاريخ، ومزاج المناخ”، لافتا إلى أن “العراق واستقراره، إحدى البوابات لاستقرار المنطقة”.
وأكد الغانم أنه “من دون عراق مستقر وآمن، سيكون الحديث عن استقرار الشرق الاوسط محض خرافة، لذلك نحن ننظر الى استقرار العراق كضرورة ستراتيجية”، موضحاً أن “العراق الذي ننظر اليه للدخول في حقبة التنمية المنشودة هو عراق متوازن، عراق عربي منفتح على جيرانه العرب، عراق متصالح ومتعاون مع جيرانه في الإقليم، عراق منفتح على العالم، فعلا وتفاعلا”، وبين أن “البرلمان الكويتي بأتم الاستعداد للعمل مع كل برلمانات دول الجوار العراقي، ومع البرلمان العراقي ضمن مرئيات نتفق عليها، تتعلق بكيفية تحقيق شروط الاستقرار والوفاق، في منطقة، تعبت من التصارع والاقتتال”.
 
تحية تركية
من ناحيته، لفت رئيس مجلس الأمة التركي الكبير مصطفى شان توب، إلى أهمية توقيت المؤتمر في مرحلة يواجه بها العالم الإسلامي تحديات جمة بسبب الارهاب، مقدما التحية لرئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي لدوره بعقد المؤتمر.
وشدد شان توب، في كلمته خلال المؤتمر على “أهمية تعزيز عرى الصداقة والتضامن ببن دول المنطقة وتحديد موقف مشترك إزاء القضايا المهمة”، ناقلا في الوقت ذاته تحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق وللمشاركين في المؤتمر.
وأضاف شان توب، أن “عقد المؤتمر في بغداد يمثل حدثا مهماً للمساهمة بتحقيق الاستقرار والتنمية والمساهمة بالوفاق الوطني لجميع شرائح المجتمع وتسهيل أعمال التأهيل والاعمار في المناطق المدمرة”، حاثا على “التعاون بين دول الاقليم لصالح الشعوب والوقوف ضد التهديدات من قبل الإرهاب”، مشيراً إلى “قرب عقد الاجتماع الستراتيجي التركي العراقي لتطوير العلاقات بمختلف المجالات”.
ونوه رئيس مجلس الأمة التركي، “بأهمية التعاون من أجل مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية”، محذراً من “الإسلاموفوبيا التي تنتشر في الغرب وضرورة مواجهتها”، منددا بقرار الرئيس الأميركي الخاص بنقل السفارة الأميركية الى القدس واستمرار سياسة الاستيطان والانتهاكات الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
 
انتماء أردني
رئيس مجلس النواب الاردني عاطف الطراونة، قال في كلمته خلال المؤتمر: “نجتمع اليوم على أرض العراق، عراق المجد والعروبة الذي يستحق منا أن ننتمي له انتماء المخلصين لتاريخ انبثق من قيم التعدد والتنوع لشعبه العريق، وإذ نجتمع اليوم في عراق النصر والتحدي فإن من واجبنا أن نكون عوناً لهم في بناء العراق الحديث”.
وأضاف الطراونة، “نقف اليوم على مفترق مهم، فالتحديات جسام واستحقاقات المرحلة تتطلب منا أن تتحد جهودنا لخير شعوبنا وأن تتكامل أدوارنا من أجل استكمال برامج البناء والتحصين، ولن تستقيم هذه المفاهيم إذا لم نكن مخلصين بعملنا نبتغي الخير لمستقبل شعوبنا وابنائنا”، مشيرا إلى “أننا بأمس الحاجة اليوم لفتح آفاق التعاون بيننا مدركين حجم الصعاب والتحديات التي تمر بها دولنا ولن يفيدنا أن نقفل أبوابنا على أنفسنا”.
وشدد رئيس مجلس النواب الاردني على أهمية أن “نتوافق على بناء الأولويات حتى نظل متنبهين الى الظلم الكبير الذي تتعرض له منطقتنا أمام استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية”، موضحا أن “استمرار غياب العمل المشترك سيصب في صالح تغذية روح الإرهاب والتطرف لدى شباب امتلأ بروح اليأس والإحباط، بعد غياب قيم العدالة والمساواة وهو الامر الذي يدفعنا باتجاه دعم مسيرة التعليم ومكافحة الجهل حتى نتمكن من استكمال جهود مكافحة الإرهاب”.
 
حديث سوريا وإيران
وأكد رئيس مجلس الشعب السوري حمودة يوسف صباغ، “أهمية عقد المؤتمر الذي يمثل شعوبا تحمل وعياً واحداً وتنظر لمستقبل أفضل لهذه المنطقة واحترام سيادة دولها ونبذ الإرهاب والتطرف”.
ونوه صباغ في كلمته خلال المؤتمر، بأن “السلام الذي لا يبنى على العدالة سيكون استسلاماً،  وهو ما يتنافى مع واقع المنطقة”، مشيراً إلى “أهمية مواجهة التحديات خصوصا في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة وخاصة بعدما حاول البعض جعل سوريا مرتعا لكل مرتزقة الأرض”، موضحاً أن “ما تعرضت له سوريا يعود إلى تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني وتمتعها بقرار مستقل ووقوفها ضد محاولات التدخل غير الشرعي بشؤونها”.
ورفض رئيس مجلس الشعب السوري، “قرار الإدارة الأميركية بشأن الجولان، خصوصاً أن جميع القرارات الاممية بخصوص سوريا تشدد على وحدة وسيادة وسلامة أراضيها”.
أما علاء الدين بروجردي عضو مجلس الشورى الايراني وممثل رئيس المجلس علي لاريجاني، فقد نقل في كلمته خلال المؤتمر “تحيات السيد لاريجاني وتمنياته بنجاح المؤتمر واعتذاره عن عدم الحضور بسبب الفيضانات”.
ونوه بروجردي، بأن “الجمهورية الاسلامية لبت دعوة الحكومة العراقية وهبت لدعم الشعب العراقي بمواجهة الإرهاب دون أي بطء وكانت أول دولة تقدم مساعدتها”، مثنياً على المساعدات العراقية للمتضررين من الفيضانات في إيران، مؤكدا “دعم إيران لاستقلال العراق ووحدة أراضيه”، مشيرا إلى أن “جهود الحكومة والمتطوعين من مختلف الشرائح اسهمت بتمكن العراق من القضاء على داعش”.
ولفت رئيس الوفد الإيراني، إلى “أهمية الانتباه لمرحلة ما بعد داعش، وخاصة مكافحة الفكر الداعشي وتمويله”، معبراً عن “الحرص على دعم مبادرات الحوار الإقليمي والتنسيق المشترك لضمان أمن المنطقة”، مندداً بالانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين وبالتدخلات الأميركية بالمنطقة مع التأكيد على رفض قرار واشنطن بشأن “الحرس الثوري” رغم دوره الفاعل لمكافحة الإرهاب.
بعدها، رفع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الجلسة، وعقد رؤساء برلمانات دول الجوار المشاركة في قمة بغداد جلسة تشاورية.