بغداد: نوارة محمد
فارق الطفل موسى الحياة بعد أن تعرض لتعذيب شديد من زوجة أبيه. هذه الحادثة اشعلت احاسيس الشارع العراقي لما لها من وقع وحشي غير مبرر طال طفلا بريئا وسط ما يفترض بها أن تكون اسرته وسكنه الآمن.
واثر انتشار الخبر على نطاق واسع تداولت منصات شبكات التواصل الاجتماعي صورًا صادمة، تظهر الكدمات والجروح التي تغطي وجه الطفل موسى وجسده بالكامل على يد زوجة أبيه. ولم يمض سوى وقت قصير على الصدمة، حتى ألقت السلطة الأمنية القبض على قاتلة موسى، وقد تبين في التحقيق الأولي أن الطفل موسى تعرض مرارا للتعذيب على يد الجانية قبل أن تقدم على قتله.
قضية موسى أثارت تساؤلات كبيرة أبرزها كيف تواجهُ السلطات المعنية تفشي هذه الظاهرة؟ فقدت ارتفعت في السنوات الأخيرة معدلات العنف ضد الأطفال، ففي وقت سابق أعلنت هيئة حماية الطفولة عن 59 حالة تُسجل يومياً وأكثر من 21 ألف شخص تضرر بسبب العنف الأسري خلال النصف الأول من العام الحالي.
خبراء ومهتمون بالشأن الاجتماعي والسياسي أكدوا أن مشروع قانون حماية الطفل سيسهم في معالجة ظاهرة العنف الاسري والحدّ منه، خاصة أنه ينزل اقصى العقوبات بشأن مركبي هذا العنف. وبهذا الصدد تبين النائب سهام الموسوي لـ"الصباح" أن "القانون العراقي ينذر بإنزال أقصى العقوبات بحق الاعتداء على الأطفال دون سن 18 عاماً. وتتدرج بحسب نوع العنف والتي قد تصل إلى الإعدام".
الى ذلك يعزو أخصائيو الطب النفسي والمهتمون في الشأن الاجتماعي أسباب هذه الاضطرابات الى المأساة التي عاشها عراق ما بعد 2003 والتي ولدت بيئة نفسية ضاغطة، ويشددون على تعميم الثقافة النفسية والعلاج النفسي لهؤلاء وإنشاء مصحات نفسية وتشريع قانون لحماية الطفل.
اخصائي الطب النفسي الدكتور حميد يونس أشار في حديث لـ"الصباح" إلى أن "غياب الرعاية الحكومية يعدُّ واحدا من اسباب زيادة نسب التعنيف ضد الأطفال. إذ ليس هنالك ما يمكن قولهُ عن قسوة مرتكبة هذه الجريمة، خاصة أنها لا تعاني من أمراض نفسية وعقلية كما هو واضح، وهذا ما يستوجب إنزال أشد العقوبات بها، وقوع هذه الجريمة أثبت أننا نعاني من الإهمال التربوي والأسري، المؤسساتي، نحنُ بحاجة لإدانة كل ما كان على علم بالأذى، الذي لطالما تعرض له هذا الطفل ولم يحرك ساكناً بدءاً من الأب وانتهاءً بالمدرسة والنظام التربوي كُكل. حادثة موسى كشفت عن أننا في مواجهة مع فوضى كبيرة تعاني منها البلاد والمناشدات بتوسيع التحقيق، واتخاذ الإجراءات اللازمة أمرٌ لا بد منهُ".
ويتابع "أنصح باللجوء الى المصحات النفسية والعلاج النفسي للحد من ظواهر العنف في العراق ضد النساء والأطفال الذين يقعون ضحايا التزمت البيئي والتصدع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي".
ومن جهته يؤكد المحامي وعضو منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان ناجي عبد الزهرة أن بغداد تسجل ارتفاعاً في حالات العنف بالتزامن مع استمرار عدم وجود قانون رادع، وتعد الشرطة المجتمعية واحدة من أهم النوافذ، التي يلجأ اليها المواطن بعيدا عن المحاكم لحل مشكلاتها.
ويضيف شهدت الشهور الخمسة الأولى من هذا العام، ما يقرب من 7 آلاف حالة عنف أسري بحق النساء والأطفال وكبار السن، وقعت غالبيتها في المحافظات الوسطى والجنوبية والمناطق الفقيرة، هذه الاحصائيات قد لا تكون دقيقة، لأن غالبية المواطنين لا يلجؤون إلى القضاء أو مراكز الدفاع إلا ما نّدر.