هناء العبودي
استضافت منصة إبداع في مدينة الإبداع الأدبي- اليونسكو وفد النادي الثقافي العماني الشقيق في ندوة حوارية مفتوحة على قاعة "ستي" في بيت الحكمة بحضور كبير.
وتحدث في الجلسة التي أدارها الدكتور سعد التميمي بداية الدكتور العماني محمود بن مبارك السليمي عن محطات بارزة في تاريخ وحضارة عمان الشقيق، وعن عمق ومتانة العلاقات الأخوية بين العراق وعمان، ثم عرج على النادي الثقافي العماني، قائلاً انه: مؤسسة ثقافية حريصة على تقديم الثقافة متمثلا برئيسه يزن بن طارق بن هيثم وزير والرياضة والشباب، والذي يدفعهم ليكونوا واجهة ثقافية عمانية مع أشقائهم العرب، وعلى صلة وتواصل لا سيما في هذا البلد، وهم يفتخرون بالعراق الذي هو جزء لا يتجزأ من الذاكرة العمانية منذ القرون الأولى الهجرية، لأن العراق احتضن كوكبة من العلماء العمانيين وعلى وجه الخصوص من الذين هاجروا من عمان واستقروا في البصرة وبغداد بدءا بالإمام جابر بن زيد والربيع بن حبيب والخليل بن أحمد الفراهيدي وابن دريد والمهلب بن أبي صفرة والذي هو عمود من أعمدة اللغة العربية الأصيلة.
كما وتحدث عن كتاب صدر حديثا في عمان وهو كتاب تراثي لمؤلفه الشيخ حميد بن محمد بن رزيق النخلي العماني والتخلي نسبة إلى مدينة نخل في عمان، وهذا المؤرخ ممن عايش التمام احمد بن سعيد مؤسس الدولة لأبي سعيدية والذي تربى في أحضان هذه الأسرة عالما شاعرا فقيها مؤرخا.
كما وتناول عبر حديثه التاريخ العماني وكيف انه مدين للعراق، لأن العمانيين لا يهتمون كثيرا بتدوين (التاريخ) وانما اهتمامهم الأكبر في كتابة (السير) على سبيل المثال (ناصر بن مرشد)، سيرة (الصدي)، سيرة (الخلوصي) وهذه السير تركز على شخصيات بعينها.
ومن الجدير بالذكر أن المؤرخ العماني (الازكوي) مؤلف كتاب (كشف الغمة في أخبار الأمة) وهو أول كتاب وضع في كتابة التاريخ في عمان في القرن الحادي عشر، ثم جاء ابن رزيق فاستدرك ما فاته، وكذلك الف كتاب (الفتح المبين في سيرة السلاطين) وهو أول كتاب يتحدث فيه عن السادة البوسعيدين، وهو أول من كتب عن تاريخ الملوك والسلاطين عرج فيه عن التاريخ العماني خاصة عن قبيلة (ال بو سعيد) المنتمية إلى الازد والمهلب بن أبي صفرة، ثم تحدث في الكتاب عن هؤلاء السلاطين بدءا بالإمام أحمد ابن سعيد انتهاء بسعيد ابن أحمد ابن سعيد، والعصر الذي عاشه، ولعله رأى أن العلماء لا يرون منه هذا فقط، فالف كتابه الآخر والذي سماه (الشعاع الشائع في اللمعان) ذكر فيه أئمة عمان.
ثم أشار السليمي إلى أن كتاب ابن رزيق الثالث اسمه (المؤتمن في ذكر نزار واليمن) هو كتاب ضخم وضعه في صحيفتين الأولى الصحيفة العدنانية، والثانية الصحيفة القحطانية. وهو كتاب مخطوط في جامعة أكسفورد في بريطانيا وكان للدكتور السليمي الشرف في تحقيق هذا الكتاب.
والصحيفتان العدنانية والقحطانية تحتوي على صفحات متقاربة وهي عبارة عن مجموع تاريخ وتراجم علماء، وفيه اشارة أيضا إلى إحداث تاريخية، وهو قائم على الشعر، لأن ابن رزيق كان شاعرا، ولا شك أن لكل أمة تهتم بتاريخها وتاريخ رجالاتها الكبار الذين تركوا أثرا.
ويوضح أن الجميل في هذا الكتاب أن ابن رزيق كتب تاريخا إسلاميا واهتم بالحديث عن كبار رجالات العدنانيين منذ القدم وحتى عصر الشاعر (اعلامهم شعراءهم، ادباءهم، أئمتهم، ملوكهم خلفاءهم) وما إلى ذلك. وقال إن "هذا الكتاب لا يستغنى عنه على حد تعبير السليمي، والمسألة الأخرى المهمة أن ابن رزيق أورد في كتابه هذا نماذج لشعراء لو لم يكتب عنهم لما عرفنا عنهم شيئا، فهذا الكتاب عبارة عن موسوعة مهمة من اوله إلى آخره لأنه مؤرخ ومترجم وله ديوان مخطوط كبير جدا اسمه (سبائك اللجين) في نحو (80) صفحة مخطوطة، وفيه توجد أيضا شخصية ابن رزيق لأنه عندما نقل لنا الاخبار التاريخية والنصوص الأدبية لم يكتف بالنقل فقط، بل كان ناقدا...الخ.
وذكر السليمي أيضا ما يسمى بـ (الدوامغ) وهي عبارة عن قصائد قامت على عدد من الشعراء، ومنهم الشاعر الحكيم ابن عباس الكلبي.
حضر الندوة جمع كبير من مثقفي المدينة وشعرائها وكتابها وأكاديمييها وعلى رأسهم معالي الدكتور محمد حسين آل ياسين رئيس المجمع العلمي العراقي.