قمة بغداد.. ثمرة الانفتاح الدبلوماسي العراقي
الثانية والثالثة
2019/04/21
+A
-A
بغداد / مهند عبد الوهاب
عدّ سياسيون انعقاد قمة برلمانات دول الجوار في بغداد فرصة لتعميق صلة العراق بمحيطه الاقليمي، مشددين على ضرورة تكامل المصالح المشتركة سياسياً واقتصادياً وتجارياً وحماية دول المنطقة من الاارهاب والتطرف والتدخلات الخارجية، في حين لفتوا إلى أن المؤتمر يؤكد مرة أخرى سياسة البلاد في الانفتاح على المحيط الإقليمي والدولي، ويرى أعضاء بمجلس النواب وسياسيون تحدثوا لـ"الصباح"، أن إقامة هذه القمة في بغداد جاءت نتيجة عاملين مهمين هما (الدبلوماسية الناجحة) المتمثلة بزيارات السلطة التنفيذية وسياستها الخارجية المرنة وزياراتها المتبادلة مع دول الجوار، والحراك النيابي الدؤوب الذي قادته رئاسة البرلمان في جولاتها ومحادثاتها بذات الاتجاه، فضلا عن التحركات الرئاسية التي قادها رئيس الجمهورية خلال زياراته الخارجية الاخيرة.
ويجمع المتتبعون للسياسة الخارجية العراقية الحالية، بأن التنسيق والتفاهم والتناغم بين (الرئاسات الثلاث: الجمهورية، الوزراء، البرلمان) اسهمت في رسم ملامح هذه السياسة المتزنة والمنفتحة، وفي ذلك يقول رئيس الجمهورية برهم صالح في حوار مع إحدى الوكالات الأجنبية مؤخراً: "نسعى لأن يكون العراق ساحة تلاقي المصالح الدولية والإقليمية وفق ما تقتضيه مصلحة وسيادة العراق"، ويضيف، "لا نريد للعراق أن يكون ساحة تصفية، ولن يُسمح بذلك من قبل حكومته أيضا، فهناك إرادة وطنية جادة تعمل لتحقيق ذلك وجعل العراق منطلقا للتقارب والالتقاء ومحطة حقيقية للمصالح المشتركة في المنطقة"، ويؤكد الرئيس صالح، أن "هناك تفاهماً وتنسيقاً وتناغماً في رؤية الرئاسات الثلاث لطبيعة العلاقة مع الخارج سواء الدول الإقليمية أو غيرها".
دبلوماسية ناجحة
وبشأن نجاح الدبلوماسية العراقية في مهامها وزيارات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ووزراء حكومته المتبادلة مع دول الجوار، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية ريبوار كريم: إن "إقامة مؤتمر برلمانات دول الجوار في بغداد، تعد تتويجا لنجاح الزيارات الدبلوماسية العراقية الى دول الجوار والتي أحدثت تغييراً في سياسات المنطقة على جميع الصعد الاقتصادية والسياسية والأمنية، إضافة الى خلق معادلة برلمانية جديدة انعكست بالإيجاب على واقع المنطقة وغيرت شكل العلاقات فيها، وهو ما يعد أحد أهم النجاحات التي حققها العراق على المستويين الدبلوماسي والبرلماني".
وأضاف كريم لـ"الصباح"، ان "الانفتاح الدبلوماسي والزيارات العراقية الى دول الجوار؛ وبالعكس؛ احدثا نوعاً جديداً من الانفتاح في بناء العلاقات، إضافة الى نجاح التجربة الديمقراطية العراقية، ما أنتج اجتماعاً مهماً لدول جوار العراق على المستوى البرلماني في بغداد"، مؤكداً، أن "نجاح الدبلوماسية العراقية تجسد في تفاعل برلمانات دول الجوار، ما يعطي رسالة ببداية مرحلة جديدة من العلاقات المهمة بين دول الجوار والعراق"، مبيناً أن "اقامة المؤتمر في بغداد كشفت عن بداية انطلاقة جديدة من العلاقات والتفاعل بين دول الجوار".
ولفت كريم، إلى أن "المؤتمر عكس وجسّد نجاح الدبلوماسية العراقية في حلحلة كل المشكلات العالقة في المنطقة ما يصب في مصلحة الجميع، وهو دليل على دور العراق الريادي"، مؤكداً "نجاح الدبلوماسية في إعادة العراق إلى دوره المحوري في المنطقة، وتقريب وجهات النظر بين دول الجوار، لذلك تعد الدبلوماسية العراقية محركاً جديداً لصناعة السلام في المنطقة وهو ما ينعكس ايجاباً على مجتمعاتها وشعوبها".
توجهات الرئاسات الثلاث
بينما أشار القيادي في تحالف القوى صباح الكربولي الى أن مؤتمر قمة بغداد لبرلمانات دول جوار العراق يمثل نقلة نوعية في استعادة دور العراق الريادي كدولة مستقلة لديها سيادة وارادة مستقلة تعمل على استقرار المنطقة وتحقيق التنمية والبناء والاعمار ومغادرة سياسة ردة الفعل الى الفعل والمبادرة في المحيط الاقليمي.
وأكد الكربولي، في حديث لـ"الصباح"، اهمية مساندة توجهات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب في تعزيز وتوطيد العلاقات والتعاون مع دول الجوار الاقليمي، مبيناً أن المؤتمر يمثل فرصة مهمة للحوار وتبادل وجهات النظر للتنسيق الامني والتكامل الاقتصادي وانهاء المشكلات العالقة بين دول جوار العراق للبدء بمرحلة جديدة من العلاقات الاقليمية شعارها الاستقرار والتعاون والتنمية ومغادرة سياسة الصراعات واعتماد سياسة التكامل والازدهار والتنمية.
واضاف الكربولي ان اجتماع البرلمانات بمختلف الانظمة السياسية الرئاسية والبرلمانية والملكية في العراق والتي تمثل الجانب الشعبي وتملك حق المصادقة على اتفاقيات التعاون التي تعقدها حكومات دول الجوار يتطلب التنسيق المشترك والحوار البناء للمضي في تنفيذ هذه الاتفاقيات ووضعها موضع التنفيذ لتنعكس على شعوب المنطقة ويلمسها المواطن بشكل مباشر.
بدوره، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، مختار الموسوي: إن "مثل هذه المؤتمرات تخدم سمعة البلد وتؤكد استقراره، وبالتالي فأن الفائدة عمومية للعراق وليست للشعب على وجه الخصوص".
وأضاف، ان "العراق تمكن من أن يلعب دوره الريادي والمحوري في المنطقة، خاصة انه تمكن من جمع الدول وعلى وجه الخصوص إيران والسعودية على طاولة واحدة".
طموح اقتصادي
عضو اللجنة الاقتصادية ندى شاكر جودت، بينت أن الاهداف المرجوة من هذا المؤتمر تصب في بناء علاقات اقتصادية اولا على اعتبار أن التعامل والانفتاح الاقتصادي اساس مهم في ترسيخ العلاقات السياسية والثقافية والدبلوماسية بين العراق ودول الجوار.
واضافت جودت، في حديث لـ"الصباح"، ان العمل على بناء علاقات اقتصادية بين دول الجوار والعراق يعد خطوة ايجابية ترسم مستقبل العراق من الناحية الاقتصادية وعلى المدى الطويل، داعية السلطة التنفيذية إلى استثمار الدبلوماسية في بناء علاقات اقتصادية رصينة تعود بالنفع على العراق ومستقبله.
وحثت جودت المؤتمرين على دعم العراق على جميع الصعد واولها الصعيد الاقتصادي كونه يمثل حلقة مهمة في تمتين العلاقات، مشددة على ضرورة أن تكون العلاقات الاقتصادية ذات منفعة للعراق ودول الجوار.
ولفتت النائب، إلى من اهم العقبات التي تواجه العراق هي البطالة التي يجب ان ترسم السياسة الاقتصادية ستراتيجية خاصة للقضاء عليها من خلال تشغيل المصانع والمعامل المتوقفة في الصناعة والتجارة والاعتماد على المنتج المحلي ومنع الاستيراد او تقنينه بالاتفاق مع دول الجوار، مؤكدة ان طرح دعم الاقتصاد العراقي كواجهة مهمة للاتفاق عليها يعد من اهم الخطوات الايجابية التي تدعم التنمية والاعمار وتحقق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
من جانبه اوضح النائب عن تحالف سائرون عباس عليوي ان رفع شعار التنمية الاقتصادية في مؤتمر قمة بغداد لبرلمانات دول الجوار يعد هدفا يجب ان يتحقق عبر اتفاقات ستراتيجية.
وأوضح عليوي، لـ"الصباح"، ان بناء نظام اقتصادي متكامل يعد اساسا في بناء الدولة ويتم ذلك من خلال رسم ستراتيجية تدعم وتسهم في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي نحو الافضل، مشيراً الى ان مخرجات المؤتمر ايجابية وتصب في المصلحة العامة للبلاد من خلال الخطط المرسومة والاتفاقيات الاقتصادية للمؤتمر.
وشدد عليوي على أهمية ان تشارك دول الجوار في دعم الاقتصاد كون العرق البلد الوحيد الذي دافع وقدم التضحيات من اجل تحرير اراضيه والقضاء على داعش الارهابي لذلك على كل دول الجوار بناء علاقات اقتصادية مهمة ودعم المنتجات العراقية.
تحليل سياسي
بدوره، يرى المتابع للشأن السياسي الإقليمي رحيم الشمري ان حضور ستة برلمانات لدول المنطقة حدودها مع العراق، نقطة ستراتيجية لتوطيد علاقات الشعب، فالبرلمانات تمثل شعوبها وصوتها الداعي للتعاون والتنسيق ورسالة سلام لست دول مهمة.
وتابع الشمري، في حديث لـ"الصباح"، ان العراق على علاقات متوازنة ويقف على مسافة واحدة من جميع الدول، مبينا ان التواصل عبر اللقاءات في هذا المؤتمر سيمد الصِّلة بين الحكومة والبرلمان العراقي بحكومات وبرلمانات وشعوب دول الجوار اضافة الى التعاون الاقتصادي الذي سيلعب دورا مهما في ترسيخ مبادئ العلاقات على اساس المصالح المشتركة.
واشار الشمري إلى ان القضاء التام على الاٍرهاب والتطرف والجماعات المساحة المجرمة التي وضعت القوات الامنية العراقية حداً لتمددها وتهديدها لبلدان المنطقة، حقيقة راسخة يدركها الجميع، ووفود الدول المتواجدة على ارض العراق حاليا تدرك ما تحمل العراق من اجلها.
نتائج إيجابية
وفي السياق، قالت النائبة عن تحالف سائرون هيفاء الحسيني: ان المؤتمر خرج بنتائج ايجابية من اهمها دعم دول الجوار لاستقرار العراق من خلال بناء علاقات نزيهة تبنى على المصالح المشتركة وتمنع التدخل وتحترم سيادة الدول.
واضافت الحسيني، لـ"الصباح"، ان الهدف من اقامة مؤتمر الجوار هو العمل على بناء علاقات رصينة اضافة الى ابراز دور العراق الريادي في المنطقة واهميته الستراتيجية كدولة مهمة ومحورية، مبينة أن العراق يمر الآن بوضع جديد وبرلمان يتسم بالديمقراطية ولا يسمح ان يكون ساحة لتصفية الحسابات بين الدول على أراضيه.
فيما لفت رئيس كتلة الرافدين النيابية عما نؤيل خوشابا الى ان الهدف من المؤتمر هو اعلان بداية انطلاق العراق كدولة محورية وذات سيادة وطنية لها مصالح مشتركة مع دول الجوار مبنية على اسس الصداقة وحسن الجوار.
واكد خوشابا، في حديث لـ"الصباح"، ان الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ومن ثم الدعوة الى اقامة مؤتمر برلمانات دول الجوار دليل على نجاح السياسة الخارجية العراقية اضافة الى دعوة الدول الى احترام الشأن العراقي وعدم التدخل فيه، داعيا دول الجوار إلى التنسيق مع العراق في الجوانب الامنية والاقتصادية والسياسية اضافة الى الجوانب الثقافية لاننا في المنطقة تربطنا علاقات ثقافية واجتماعية.
إلى ذلك، أشارت النائب عن كتلة المواطن النيابية منى الغرابي الى ان المؤتمر دليل على اهمية الدور العراقي في المنطقة بصفته لاعبا اساسيا في عدة قضايا منها الاقتصادية والسياسية اضافة الى عمقه الثقافي والتاريخي.
واضافت الغرابي، في حديث لـ"الصباح"، ان المؤتمر يؤكد اهمية العراق بين دول الجوار لذلك يجب ان تكون مخرجات المؤتمر داعمة للعراق في كل المجالات منها الاقتصادية وتأهيل وتشغيل الايدي العاملة ودعم الاقتصاد العراقي كون العراق قاتل الارهاب نيابة عن دول الجوار والعالم لذلك يجب ان يكون موقف دول الجوار بحجم التضحيات الكبيرة التي ضحى بها العراق لحماية المنطقة من الارهاب.