الاحتفاء بالفنانين.. تقليدٌ حضاريٌّ يفتقر إلى الامكانيات

ثقافة 2023/12/20
...

 بغداد: رشا عباس 

 تصوير: نهاد العزاوي 

 بالوقت الذي يشارف فيه الفنان على حصاد ما زرع من إنجازات خلال مسيرته الفنية، يتفاجأ المحتفى به وهو ينظر إلى الجمهور الحاضر ويتحسر على أيام مضت، ويستذكر أيام آخر، كابد فيها ليخرج بعمل يرفع اسم بلده أولا، ويصنع تاريخا يسجل له ثانيا، مستحضرا في مخيلته مهرجانات تقام في بلدان اخرى. 

على الرغم من المحاولات الجادة تبقى هناك تساؤلات من قبل المختصين تبحث عن الاجابة؟ وبهذا الصدد استطلعت صفحة "موسيقى" الآراء، فأجاب الموسيقار سامي نسيم إلى أن طرائق تكريم الفنانين والأدباء والرياضيين والعلماء في العالم أصبحت فرصة للمؤسسات الفنية والثقافية في البلدان، كونها تعكس صورة حضارية لها، من خلال مستوى إيصال تطورها الإعلامي، وكذلك تقنيات وأدوات تفعيلها، مضاف لذلك إبراز أماكنها وصروحها المدنية، ربما الأمر يعود عليها بالانتقاد اذا كان ليس بمستوى العالي".


صورة بائسة

واضاف نسيم في العراق لاحظنا تكريم الفنان يكون نشاطا بسيطا، وليس دعوات وحضورا إعلاميا مدروسا، وبمكان واضح المعالم، ومثل كثير من الفعاليات، الذي ينقصها الاستعداد المسبق والتحضيرات الفنية بتفاصيل دقيقة لإبراز معالم سياحية وأخرى ثقافية، ولكن التعلل بضعف الامكانيات من أماكن وتقنيات، لا يشفع للجهة الراعية لتكريم الفنان، وغير ذلك أن يظهر بصورة بائسة، تلقي بظلالها على المكرم شخصيا وعلى البلد، مبينا، الأمر يحتاج أن يدرس ويعاد التفكير به مرارا وتكرارا، وتطوير أدوات العمل فيه بما يناسبه، اسوة بدول  اخرى.


استعداداتٌ نفسيَّة

الجهات المعنية من المفترض أن تبحث عن الفنان سواء بالداخل او الخارج، وتحتفي بمنجزه وما قدم طوال السنوات الماضية وبطريقة حضارية تليق به، وتجعله يفتخر بما قدمه وسط اهله ومحبيه، هذا بدوره ينشّط اعماله ويسترجع ذكرياته إلى الساحة الفنية، بحسب ما يراه الفنان جمال السماوي، مشيرا إلى أن تلك الفعاليات من شأنها تعرف الجيل المقبل على ابرز كتاب وملحني وموسيقيي الاغاني، التي يرددونها ويدندنون بنغماتها، موضحا وزارة الثقافة او الجهات الراعية ليس لديها برنامج خاص بتلك الفقرة تعمل عليه، انما عن طريق العلاقات تقام فعاليات بسيطة، يقدم خلالها المحتفى به إلى الجمهور بعضهم غير معنيين، وكأنما يتعرف على الفنان لأول مرة، وهذه جنبة  كارثية. 

واضاف السماوي عندما تعمل وزارة الثقافة والمؤسسات المعنية بترسيخ قواعد ثابتة ورصينة بالاحتفاء برموزنا الابداعية هذا من شأنه ان يوصل رسالة حضارية الى الأجيال المقبلة عن منجز هذا الفنان ويهتم بالنوع وليس الكم.  


إمكانيات بسيطة 

من جانبه، يرى عازف العود احسان الأمام بعد عودته مؤخرا إلى العراق، أن هناك جهاتٍ تحاول أن تنهض وتسهم بتطوير الحركة الموسيقية والارتقاء بها، ليس على صعيد المؤسسات، إنما أشخاص يداومون على تعرف بالمنجزات الجديدة وما توصل اليه الفنان طوال غربته، ليقدم إلى أبناء بلده بطريقة تليق بالفن ولمنجز، موضحا الاحتفاء بالفنان وسط جمهوره، يجعل المبدع يلتمس اعماله ويتحدى صعوباته ومعاناته.


فقر الوعي 

بدوره، أشار الفنان نجاح عبد الغفور إلى أن أسباب تهميش الفنان وحصره في زاوية معينة عند الاحتفاء به، هو فقر الوعي الفني لدى أصحاب القرار في إقامة هكذا احتفاء بقامات الفن والإبداع، والاعتذار غالبا ما يكون تحت ذرائع منها عدم وجود الإمكانية والظروف غير المواتية، والاخرى تلتزم من قبل اشخاص خارج الدوائر الفنية تكون عاملا مشجعا، لا سيما نحن نعاني من حصول فجوة بين الفن الأصيل المستند إلى الموروث، والقائم على أسس رصينة وبين ما يسمى اليوم فنًا لما يحمله من إسفاف وإفساد للذوق العام، والذي بدوره يؤدي إلى خلق جمهور فقير فنيًا 

وفوضويًا.