كفتا كرة القدم

الرياضة 2023/06/01
...

علي حنون

يَكثر القول إن الشوط الثاني في فعالية كرة القدم، هو شوط مدربين، وكأن الأول ليس للمدربين يد فيه، وبرأينا أن هذا المفهوم مغلوط في عدة جوانب، لأنه وفي مباريات مثل الدوري غالبا ما تكون جميع الفرق مكشوفة الأوراق (فنيا)، لذلك فان رؤية المدرب والأسلوب، الذي يَضعه لأداء فريقه، منطقيا يجب أن يأتي مُنسجما مع إمكانات لاعبيه وقدراتهم الفردية والأدائية الجماعية، وربما يكون للمدرب بصمة أكثر وضوحا في الشوط الثاني، في حال كانت المسابقة خارجية والمدرب يَجهل أوراق الفريق المنافس، عندها يحتاج فسحة من الوقت في بداية المباراة لتحقيق قراءة فردية وجماعية للفريق المنافس، بهدف رسم أسلوب المواجهة المناسب في الشوط الثاني من المباراة، وبلا ريب هذا في حال كان الفريق المقابل بعيدا عن الأضواء وليست لديه سيرة تنافسية.

أن من يتناول هكذا رؤية أو فلسفة برأينا يبحث عن أقصر طريق لمُغادرة الواقع في فعالية مثل كرة القدم واضحة بكل تفاصيلها والمنتخب أو الفريق، الذي يدخل المشاركة الخارجية او المنافسات الوطنية يدرك عن يقين التفاصيل الأدائية للفريق المُقابل، لاسيما وان أغلب المنتخبات وفرق الأندية المعروفة تمتلك فريقاً متكاملاً من الفنيين المُختصين بالرصد والمتابعة والتحليل ناهيك عن ان التطور التكنولوجي واستثماره في مجال كرة القدم يسّر كثيرا في جوانب المعرفة والاطلاع وأيضا يبقى لعملية النقل التلفزيوني للمباريات الدور المُؤثر في هذا الأمر، ما يعني من كل ما تقدم أن جميع المنتخبات وفي طليعتها المعروفة لم تعد موضوعة أدائها مكسوة برداء الغموض، بل أن رؤاها وطريقة أدائها باتت معلومة ويبقى على الجهاز الفني للفريق المقابل ان يضع الطريقة المُثلى للمواجهة.

وهنا يبقى الأمر الجوهري وهو أنه ورغم المعرفة بأداء الفرق الأخرى - حتى مع تغيير الطريقة وفقاً لأحداث المباراة - يبقى كما أسلفنا أسير جودة عطاء الأدوات المُتاحة - اللاعبين - في تشكيلتك، والتي هي من تُحدد إمكانية الخروج من المواجهة منتصرا وهذه الموضوعة تعتمد على مُحددات جوهرية تتعلق جميعها بامكانات اللاعبين وقدرتهم على تنفيذ الواجبات المناطة بهم والكيفية، التي ترتكز على مهاراتهم وثقافتهم الفكرية وسرعة البديهة وعدا ذلك فان أريج عطر كرة القدم يفوح من ولائها للفريق، الذي يُحسن الأداء ويستثمر الفرص خلال المباراة، وليس للاعتبارات الأخرى، التي تذهب باتجاه إعطاء لاسم الفريق ومكانته، الدور المُؤثر.

وغالبا لا يُمكن وضع اللائمة على عاتق المدرب وحده عندما يخفق الفريق في الشوط الثاني لأن الأخير قد يكون وضع على طاولة عطاء اللاعبين رؤية مغايرة لكن بينهم (اي اللاعبين) من لم يستطع لعديد الأسباب أن يُؤازر زملائه في تنفيذ الطريقة الجديدة وبالتالي يخفق الفريق ويخرج من المواجهة مُتعثرا، لموجبات ليس للمدرب يد فيها وإنما الأدوات (اللاعبون) هم من لم يتمكنوا من القيام بواجباتهم وتنفيذ أدوارهم المرسومة لهم..إذن ليس من الإنصاف الجزم بأن الشوط الثاني مع كل ما تقدم هو شوط مدربين فقط وإنما هو قسم فيه المباراة تكون بأحداثها أسيرة للقراءات الجديدة للمدرب وللدور الأدائي للاعب، فهما كفتان يوازنان بعضهما وأي خلل في كفة، فان الأخرى ستتأثر بكل تأكيد.