الردّات الحسينية.. صوت الطف الخالد

ثقافة 2023/08/09
...

 بغداد: نورا خالد
يرجع الباحثون والمحققون  أصل الردات الحسينية  لفن الرثاء الذي عرف في الأدب العربي، فمنذ عصور ما قبل الإسلام حتى العصور المتأخرة، عرف شعر الرثاء كأحد أكثر وأهم الأدبيات المطروقة في الأدب العربي، ويكاد لا يخلو ديوان من دواوين الشعراء العرب من قصيدة رثاء.
الشعراء الحسينيون
يقسم الشعراء الحسينيون إلى ثلاثة اقسام حسب طريقة تناولهم واقعة الطف واستشهاد الامام الحسين، وذكرت الباحثة اسراء المرسومي أن "المجموعة الأولى يأخذون الحادثة من النواحي الانسانية والثورية والفكرية، وهو ما يبرز الشخصية القوية للحسين عليه السلام وآل بيته الأطهار، ويذهبون إلى الإقلال من البكاء والثبات على الحق والمبادئ والجرأة والسمو في اتخاذ القرار، حتى وإن أدى هذا القرار إلى استشهاده وأكثر من كتب في هذا الجانب هم شعراء اللغة العربية الفصحى، اما المجموعة الثانية فهم يدعون إلى الجانب العاطفي المأساوي الذي يثير النحيب والبكاء واكثر قصائده جاءت باللهجة العراقية العامة ويدعون إلى الحزن الشديد على ما حدث في واقعة الطف وعلى حادثة استشهاد الإمام ويطلق عليهم مثيرو العواطف، اما المجموعة الثالثة والاخيرة، فهم يميلون للتوازن والوسطية بين ما هو عقلي وفكري وما هو عاطفي وحسي اي يميلون إلى الاتزان بين الفكر والعواطف، لان مأساة الحسين عليه السلام تثير في نفوس المسلمين العبرة والعبرة، وبالتأكيد فقد كتبت القصائد الحسينية في مختلف بحور الشعر الفصيح، وفي معظم الأوزان الشعرية الشعبية العراقية ومن أشهر من كتب القصائد باللغة العربية الفصحى، هم محمد مهدي الجواهري والشريف الرضي ومحمد حسين كاشف الغطاء، أما شعراء القصائد الشعبية فهم كثر منهم، جابر الكاظمي وهاشم الموسوي ومهدي الكاظمي وحيدر الحلي وعبدالخالق المحنا".

القصيدة الحسينيَّة
تكتب الردّات الحسينية اما باللغة العربية الفصحى أو باللهجة العراقية الدارجة، اما مساراتها اللحنية والايقاعية والأدائية، فهي تحاكي في مجملها التراث والموروث الموسيقي العراقي، لأن العراق صاحب الرئاسة والريادة في ابتكار شكل الردّات الحسينية، اما عن الشكل الفني الموسيقي العام الذي تتميز به الردّات الحسينية فهي تتميز بالتصاق ألحانها وانتسابها إلى الثقافة العربية، من خلال اعتماد المؤدي أو الرادود الحسيني على أجناس وأنغام موسيقية تنتمي إلى البيئة العربية وبالتحديد العراقية وخصوصا يتجسد ذلك في "عقدة المخالف" وبعض الانغام والمقامات العراقية، خاصة بالموسيقى العراقية مثل الخنبات والمنصوري والمحمودي..
وغيرها. منذ استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب مع أصحابه في كربلاء، بدأ الشعراء بطرح واقعة الطف في أدبياتهم الشعرية والنثرية، وذاع صيت كثير من هؤلاء الشعراء فقط
بمراثيهم للإمام الحسين.
الشاعر حسن الترابي أشار في حديثه لـ"الصباح"، إلى أن "القصيدة الحسينية تنتمي بصورة حقيقية للحسين معنىً وفكرة، والتزود من نهره الذي لا ينضب طوال الدهر". يقسم الترابي القصيدة الحسينية إلى قصيدة منبرية لـ(الرواديد) أو (المنشدين) لا تصلح للمنصة، وهناك قصيدة منصة لا تصلح أن تكون للرادود، وقصيدة للمواكب و قصيدة المجاميع، كل واحدة منها لها لون خاص.   للقصيدة الحسينية أُسسٌ لحنية وأنغامٌ موسيقية وتختلف الألحان باختلاف المقام وموضوعية القصيدة، ولكل مؤدي نَغمٌ منفرد يميزه عن الآخر.
تؤدى الردّات الحسينية بجميع الأنغام والأطوار، إلا أن هناك تركيزا بالنسبة للرواديد الحسينيين على بعض الانغام، مقابل الانغام أخرى أقل استخداما من غيرها وقالت المرسومي "من الأنغام والاطوار نغم البيات والذي يستخدم كنغم اساسي في الردّات الحسينية، ويخرج من نغم البيّات مجموعة من الأطوار، مثل طور النعي البياتي طور الدشت الطور العراقي البيات طور تخميس بيات طور القطيفي، والذي يؤدى بأن يكون صدر البيت بنغم السيكا وعجز البيت يقرأ بالبيات، اما النغم الثاني فهو الحجاز، إذ تؤدى الردّات الحسينية بهذا النغم كنغم اساسي ويخرج من نغم الحجاز العديد من الأطوار منها طور العاشوري، طور التخميس حجاز، طور العراقي حجاز ويؤدى بنفس طريقة أداء وإيقاع العراقي بيات، بمعنى أن العراقي حجاز والعراقي بيات تؤدى بالطريقة الايقاعية والادائية نفسها، إلا أن هنا يؤدى بنغم الحجاز، وهناك يؤدى بنغم البيات، وكذلك من الأطوار التي تؤدى بنغم الحجاز هو طور "الدللول".  وبينت "يستخدم نغم السيكا كنغم أساسي في تلحين أو تنغيم الردّات الحسينية، ويخرج من نغم السيكا طور الركباني وطور الحدي سيكا، إذ يؤدى بأربع طرق مختلفة، كما يستخدم نغم العجم ايضا، ولكن بصفة أقل من المقامات السابقة ويخرج من نغم العجم طور المقتل الحسيني وطور الزريجي وطور الحدي عجم، وكذلك هناك أنغام مثل النهاوند والريست والكثير من الأنغام والأطوار، التي تستخدم في الردّات الحسينية".

مفرداتها
هناك العديد من مفردات الردّات الحسينية منها الشيلة وهي مفردة دارجة تطلق على المرثية التي تنشد في مواكب العزاء، وقد اشتقت من شال الشيء أي رفعه، اشتقاقاً مجازياً، اما اللطمية فهي مفردة تطلق على المرثية التي تنشد، ويلطم الحاضرون على صدورهم حزناً وتفاعلاً مع المناسبة الحزينة.
والرادود المفردة الدارجة التي تطلق على المنشد الذي يردد المراثي على اللاطمين.