تجليات في ذكرى الرحيل

الرياضة 2023/05/30
...

خالد جاسم
مَرت قبل أيام معدودات الذكرى الرابعة عشرة لرحيل شيخ المدربين عمو بابا وهي ذكرى مفعمة بالحزن والألم مع أنها وكغيرها من المناسبات الرياضية الوجدانية مرت مرور الكرام باستثناء سطور التأبين التي كتبها بحق الراحل عمو بابا وزير الشباب والرياضة . 

وعندما أستذكر ذكرى رحيل الشيخ الكبير أستنهض مرة أخرى الكم الكبير من مناشداتنا الى  المسؤولين في الرياضة وخارجها رعاية رموزنا وأبطالنا في الرياضة وهم أحياء يتلظون تحت سياط عذابات المرض والعوز والفاقة وليس استذكارهم بعد الممات ورحيلهم عن هذه الدنيا الفانية بخطابات التمجيد ودموع الأسى في حفل تأبيني أو مرور كذا سنة على رحيل هذا البطل أو ذاك , وأذكر أنني كتبت بعد وفاة شيخ المدربين عموبابا رحمه الله أن ماحصل عليه الراحل من الاهتمام الرسمي والشعبي على مدى ثلاثة أيام متتالية بعد وفاته ما لم يحظ به طوال مسيرته الرياضية الطويلة التي قضاها في معشوقته كرة القدم التي خدمها لاعبا ومدربا ومعلما وإداريا بل وحتى فلاحا وأباً للجميع .. نعم كانت وفاة عمو بابا المفاجئة برغم توقعنا لها في الايام الاخيرة من حياته في ضوء ما شاهدنا من ذبول وما يشبه الجفاف على محيا - أبي سامي - وهو طريح الفراش في أحد مستشفيات دهوك قرعت جرس الاستنفار والتسابق الرسمي بين كبار المسؤولين في الدولة والوزراء والنواب وغيرهم لأجل المشاركة وكل حسب طريقته في تأبين أو تشييع أو إلقاء خطب الرثاء بحق الفقيد الذي أمضى السنوات الاخيرة من عمره المتهالك والمثقل بالهموم والأوجاع وجسده الذي لم يكن يتحمل المزيد من العلاجات والعقاقير والأدوية يناشد هؤلاء المسؤولين الاهتمام به وإيفائه جزءاً بسيطاً من حقه كمواطن عراقي غير اعتيادي منح العراق في كل أزمانه الحديثة انتصارات وإنجازات ليست إعتيادية هي الأخرى , وإذا كان بعض المسؤولين لم يقصروا بشيء تجاه عمو بابا وعملوا ما باستطاعتهم لمعاونته في شدته وتوفير ما يمكن من سبل له لتلقي العلاج وهو في واحدة من نوبات مهاجمة وإشتداد الأمراض عليه في شيخوخته إلا أن أحدا لم يفهم أو يستوعب لماذا كان عمو بابا يناشد بل ويضرب على الأوتار الحساسة في ضمائر وقلوب المسؤولين , لأن الأمر كان ببساطة شديدة أن لا أحدا من الساسة يفهم تماما ماهية الرياضة ومعانيها وقيمة رسالتها الإنسانية الكبيرة ... كانت مناشدات عمو بابا ورغم حضور الطابع الشخصي عليها انعكاسا طبيعيا لمعاناته الخاصة في رحلة الألم والمعاناة الطويلة وهي تهدف الى لفت أنظار الحكومة والدولة الى الباذلين والمضحين من أجل العراق ... كانت صرخات مدوية رغم ضعف ارتدادها في الصدى لأنها تلامس جدران صماء تنطق بالسنة العشرات بل والمئات من الرواد والابطال الذين حفرت أسماؤهم بمداد الذهب في سجل الرياضة العراقية وراح بعضهم وغادر الدنيا بصمت وهدوء من دون ان تتمكن عائلته من توفير ثمن - الكفن - قبل مواراة التراب .. كانت مناشدات ومطالبات عمو بابا ليست مطالب شخصية في دنيا زائلة عاشها الشيخ زاهدا وحيدا بعيدا عن أهله الذين توزعوا في المنافي وديار الغربة مرغمين بل هي صوتا مدويا يطالب بإنصاف رجال من عمره وأقل بعضهم زامله لاعبا والبعض الاخر عاش معه مدربا واخرون تتلمذوا تحت يديه وكلهم يعانون شظف العيش تحت خط الفقر ومن مداهمة الأمراض وقبلها العيش في الإحباط واليأس والألم لأن لا أحدا في هذا البلد لا في الزمن السابق ولا في الزمن الحالي قد منحهم متطلبات الحد الأدنى من الاهتمام ولا نقول ما يوازي غيضا من فيض العطاء والتضحية التي قدموها على قربان العراق.