صادق الطريحي
زَيْتٌ لجيناتِ الكتابةِ، للنّقوشِ بقاعةِ التّنقيطِ، حيثُ ستُسرَدُ الأحداثُ والحركاتُ، للأنثى التي ستحِلُّ نقشَ جريدةِ (المَرزوقُ) للأنثى التي ستُساعِدُ المَدْعوَ آدمَ في قراءةِ سِفرهِ المَسروقِ من أرضِ السّوادْ.
زَيْتٌ لجيناتٍ مُكمّمةٍ، لجيناتٍ تُجيدُ تتبعِ التّغيير والتّحريف والتّصحيف في خبرِ الهبوطِ وسردهِ. لتتبعِ اللونَ الهجينَ لسَحنةِ النّهرين، زَيْتٌ فائقُ الطّفراتِ يُنتجُ نُسخةً أخرى، وأخرى للسّوادْ.
في نُسخةٍ ما، فوقَ مُرتفعاتِ بابلَ كنتُ مَأمورًا بِطبعِ بِطاقةِ التّوحيدِ، هَيأتُ المَحابرَ، والكَواغدَ، والمَهارقَ، والمَدابغَ، والجلودَ، وبَصْمةَ الإبهامِ، مُتّحدًا ومُندمجًا بأعمالِ الطّباعةِ كنتُ، أمّا زوجتي فأصابها الوهنُ الخفيفُ (فربّما هي حاملٌ) وتأخّرتْ إذْ مسّها الإرهاقُ، كانتْ ـ وهْي في الخَمسينِ، بلْ بأواخرِ الخَمسينِ ـ تَجلبُ قَصعةَ المرقِ الثّريدِ وتفحصُ الأختامَ، تمنحُني الأمانَ بقُبلةٍ، وتُحاججُ القَصّاصَ، ثُمّ تُعدّلُ المَطبوعَ ...
(كمْ هو متعبٌ أنْ تنسخَ المخطوطَ!!)..
قالتْ زوجتي، بلْ زوجي السّوريّةُ الوَسْماءُ:
هلّا نمضغُ الخرّيطَ، كمْ أحببتُ صُفرةَ لونهِ! هو باردٌ، حُلوٌ، يُخفّفُ شِدّةَ الآلامِ، كمْ جرّبتُ قدرَتَه على التّأثيرِ ...
قالتْ مرّةً أخرى، بصوتٍ خافتٍ:
يا ربُّ، أحتاجُ السّكينةَ والهدوءَ فقد نَزَفْتُ، نَزَفْتُ!! أحتاجُ الهُدوءَ لبُرهةٍ من فضلكمْ ... أحتاجُ أنْ أتناولَ التّوتَ العراقيَّ اللذيذَ بنشوةٍ ...
لكنّما السُّلطاتُ تطرُدُنا، وتطرُدُنا، وتُتلِفُ نُسخةَ المطبوعِ من سِفرِ السّوادْ.
زَيْتٌ لجيناتٍ مُكمّمةِ الوراثةِ في السّوادْ.
زَيْتٌ لآدمَ في الجنانِ الخالداتِ، لنَهرِها المَكريّ، للأعنابِ للكأسِ النّبيذِ، لزوجِهِ الأكديّةِ الشّيماءِ، وهْي تُعدّ أرغفةً مَنِ الخُبزِ المُحمّصِ للفَطورِ، وتَحلُبُ الشّاةَ الولودَ بخفّةٍ، بأصابعِ الأنثى الخجولِ، بثوبها الشّفافِ من ديباجِ بابلَ في الزّمانِ، لقُبلةِ الشّفتينِ تحتَ شُجيرةِ التّفاحِ، زَيْتٌ للحديثِ مَعَ الحبيبةِ حَولَ تَخطيطِ الجداولِ والمبازلِ بانتِظارِ المَوسمِ المَطريّ، حَولَ حِمايةِ المَندى مِنَ الثُّعبانِ، حَولَ طرائقٍ أخرى لإكثارِ المحاصيلِ التي تُروى من النّهرِ الفراتْ...
زَيْتٌ لحَصْدِ سنابلِ القمحِ العراقيّ المُقدّسِ مِنْ أعالي الرّافدين، لِسدّةِ تُبنى مِنْ الطّابوقِ والكلسِ المؤكْسَدِ قربَ عاناتِ الفراتِ، وللذّهابِ برحلةٍ عفويةٍ لتفقّدِ البابَ المزجّجَ والمعظّمَ وسْطَ بابلَ، قلتُ: يا رَبَّ السَّوادِ، أحبُّ أنْ نتذوّقَ اللفّاحَ، أنْ نتعرّفَ الأسماءَ خارجَ حقلِنا هذا، أحبُّ تبادلَ المَحصولِ والصَّلواتِ والآراءِ ...
لكنّ الرّصاصَ يُباغتُ الرَّبَّ الكريمَ..
يُخرّبُ الجنّاتِ والمندى، يُصادرُ عُشبةً اللفّاحِ، يطردُني معَ الزّوجِ الودودِ، ويجعلُ الشّيماءَ تنزفُ في كلّ غَزوٍ في الزّمانْ.