بغداد: سرور العلي
لدى ريما المزين شغف دائم بالبحث والتجديد، لتقديم تنوع بصري ولوني وشكلي في أعمالها الفنيَّة، وترى أنَّ التحديات تزول أمام مثابرة وذكاء الفنان، وأكثر ما يميز أعمالها هي توظيف الرموز الكنعانيَّة الفلسطينيَّة القديمة، وأيضًا الموروث والتراث الشعبي الفلسطيني، كرمز الآلهة عنات وآيلة، ورمز القمر، والزيتون، والنخيل، والخيل، فضلًا عن موضوعات إنسانيَّة متنوّعة ومنها، أطفال الحروب وقضايا المرأة، والهجرة غير الشرعيّة.
ولفتت إلى أنَّ أول عمل رسمته كان بسنِّ الأربعة أعوام في مرسم والدها بدمشق، حين طلب منها أن ترسم على لوحة كانفاس، وإنجزتها باللونين الأحمر والأزرق، وله الفضل الكبير بإزالة رهبة المساحة البيضاء لديها، وتعلم التخطيط المباشر باللون، وليس بقلم الرصاص، كما أنّها تحب التجربة، والمغامرة بالفن.
أول معرض شخصي لها حمل عنوان (تأمّلات لونيَّة)، بمدينة بيت لحم بفلسطين عام 2000، والذي إقامته بعد تخرّجها من كلية الفنون الجميلة، وهو انطلاقتها الفنيَّة الأولى في عالم الفن.
وأشارت إلى أنَّ لكل فنان رؤيته، وتجاربه وهمومه وهوسه، وكلٌّ منّا يبحث عن التفرّد بأسلوبه الفني، وإيجاد مساحة خاصة به في الفضاء التشكيلي الواسع، ولكن تأثرت بوالدها في بداياتها الفنيَّة قبل التحاقها بالجامعة، وترى أنَّ هذا هو وسام من الخبرة التي اكتسبتها من التواجد في مرسم والدها منذ طفولتها.
عام 2020 مع بداية انتشار جائحة كورونا، نفذت مشروعها الفني (الباركود)، وكان نقلة فنيَّة في أعمالها، وأيضًا في توظيف رموز مغايرة عن رموزها السابقة كالعلامات البريديَّة، والكمامة، ورمز اللقاح والحقن، ورمز الباركود، والتركيز على رمز القفص الصدري، وتوظيف (نفسي) كعنصر أساسي باللوحة، كنوع من النداء ولفت الانتباه، كأداة للتواصل مع الآخرين.
وليس هناك مدرسة فنيَّة معيّنة تأثرت بها، ولكنّها جمعت بين التجريديَّة والتعبيريَّة، وكونها منذ بداياتها منغمسة في بحث، وتجريب دائم في الخامة، واللون، والأفكار، والموضوعات، فكلُّ موضوع هو معرض شخصي يأخذها إلى تجربة جديدة في صياغة العمل الفني، وبعد خبرة ثلاثة وعشرين عامًا في الفن التشكيلي، استطاعتْ أن تكوّن لها أسلوبًا فنيًّا خاصًّا، يجمع الجرافيك مع الرسم.
وبشأن سؤالنا لها إن كان الفنان هو نتاج الدراسة الأكاديميَّة أم نتاج الحالة الإبداعيَّة، فأجابت: "الفنان هو حالة وجدانيَّة وفكريَّة وسلوكيَّة، منذ ولاته هو نتاج موهبته الفنيَّة، التي هي بمثابة هدية من الله، ليكون متميزًا عن أقرانه، وهو نتاج لنشأته الاجتماعيَّة البيئيَّة، والإنسانيَّة المحيطة به، لتأتي بعد ذلك الدراسة الأكاديميَّة، لاكتساب خبرات علميَّة وعمليَّة وثقافيَّة، وتعطي لفنِّه بُعْدًا آخر، وإثراء مخيلته، وتغني حديثه وكلامه وفكره، ويجعله مميزًا عن الفنان غير الاكاديمي، لكن لكي يصل الفنان إلى الحالة الإبداعيَّة، فهي حصيلة كل ما سبق ذكره".
والمزين هي فنانة تشكيليَّة فلسطينيَّة تحمل الجنسيَّة الأردنيَّة، مقيمة في إيطاليا منذ عام 2011، وتقيم منذ عام 2020 في ألمانيا، وعضو في الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين 2000، حاصلة على درجة ماجستير في التصميم\ جرافيك من جامعة حلوان بالقاهرة عام 2008، وشغلت سابقًا عدة وظائف ومنها، مسؤول للثقافة والفنون بالمركز الإعلامي والثقافي الفلسطيني بالقاهرة، في سفارة دولة فلسطين بالقاهرة، لمدة عامين 2009/ 2010، ورئيس قسم الموهوبين - وزارة الثقافة - غزة/ فلسطين/ 2000، ونائب مدير دائرة ثقافة الطفل في وزارة الثقافة بغزة/ فلسطين منذ عام 2002 إلى 2006، وهي ابنة الفنان التشكيلي والباحث في الحضارة والتراث الفلسطيني د.عبد الرحمن المزين، والأمين العام لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، ورائد من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني.
لها ما يقارب 22 معرضًا فرديًا، 9 منها في إيطاليا، ومنها معرض (دقلة) فلسطين - غزة - قرية الفنون والحرف 2002، esposzione ( اليوم العالمي للمرأة) - فلسطين - غزة - 2005، ومعرض الرموز الكنعانيّة - جامعة حلوان - كلية الآداب - جمهوريّة مصر العربيّة عام 2007، ومعرض بمصر تحت عنوان "الجسد.. ذاكرة المكان" للعام 2010، وفي عام 2012 معرض "مريم .. والرمز اللوني" بمدينة "سلينزا فالفورتور" بالمتحف القديم "مراكز زوار ساد مونتي". ولها أكثر من خمسين مشاركة جماعيَّة ضمن معارض جماعيَّة، وورش وسمبوزيومات عربيَّة ودوليَّة، وقد عرضت أعمالها الفنيَّة في فرنسا، وأميركا، ولندن، والإمارات العربيَّة المتحدة، والأردن، ومصر، وبلغاريا، وفلسطين، وإيطاليا، وقطر، وألمانيا، وغيرها.
وعن تقيمها للحركة التشكيليَّة العراقيَّة أكدت: "أنا من محبّي الفنّ العراقي العظيم، والحركة التشكيليَّة العراقيَّة ولادة ومعطاءة بمبدعيها، الذين يقدمون لنا كلّ يوم حالة من الذهول، سواء بالطرح أو الصياغات الفنيَّة، وأقف دائمًا باحترام وتقدير لما يقدمه الفنان
العراقي".