ما من أحدٍ منّا ليست لديه عادات سيئة أو غير مستحبة، والمشكلة أنَّ الكثيرين لا يحاولون تغييرها؛ لأنهم يعتقدون أنَّه صعبٌ جداً، بينما يؤكد علماء النفس أنَّ تغيير العادات سهلٌ جداً إذا كنا نرغب بالفعل في تغييرها، ويرون أنَّه لا توجد بِنْية نفسيَّة تستعصي على التغيير؛ لأنَّ العقل البشري يتجاوب مع التغيير بسرعة مذهلة إذا التزمنا فعلاً بتغيير العادة التي نرغب في تغييرها. وبعكس ما يعتقد كثيرون فإنَّ التغيير لا يتطلب وقتاً، فأنت تستطيع ترك التدخين، مثلاً، في يومٍ واحدٍ إذا توافرت لديك الرغبة والإرادة.
ويعتقد كثيرون أنَّ الإنسان لا يستطيع أنْ يغيرَ سلوكاً ما إلا إذا عرفَ الأسبابَ الكامنة التي أدت إليه، وهذا غير صحيحٍ أيضاً. فأنتَ لستَ بحاجة الى اكتشاف هذه الأسباب، وكلُّ ما نحتاجُ إليه لتغيير السلوك هو التصميم على التغيير.
وعليك أنْ تعلمَ أنَّ التغيير السريع لا يستمر وقد يؤدي الى عودتك لعادتك السابقة بسرعة أيضاً إذا لم تكن مقتنعاً عن يقين بأضرار ومساوئ العادة السيئة.
خذ النفاق مثلاً، الذي يعني إظهار الإنسان عكس ما يبطنه، إذا لم يدرك المنافق أنَّ أمره يكتشف في النهاية، وأنه سيخسر تقدير الناس له، وأنَّه لن يبلغ غاياته مهما كان ماكراً في فن النفاق، فإنَّه يستمر في ممارسة هذا السلوك القبيح مبرراً ذلك بأنَّ المنافق وحده هو الذي يعيش في هذا الزمان، مع إدراكه بأنَّه يمارسُ الزيفَ على نفسه، وأنَّه يحتقرها إذا اختلى
بها.
واعلم عزيزي القارئ أنَّك إذا اخترت سلوكك فأنت تختار النتائج وعليك وحدك تقع هذه المسؤوليَّة. وعليك أنْ تدركَ أنَّ الفكرَ سلوكٌ يجب أنْ تعامله بنفس معاملة أي سلوكٍ آخر. فإذا اخترت الكراهية فإنَّك اخترت أنْ ترى العالمَ بمنظارٍ سوداوي.
وما يؤلم أنَّ الكثير من العراقيين يضمرون الكراهية والغضب، بينما هم في حقيقتهم رحماء محبون، ولو أنَّهم غيروا سلوكهم وجربوا الصفح عن الذين أساؤوا إليهم لأخمدوا نار الكره التي تحرقهم من الداخل وعاشوا بسلامٍ مع أنفسهم. فقوة الصفح هي القوة التي تجعلك تتحرر من أصفاد الحقد والكراهية والغضب والمهانة، وهذا الذي يحتاجه العراقيون لتغيير سلوكهم، وهو ممكنٌ إذا توافرت النوايا الطيبة والإرادة النبيلة.