العنف الأسري.. المشكلة في القانون

منصة 2023/08/17
...



قانون مناهضة العنف الأسري بـ(27) مادة بدأها بتعريف العنف بأنه (كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بأيٍ منهما، يرتكب داخل الأسرة

تؤكد الصحافة تصاعد ظاهرة العنف الأسري في العراق (بشكل مخيف)، بينما أعلنت منظمات حقوقيَّة عراقيَّة، تسجيل معدلاتٍ غير مسبوقة بالعنف الأسري تجاه النساء والأطفال وكبار السن، تصاعدت على إثرها دعوات لوضع معالجاتٍ عاجلة وتشريع قانون حماية الأسرة من العنف.
 كانت (حذارِ) قد تابعت هذه الظاهرة ووجدت أنَّها تضاعفت بعد العام 2003 ووثقتها من ثلاثة مصادر، أولها تقرير (مركز المعلومة للبحث والتطوير) الذي أفاد بأنَّ (46 %) من النساء العراقيات يتعرضن للعنف، مستنداً الى دراسات ميدانيَّة، قدمت نتائجها بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.
واللافت فيه أنَّ تعاطي الزوج للمواد المخدرة جاء بنسبة (64 %) محتلاً المرتبة الثانية في أسباب العنف بعد المشكلات الاقتصاديَّة، يليه بالمرتبة الثالثة وبنسبة (56 %) استخدام الزوج للعنف كحقٍ من حقوقه التي ينصُّ عليها الدين.
الثاني: في تقرير إخباري لفضائيَّة الحرة-عراق أفاد بأنَّ حالات الطلاق في تزايد، تتصدرها بغداد الكرخ وتليها الناصريَّة، ثم النجف في المرتبة الثالثة، مسجلة أرقاماً قياسيَّة، وصلت الى (50 %) من عدد المتزوجين.
ووفقاً لمجلس القضاء الأعلى، بلغ عددُ دعاوى الطلاق في العام 2004 (28689) حالة ارتفعت في 2005 الى (33348)، ووصلت في 2006 الى (36627) لتقفز في العام 2012 الى ما يشبه الكارثة هو (50) حالة طلاق مقابل (100) حالة زواج؛ أي أنَّ كل مليوني حالة زواج تقابلها مليون حالة طلاق!، الحال التي جعلت القضاة يصفون ظاهرة الطلاق بأنها صارت توازي ظاهرة الإرهاب.
والثالث دراسة لوزارة التخطيط (2012) أفادت بأنَّ 36 %من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الجسدي والنفسي والجنسي من الأزواج.

قانون مناهضة العنف الأسري
في العام 2019 صدر قانون مناهضة العنف الأسري بـ(27) مادة بدأها بتعريف العنف بأنَّه (كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بأيٍ منهما، يرتكب داخل الأسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي).. وحدد هدفه بـ(حماية الأسرة، وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من جميع أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الأسرية). وختمها بتحديد الأسباب الموجبة في: (الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية الأسرة وأفرادها، وتحمّل الدولة لمسؤولياتها، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأمميَّة، وسيراً على خطى مبادئ المجتمع الدولي، وتنفيذاً لأحكام المادة 29 من الدستور).
ولقد وجدنا، نحن السايكولوجيين، أنَّ القانون ما كان دقيقاً في تعريفه للعنف ضد المرأة، إذ هو يعني بمفهومنا (أي سلوكٍ یصدر من الرجل بطابعٍ فردي أو جماعي، وبصورة فعلیَّة أو رمزیَّة أو على شكل محاولة أو تهدید أو تخویف أو استغلال أو التأثیر في الإرادة، في المجالات الأسریَّة أو المجتمعیَّة أو المؤسسیَّة، سواء أكان هذا الرجل أباً، أخاً، عماً، خالاً، زوجاً، ابناً، زمیلاً، أو أي رجلٍ آخر قریب أو غریب بقصد إیذائها جسدیاً أو جنسیاً أو نفسیاً أو لفظیاً، أو بقصد التحقیر والحط من شأنها أو الانتقاص منها، أو انتهاك حقوقها الإنسانیَّة أو القانونیَّة أو كلیهما، الأمر الذي یتسبب في إحداث أضرارٍ مادیَّة أو معنویَّة أو كلیهما بغیة تحقیق غرضٍ شخصي لدى المعنَفِ ضد المرأة الضحیَّة)، فضلاً عن أنَّ أسباب هذا العنف متعددة لدينا، منها ضعف التثقيف، وطبيعة المجتمع الذي يفرق بين الفتيات والأولاد الذكور في الحقوق والواجبات، والنظرة الدونية للفتاة.
ولم يوضح القانون العراقي العنف الاقتصادي الذي أكده دليل الأمم المتحدة ويعني سيطرة الزوج أو الزوجة على المصدر المالي للأسرة، أو منع أحدهما للآخر بتحصيل سلعٍ أو ممتلكاتٍ، أو استفراد أحدهما بالقرار الاقتصادي الخاص بالأسرة.
ولا يشير مشروع القانون إلى أنواع الأدلة التي يمكن قبولها في قضايا العنف الأسري التي حددها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بـ(أدلة الطب الشرعي، أقوال الضحايا، صور فوتوغرافيَّة، شهادات خبراء، ملابس ممزقة، ممتلكات مُتلفة، تسجيلات هواتف خلويَّة، وسجلات مكالمات طوارئ).
في الحلقة المقبلة، أبعاد العنف السايكولوجيَّة التي لم يتطرق لها القانون، ووجوب
 تطبيقه.