هكذا تكلَّمت القصيدة

ثقافة 2023/09/12
...

  ضرغام عباس

أكاد أجنُّ يا الله
فكلُّ مرة أنظر فيها إلى المرآة
ألمح ظلًّا ما يركض نحوي
أنا خائفٌ يا الله
خائفٌ من كوني أشعر.
*
‏أنتظر الصباح على مهلٍ
كمن ينتظر موته
أفكر بثقل تلك الكلمة - الخير
بمن لا شفاه تنثر الحب خلف محراث خطاهم
بمن طعنة الحرب صباحهم
بمن استيقظوا أجساداً فقط
بمن لم يستيقظوا
أفكر بالعصفور الذي حتى بعد موته
يملأُ البيت طرباً
أفكر بيّ، بك، بهم
كيف للموت أنّ يتخطى
من لم تذق أجسادهم طعم أنثى..
*
نحن لا مرئيون حقًا.. لكننا نرى بعضنا
ومنسيّون جدًا.. لكننا نتذكّر
وكأنّنا في التفكير مريمَ
نحتاج بعضنا دون ولادة.
*
هي ساعة يا الله
وسوف يشرق الصباح
تباشير على قمم الجبال
على الوديان، في الحقول
إلا على قلبي
تراكم السخام.
*
غير أني أسخر من الفراغ
ثم أغرق فيه.
يا الله، أيُّ فراغٍ هذا الذي أحسُّ به
ما هذا الحزن المرير في قلبي؟
*
لقد عشتُ بما لا يكفي
ومتُّ بما يكفي
يا شيخُ دع الطلقةَ تستريح.
*
تعرفني الكوابيس أكثر مما
تعرفني أمي.
*
‏تعبتُ من التأمل، المُستقبل
الحُلم..
تَعِبتُ كوني حيّاً
أريدُ العودة
العودة فقط.
*
قبراً أو نهداً
هذا كلّ ما يحتاجه رجل لم يلقَ في حياته
إلا التعس.
أيُّ دمٍّ هو الليل، أيُّ حلوى
يقودني الظلام إلى ما بعد الطفولة
ما يخجل الضوء عن إفصاحهِ
يكمنُ في العتمة
في العتمةِ أكون أشدَّ وضوحاً
تماماً مثل طعنة سكّين.
*
أنامُ كسحابةِ ضبابٍ
وأحلقُ دونَ جناحين كالصدى
أطيرُ فوق عالمٍ
لا يعرفُ فيه الطيران سوى الموتى.
*
ذواتُنا هشَّة جدًّا
وريشة الزمن لا ترحم
جعلت منا نايًا
ونحنُ بِرحم الأمِ نحلم
*
‏الأقدامُ التي كبُرت في أحذيةٍ من حرير
لا تعرف كيف تغزل التّراب
أو كيف تصعد سلالم الرّيح.
*
لا سماءَ في السّماء
ولا أرضَ على الأرض.
آهٍ، يا حياتي الإسمنتية
يا صلصالي الذي ضاق ذرعاً
من حياةٍ لا حياة فيها.