الابتزاز الالكتروني ومخاطره على المجتمع

اسرة ومجتمع 2019/04/23
...

عبد الكناني
يمثل الابتزاز الالكتروني في العراق واقعاً مرعباً، كونه يتسبب في اسقاط ضحايا ويدفعهم الى محاولة التخلص منه بشتى الطرق، تجنباً للفضائح التي  قد تنجم  ان لم يستجيبوا لارادات المبتزين. ولرصد هذه الظاهرة الجديدة والخطيرة في مجتمعنا واثرها فيه والتعرف على آليات مكافحتها والعناصر العاملة فيها واساليبها كلف مركز احياء التراث العلمي العربي بجامعة بغداد مجموعة من الباحثين في المركز والجامعات العراقية ووزارة الداخلية لتقديم ابحاث حول هذه القضية تتناولها من جميع الجوانب “تاريخياً وواقعياً وطرق الحد منها والسيطرة عليها ومكافحتها”.
 
ظاهرة خطيرة
وللتعرف على ماجاء بهذه الابحاث حدثتنا الدكتورة لقاء شاكر الشريفي المشرفة على تسلم الابحاث وتنسيقها وفق محاورها قائلة:
ان مركز احياء التراث العلمي العربي  بصدد اقامة ورشة تثقيفية عن هذه القضية انطلاقاً من توجيهات مدير المركز الدكتور مجيد مخلف طراد:  ‏بان  هذه المشكلة اصبحت  عالمية حيث  يواجه العالم اليوم تحدياً كبيراً بعد  ان أَحْدَثت إفرازات الثورة 
الرقمية وتكنولوجيا المعلومات  ‏ظاهرة ( الابتزاز الالكتروني) وراحت تشكل خطراً على المجتمعات الإنسانية ، بل عدها أصحاب ‏الاختصاص من الجرائم الحديثة التي باتت تنافس الجرائم العادية في ازدحامها على ارض الواقع. وان نقص ‏الوعي في كيفية الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي وضعف الثقافة الحاسوبية المتعلقة ببرامج ‏الحماية وتطبيقات التشفير الصحيحة واستعمال الحسابات بصورة دقيقة، كلها تعد أسباباً لانتشار ‏هذه الظاهرة . 
ومن هذا المنطلق ووفق هذا التوجيه من قبل مدير المركز، كُلف باحثون من وزارة الداخلية مختصون بهذه المسألة الحساسة والبالغة الاهمية، كونها الجهة الابرز والاهم في التعامل ومكافحة هذه الظاهرة المستفحلة بمجتمعنا في السنوات الاخيرة، لتقديم ابحاث عن هذه الظاهرة لاجل تعريف الجمهور بها من خلال الفعاليات التي سينظمها المركز بهذا الاتجاه.
 
السياق الاجرائي
واضافت ومن الابحاث التي قدمت بحث للواء الدكتور سعد معن والذي جاء فيه:‏يعاني ‏المجتمع العراقي من موضوع الابتزاز الالكتروني وعليه يجب على الشخص الذي تعرض للابتزاز ان يحرر ‏شكوى في مراكز الشرطة وتأخذ السياق الإجرائي العام ويقبض على المبتز وبحضور المشتكي ويحال الى ‏القضاء وقد صدر بالعراق قانون الجرائم العام الذي يضمن حق المواطن . وتضمن البحث التنبيه الى مخاطره على الاسرة فقد ذكر: ان هدم اي مجتمع او حضارة يبدأ من هدم الاسرة وهدم التعليم . ودور الأسرة والتربية والتعليم مهم لبناء ‏مجتمع منظم ومتحضر خال من المشاكل .وقد شرع قانون الجرائم الالكترونية وقد تم وضع فقرة الحق العام للدولة على المبتز، حيث ان هذه الفقرة تعد فقرة مهمة بالقانون ازاء تردد وعزوف المشتكين من ضحايا الابتزاز عن اعطاء المعلومات الكافية تجاه المبتز، خوفاً من الفضائح، حيث تتيح هذه الفقرة اخضاع المبتز للعقوبة من قبل الادعاء العام. 
ابتزاز غير اخلاقي
وتناول بحث المقدم محمد عباس ‏مدير شعبة الجرائم الالكترونية في وزارة الداخلية الجوانب الفنية: بان المجتمع العربي ‏يتعامل مع آلاف الحالات من جرائم الابتزاز الالكتروني عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي و ‏منها الفيس بوك ومالها من مجال كبير في خرق الحسابات عن طريق معرفة وتهكير اليوزر نيم ‏والاميلات الخاصة والدخول اليها واستغلالها بشكل خاطئ والتلاعب بالصور وابتزاز غير اخلاقي ومالي ‏من صاحب الصور، فيتم  من خلال التهكير جمع المعلومات وتحليلها للحصول على ثغرة ينفذ منها للشخص المستهدف ويخضعه للابتزاز.  ونوه ايضاً الى كاميرات المراقبة وكيفية ‏التهكير الالكتروني وكيف نؤمن حساباتنا من هذه الاختراقات. وكذلك ابتزاز واستغلال الاطفال ‏عن طريق الالعاب الالكترونية وابتزازهم جنسياً واستدراجهم بتجارة الصور الاباحية التي تتخلل الالعاب حيث ينجذب الاطفال لهذه المغريات وبالتالي تصل الامور الى مراحل لايحمد عقباها تنجم عنها نتائج كارثية للاطفال والاسرة والمجتمع وربما البلاد برمتها..
 
آثار سلبيَّة
اما بحث الرائد عزيز ناصر من وزارة ‏الداخلية فقد كشف عن ابتزاز الطبقات العلمية الراقية من اساتذة جامعيين وحملة شهادات عليا في اختصاصات مختلفة عن طريق “كارت الابل ستوري” لما له من خاصية ارتباط الأشخاص مع بعضهم وتداول ‏الصور والفيديوات العائلية.  وتناول ايضا الآثار السلبية للابتزاز الالكتروني،  اذ  يؤدي احياناً الى ‏انتحار الأشخاص والمهاجرة او الاعتكاف او الطلاق . 
وطالب الباحث من خلال بحثه  بتشريع قانون فاعل وحازم لايعتمد الوسائل والاساليب التقليدية بل يجد منافذ غير مسبوقة للكشف عن هذه الجرائم حتى من دون اللجوء لاخبارات ومعلومات المواطن يحد من هذه ‏الظاهرة المؤذية  للحفاظ على اطفالنا ونسائنا ومجتمعنا من قرصنة الابتزاز الالكتروني .
 
المعلومات الشخصيَّة
وواصلت حديثها : في حين تناول بحث ‏النقيب اياد محمد جارح خبير الادلة الجنائية في وزارة الداخلية كاميرات المراقبة وأهميتها ‏البالغة  وضرورة المراقبة وادامة الكاميرات ووضعها بشكل صحيح وزوايا واضحة. معرجاً على اختراقات ‏الحسابات الشخصية عن طريق تسجيل المعلومات باسم الشخص او أقاربه من خلال المواليد و الهاتف ‏ومعرفة معلوماته الشخصية التي ذكرها بصفحته الشخصية .
 
ضحايا
وتضمن البحث:  حالات الابتزاز التي شملت شرائح كثيرة رجالاً ونساء وحتى الاطفال عبر التواصل من خلال وسائل الميديا المتعددة، فقد ابتزت استاذة جامعية ولجأت الى الاجهزة المختصة لحمايتها وكشف المبتز. وهناك ابتزاز طلابي اي بين طلاب الجامعات واقسى انواع الابتزاز هو ابتزاز النساء للنساء، وصعوبة اكتشاف النساء المبتزات  سواء بالعنوان او الشكل او الملامح وهو ناتج عن الخبرة التي تتوفر لهن وللبرامج العالية التي تستخدم بهذا المجال الخطير. وقد ادى هذا الابتزاز الى آثار نفسية مدمرة ادت الى ارباكات اجتماعية وتداعيات خطيرة .وحالات طلاق كثيرة في المجتمع وتهديم اسر. علاوة عن تهديدهن ومساومتهن بمبالغ او غيرها اثر استغلال سذاجة بعض النساء عبر تسميات “الشيوخ والمعالجين الروحانيين وحتى رجال دين بادعاء الخيرة والتنبؤ لمستقبل حياتهن ومعرفة مشاكلهن”. 
 
3326 قضية
وذكرت: ان خلاصة البحوث افرزت حقائق عديدة، لاسيما حالات الابتزاز الحقيقية، حيث  ابتز الكثير من الناس وعلى مختلف المستويات وبالذات الشريحة المتنورة والاكاديمية والوجوه الاجتماعية المعروفة واصحاب المناصب والنساء عن طريق التسلل للصفحات من خلال اقامة تواصل خادع يؤدي الى سرقة الرموز والارقام “ان كان بالفيس بوك او الانستغرام والواتساب وتويتروغيرذلك” الخاصة به ومنهم النساء ويحصل من خلالها على صور تقع بيد المبتز ليخضع ضحيته للابتزاز من خلال الصور المفبركة والحقيقية ببرامج احترافية تستغل “الايتي والكارت”.واضافت: وكشفت البحوث ان فرداً واحداً ابتز 1200 امرأة وفتاة وقد وصلت عدد قضايا الابتزاز خلال مدة ستة اشهر الى 326” قضية بالفيس بوك عام 2018 وهو رقم مخيف في ظل مخاوف من عدم تقديم الشكاوى من قبل المبتزين والمبتزات لخشية الفضيحة والسمعة في حين انهم يستعينون بالاجهزة الامنية والمختصة لتخليصهم وانقاذهم من هذه الورطة التي تجعلهم ضحايا وبالتالي اما ينتحرون او يهاجرون دون معرفة مكانهم، ان ضعف حماية الحساب الشخصي للمستخدم وانكشاف الرقم السري بمواجهة اشخاص وشبكات محترفة يجعلان الكثير ضحايا لهؤلاء المجرمين.