نوزاد حسن
أيام النظام السابق كان صعود أي مسؤول إلى المنصب يحدث بولائه البعثي ودرجته الحزبية المميزة. ولا خيار لأحد في رفض المنصب, فهناك ارادة واحدة تفرض صوتها على الجميع فيصمتوا. وهكذا كانت تسير الحياة. لذا لا يمكن أن يكون طعم الحياة مميزا أو رائعا إن كان القدر المصنوع بيد رجل واحد، هو القوة الوحيدة التي تلقن المسؤول ما يقول. سأقول بعبارة مختصرة إن كلمة نعم كانت هي السائدة, وهل يملك قيادي في حزب البعث أن يقول لا إن صدر له أمر بتعيينه مثلا مديرا عاما, كانت النعم هي الموافقة المعروفة المتكررة بين الجميع.
ترى ما فائدة هذه المقدمة البسيطة؟ فائدتها انها تكشف لنا التغيير، الذي حصل بعد عام 2003. وبالتاكيد هناك فارق كبير جدا بين اسلوب حياة الحزب الواحد, واسلوب عمل الاحزاب الكثيرة وهو ما يميز حياتنا في هذه الأيام.
أنا وريث الأسلوبين. عشت في جحيم النظام السابق حيث نعم هي السائدة, ولا اثر لكلمة لا في قاموس البعث الزائل. واليوم ترن في آذاننا كلمة نعم ايضا لكن في مناسبات مختلفة.
النعم في هذه الأيام لها رنة تختلف عن نعم النظام السابق. اليوم لا يوجد شخص يعرض عليه منصب من المناصب، سواء أكان هذا المنصب بسيطا ام رفيعا ثم يقول بصوت ممتلئ: أنا لا افضل قبول هذا المنصب لهذا السبب أو ذاك. ثم يقدم هذا الشخص الرافض للامتياز حجته ثم ينسحب تاركا المجال لغيره.
في هذه الايام تنتشر بيننا النعم التي لا تعرف طريقا للرفض. إن كلمة لا غريبة, وحيدة ولا احد يستخدمها. الأعم الأغلب يقول نعم للمنصب, والامتياز والأبهة والتقاعد، الذي صار غاية الغايات. وقلة قليلة قد تصل إلى عدد أصابع اليد ترفض بكرامة الفرسان الامتياز، الذي يقدم على طبق من ذهب. لا توجد مقارنة بين النعم “واللا”, وهناك فرق بين عالم الأولى وعالم الثانية. لكن هل من المنطقي أن يكون قصب السبق للنعم دائما. أجيب ليس منطقيا أن تتفرد النعم، وتصبح حلم الجميع، لأنها مفتاح الثراء, والشهرة, وسماع الكلمة.
هل هناك درس أعمق وأجمل من حالة رفض يطلقها الإنسان، ليبتعد عن عالم الامتياز إلى عالمه الذي يحبه. أنا اتساءل كم مرة سمعنا صدى كلمة “لا” في حياتنا.