مات الكلب

ثقافة 2023/08/29
...

 الشاعر بابلو نيرودا
  ترجمة: فليحة حسن

لقد مات كلبي
دفنته في الحديقة
إلى جانب آلة قديمة صدئة
في يوم من الأيام سوف انضم إليه هناك،
لكنّه ذهب الآن مع جلده الوبري
وسوء أخلاقه، وأنفه البارد
وأنا المادي، الذي لم يؤمن أبدًا
بأي جنة موعودة في السماء لأي إنسان،
أؤمن بسماء لن أدخلها أبدًا
نعم،
 أنا أؤمن بسماء لكلّ الكلاب
حيث ينتظر كلبي وصولي
يلوح بمروحة مثل ذيل يشعر بالصداقة
آه، لن أتحدث عن الحزن هنا على الأرض،
من فقدان رفيق لم يكن متذللاً  أبدًا
صداقته بالنسبة لي، كانت مثل صداقة حيوان النيص
حُجبتْ سلطتها،
كانت صداقة نجم، منعزل،
بلا حميمية أكثر مما يجب،
بدون مبالغة
هو لم يتسلق ملابسي أبداً
لم يملاني بشعره أو جربه،
لم يفرك ركبتي قط
مثل بقية الكلاب المهووسة بالجنس
لا،
كلبي اعتاد التحديق بي،
يعطيني الاهتمام الذي أحتاجه،
الاهتمام المطلوب
لجعل شخص تافه مثلي يفهم
أنه، كونه كلبًا، كان يضيع الوقت،
ولكن، مع هاتين العينين الأكثر نقاءً من عينيَّ،
كان يستمر في التحديق إليَّ
بنظرة مخصصة لي وحدي
بكلّ حياته الحلوة والشعثاء
كان دائما بالقرب مني، لم يزعجني أبداً
ولم يطلب مني شيئاً
آه، كم مرّة حسدتُ ذيله
حينما كنّا نسير معًا على شواطئ البحر
في الشتاء الوحيد لجزيرة نيجرا
حيث كانت طيور الشتاء تملأ السماء
وكان كلبي المشعر يقفز
مليئا بإيقاع حركة البحر
كلبي المتجول،
مع ذيله الذهبي المرفوع،
يستنشق وجهاً لوجه رذاذ المحيط
روعة، روعة، روعة
فالكلاب وحدها هي التي تعرف كيف تكون سعيدة
فقط باستقلالية أروحها الوقحة
لا وداع لكلبي الذي مات،
ونحن لا نعرف، ولم نكذب على بعضنا بعضاً
لذا، فها هو قد رحل الآن ودفنته،
وهذا كلّ ما في الأمر.