بغداد: سرور العلي
تختلف حفلات الزواج باختلاف ثقافات الشعوب، وتقاليدها الدينية والاجتماعية، ففي مجتمعنا يعتبر الزواج رابطة مقدسة تخضع لقيم الدين والشريعة، وهذه القيم تدخل بشكل كبير في بلورة قناعات الزوجين حول موضوع زواجهما، وعملية بناء الأسرة السليمة، فيستحب بعد ذلك الإعلان والإشهار عن هذا الزواج، وذلك من خلال إقامة الولائم وإظهار الفرح، والابتهاج بأسلوب عفوي بسيط، وغير مكلف للزوج، وبحسب التربوي اياد مهدي عباس، فإنه ينبغي ألا يخرج عن تعاليم الدين في ضرورة المحافظة على الحشمة والعفة، فكانت مراسيم الزواج في مجتمعنا تقوم على أساس لم شمل الأقارب والأصدقاء في حفل بسيط يدعى يوم (الحنة) ثم ينطلق موكب الزفاف في اليوم التالي، ودخول الزوجين في قفص الزوجية الذهبي، وتبدأ مسيرتهما في بناء الأسرة، مضيفاً "إلا أن في الآونة الأخيرة أخذت ظاهرة الإعلان عن الزواج في مجتمعنا طابعاً آخر، متأثراً بالتطور الهائل الذي شهده العالم، وسهولة التواصل الاجتماعي بين الأمم، والاطلاع على عاداتها وتقاليدها، وذلك انعكس سلباً على حفلات الزواج، وطريقة قيامها في بلداننا".
وتحكم بعض حفلات الزواج عادات وتقاليد، وذلك وفقاً للموروث والرقعة الجغرافية، والأبعاد الاجتماعية والثقافية، فلفتت المختصة الاجتماعية بتول حسين، إلى أن غلاء المهور، والمبالغة في البذخ يزيدان من معدلات العزوف عن الزواج، لذلك فمن المفترض أن يكون هذا الرباط المقدس أحد أركان التعاون، وبناء الأسرة والارتقاء بالمجتمع، وإكمال نصف الدين، والابتعاد عن النزوات، والنفس الأمارة بالسوء، وتبسيط أمور الزواج، بينما تتخذ بعض الأسر حفلات الزواج، للتباهي والتفاخر بما تملكه، ما أصبح عبئاً كبيراً على كاهل الشباب.
كما أن هناك من يفكر بأن يكون حفل زفافه أفضل من زفاف غيره، فتولد ظاهرة الغيرة الاجتماعية، ما يؤدي إلى التبذير في إقامة الولائم الكبيرة، وشراء الثياب والأثاث الفاخر، لأجل ساعات قليلة سيتحمل نتائجها الزوج، فيما بعد بتراكم الديون على كاهله، وتسبب نشوب الخلافات مع زوجته.
وترى حسين أن هذا التحول، نتيجة لتطور المجتمعات، وتبادل الثقافات وانتشار التكنولوجيا، فبعد أن كانت مراسيم الزفاف تتم في المنزل بشكل بسيط، مقتصرةً على عدد من المدعوين، من الأقارب والجيران، أصبحت في السنوات الأخيرة تقام في قاعات كبيرة خاصة بالأفراح ومجهزة لإتمام الزفاف، ما يسبب تكاليف باهظة لا يستطيع إلا القليل من الراغبين بالزواج توفيرها، لا سيما في مجتمعنا الذي تسوده ظاهرة البطالة بمعدلات مرتفعة، ويلجأ البعض للاستدانة أو سحب القروض.