مستشار اردوغان لـ «الصباح»: واشنطن تظلم أنقرة في ملف «إس – 400»

قضايا عربية ودولية 2019/04/23
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
يتزايد الضغط الأميركي على تركيا، هذه الأيام، بسبب إصرارها على شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس – 400، فيما تقول الولايات المتحدة إن هذه المنظومة تشكل خطرا على أمن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) بقيادتها وعضوية فاعلة من تركيا. وتلوح واشنطن لأنقرة بأن امتلاكها منظومة إس – 400 بدل منظومة باتريوت الأميركية يمكن أن يحرم القوات المسلحة التركية من الحصول على مقاتلات إف – 35 الأميركية التي تشارك في مشروع انتاجها 8 دول بينها تركيا التي دفعت حتى الآن قرابة 900 مليون دولار في هذا المشروع.
 
الموقف التركي من الضغط الأميركي
ويرفض المسؤولون الأتراك ضغط نظرائهم الأميركيين عليهم.
ويقول ياسين آكتاي، المستشار الحزبي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في حديث لـ»الصباح»، إن «لدينا ضغطنا على الولايات المتحدة أيضا، لأنها تضغط على تركيا ظلما، وتركيا تدافع عن نفسها»، مضيفا «من حق تركيا أن تأخذ الأسلحة والأنظمة العسكرية والصاروخية والدفاعية من أي منشأ تريد».
ويبين آكتاي أن «المنظومة الروسية المثيرة للجدل ليست هجومية، بل دفاعية، وقد طلبنا مثلها من حليفنا في الناتو - الولايات المتحدة ولم يعطونا إياها، وحين يريدون إعطاءها لنا فيريدون ذلك بالأذى والمنة».
ويكرر إردوغان القول إن تركيا انتظرت نحو 10 سنوات لتحصل على باتريوت من دون جدوى.
وكشف خلوصي آكار، وزير الدفاع التركي، عن دراسة عرض جديد لشراء باتريوت تقدمت به الولايات المتحدة.
ويفيد المستشار في رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم «نحن نحتاج إلى هذا السلاح، وحين لا تبيعنا إياه الولايات المتحدة فسنجده في أي مكان آخر»، متابعا «طلبنا من الصين، وطلبنا من فرنسا، ومن روسيا، وقارنا أي الأسلحة أحسن لنا».وينبه إلى أن «تركيا دولة مستقلة بذاتها، وترتكز على قدميها، ولا تتأثر بمن ينتقدها ويضغط عليها، ومن يضغط، بملف مقاتلات إف – 35 مثلا، فسينعكس الضغط عليه».
ويركز المسؤولون الأتراك في نقطة كون أنقرة شريكا في إنتاج إف – 35 وليست مجرد زبون.
وقال إبراهيم كالن، المتحدث باسم إردوغان، بعد مشاركته في المؤتمر السنوي السابع والثلاثين لمجلس الأعمال التركي ـ الأميركي، والمجلس التركي ـ الأميركي، في واشنطن، إن تركيا «لا تقبل الضغوطات أحادية الجانب ولا الإملاءات»، مشيرا إلى أن المسؤولين الأتراك أبلغوا نظراءهم الأميركان بأن لغة تهديد تركيا ستكون لها نتائج عكسية.
 
السياسة الخارجية والهجمات التجارية
ويتحدث الرئيس التركي وكبار المسؤولين في فريقه الحكومي باستمرار عن تعرض تركيا لحرب اقتصادية وهجمات تجارية تشنها أنظمة خارجية وجماعات ضغط داخلية عليها.
وعزز هذا الاعتقاد تهديد واشنطن لأنقرة بأنها قد تخضع لقانون مكافحة أعداء أميركا الذي يعاقب دولا وشركات تتعامل مع وزارة الدفاع والاستخبارات الروسية.
وأشعر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكونغرس، الشهر الماضي، بقرار إنهاء شمول تركيا ببرنامج كان يعفي بعض صادراتها من الضريبة الجمركية منذ 44 عاما.
ويعلق مستشار الرئيس التركي بأن «الحروب التجارية لا تخيفنا ولا نخشاها، فنحن معتدون بأنفسنا، ومتعودون على مثل تلك الحروب وتلك الهجمات».
ويسري اعتقاد واسع في الأوساط التركية بأن السياسة الخارجية لأنقرة، ومواقف قادتها تجاه دول وقضايا دولية؛ تجعل من تركيا عرضة للهجمات. ويجد آكتاي أن «من يدافع عن القضايا الحقة لا يتركونه لحاله، إلا ويهاجمونه، وهذا ما يحدث لتركيا»، مستطردا أن «تركيا تستوعب القضية الفلسطينية وقضية القدس، وتريد أن يتجه الجميع نحو عالم جديد وعالم عادل، وليس عالما ظالما كالذي نعيش فيه الآن».
وتبادل الرئيس التركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي هجمات كلامية في الآونة الأخيرة بسبب مواقف أنقرة من سياسات تل أبيب.
ويذكر آكتاي «تركيا، وبالرغم من الهجمات، إمكاناتها قوية، واقتصادها قوي، وتعد دولة الفرص والمجالات الاستثمارية المتعددة، ودائما ما تدعو المستثمرين إلى القدوم إليها للإفادة من تلك الفرص»، لافتا إلى أن «تركيا دولة آمنة ومستقرة في منطقة غير مستقرة».
 
السياسة الخارجية 
والانتخابات الأخيرة
وأقحم كل من التحالف الحاكم وتحالف المعارضة ملفات السياسة الخارجية في الانتخابات المحلية الأخيرة. وركز التحالف الحاكم بزعامة إردوغان في القضايا الخلافية مع دول الغرب، وبينها دعم التنظيمات المسلحة الكردية المعادية لأنقرة، في حين ركز تحالف المعارضة في القضايا الخلافية داخل الشارع التركي، وعلى رأسها وجود ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، متوعدا بإعادتهم إلى بلادهم.
وفاجأت نتائج الانتخابات التحالف الحاكم والمراقبين إذ أسفرت ولأول مرة منذ سنوات طويلة عن خسارة حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلديتي العاصمة السياسية أنقرة، والعاصمة الاقتصادية اسطنبول.
وينظر مستشار رئيس الحزب الحاكم إلى نتائج الانتخابات بأنها «طبيعية، فتركيا دولة ديموقراطية، وتغير رئاسة بعض البلديات هو من طبيعة الديموقراطية»، معقبا «سننتظر 5 سنوات، وبعدها سنأخذ الرئاسة من جديد».
ويشرح آكتاي أن «التغيير في رئاسة بعض البلديات حدث في رئاسة البلديات الكبرى والمركزية، ولكن رؤساء معظم بلديات أحياء ومقاطعات اسطنبول وأنقرة مثلا هم من حزب العدالة والتنمية».
ويرى آكتاي أن «هذا تغيير عجيب طبعا، إذ يعني أن الشعب التركي وزع سلطات البلديات بين الأحزاب، وربما هذا سيعطي فرصة أكبر للمشاركة والاستقرار في تركيا، ولنأخذ الأمور من جانبها الإيجابي وليس من جانبها السلبي، لأن استبعاد بعض عناصر الشعب التركي من القيادة يؤثر أكثر في انعدام الاستقرار».