الإسلام.. دين محبّة وسلام

منصة 2023/07/27
...

استقبلنا قبل أيامٍ بداية السنة الهجريَّة الجديدة، ما يعني أنَّ الإسلام كدينٍ ظهر قبل (1445) سنة.. والتساؤل: هل أنَّ الإسلام بدأ بخمسة ووصل الآن الى ملياري مسلم.. فكيف حصل هذا؟

والجواب أنَّ الإسلام ما كان ليظهر، وما كان لينتشر إلا لأنَّه جمع كل الفضائل، بدءاً من الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وانتهاءً بالأخلاق (إنما بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق).. وأنَّ الدين الذي يعتمد الرحمة والأخلاق لا بُدَّ أنْ يشيعَ المحبة والسلام بين الناس، يؤكد ذلك أنَّ لفظ (السلم) ومشتقاته ورد مئة وأربعاً وأربعين مرّة في القرآن الكريم و1132 في الأحاديث النبويَّة، بينما ورد لفظ (الحرب) ست مرات فقط.

لقد تم تطبيق ذلك سيكولوجياً، فالعرب قبل الإسلام كانوا يحبون أنْ يطلقوا اسم (حرب) على أولادهم، وإنَّه لما ولد الحسن ابن علي "ع" أسموه (حرب) فغيره النبي محمد الى (حسن)، ما يعني أنَّ السلم هو أصل الرسالة المحمديَّة في دعوته ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)).

ومن جميل ما يذكره الفقهاء (أنَّ الحب في الإسلام دين، الحب في الإسلام طاعة، الحب في الإسلام عبادة). وأنَّ الإسلام دعا الى أنْ يكون الحب مبدأً بقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) لإدراكه أنَّ العلاقات بين الناس إذا قامت على مفهوم المحبة ساد التسامح في ما بينهم، مع التأكيد على أنَّ للتسامح قيمةُ كبرى في الإسلام، فهو نابعٌ من السماحة بكل ما تعنيه الكلمة من حرية ومساواة، والاعتراف بالآخر، سواء كان يختلف عنك في المذهب أو الدين أو القوميَّة التي جسدتها مقولة الإمام علي "ع" (الناس صنفان إما أخٌ لكَ في الدين أو نظيرٌ لكَ في الخلق).

ولنا أنْ نفخر بنبينا محمد (ص)، ففي كتاب (أعظم مئة شخص في التاريخ)، الذي شمل أسماء مؤسسي ديانات، وقادة فكر، ومبتكري اختراعات غيرت مسار التاريخ، وضع مؤلفه (مايكل هارت) النبي محمد "ص" أولهم، يليه اسحق نيوتن ثم المسيح ثم موسى، ما يوجب علينا أنْ نقتدي بقيم وأخلاق من جعل كتّاب الغرب يضعون اسمه ضمن أعظم رجال التاريخ، ومن قال فيه عظماء من غير المسلمين كلمة حق، فهذا المهاتما غاندي يقول: (أردت أنْ أعرفَ صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أنَّ السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة بربه وفي رسالته).

وهذا المفكر الفرنسي لامارتين يتساءل: (إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقريَّة الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أنْ يقارنَ أياً من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد "ص" في عبقريته؟). 

ما نرجوه في سنتنا الهجرية الجديدة أنْ نعيدَ النظرَ في أنفسنا نحن العراقيين، وندرك أنَّ ما حصلَ بيننا من كراهية وحقد وانتقام واحتراب، سببه أننا كنا بعيدين عن الالتزام بقيم وأخلاق ديننا الإسلامي، وأننا إذا اهتدينا بأخلاق قدوتنا، أعظم رجل في التاريخ نبينا محمد (ص) الذي يحترم كل الديانات، ويعترف بالحقوق والحريات الأساسيَّة للآخرين، ويدعو الى السماحة وحسن المعشر، فإنَّنا نكون قد ضمنا مستقبلاً يؤمن للجميع حياة كريمة آمنة مريحة نفسياً تشيع التفاؤل بغدٍ أجمل.