د عدنان لفتة
خرج منتخبنا للناشئين سريعا من بطولة غرب آسيا في سلطنة عمان، بعد خسارته أمام السعودية في نصف النهائي، من دون أن يحققوا نتائج تشفع لهم أو مستويات مطمئنة للمستقبل.
النتائج مؤشرات رقمية تمنحك بعض الدلالات، لكن الأهم هو هل أظهرنا فريقا واعدا يمكن العمل معه للمستقبل؟ هل قدم اللاعبون كرة قدم تعدنا بالأفضل، ويمكن أن تشكل نقطة الانطلاق لسنواتنا المقبلة؟ للأسف لم يظهر لنا هذا، فالعناوين أحيانا كاشفة للمحتوى ودالة عليه. فريقنا الناشئ لم يفصح لنا عن مواهب حقيقية يمكن أن نتوسم بها إضاءة دروب المستقبل لكرتنا.
منتخبنا خسر مباراتين أمام اليمن والسعودية، وتعادل مع عمان، وفاز بمباراة واحدة على لبنان، وفي مبارياته الأربع شاهدنا غيابا للفريق والجماعة، وحضورا للفردية والأنانية، وركضا متواصلا خلف الكرة بلا أسلوب تكتيكي نرسم ملامحه الأولى. شاهدنا كرات طويلة ولاعبين لم يألفوا المهارات الأساسية للكرة في التمرير ودحرجة الكرة وإخمادها والتهديف وضرب الكرة بالرأس والمراوغة وقطع الكرة والتحكم بالكرة في الهواء.. وغير ذلك. نحن ننتمي إلى بلد يعج بالمواهب، فمن غير المنطقي ألاّ يحسن المدربون الاختيار واكتشاف الأفضل والأحق بتمثيل منتخباتنا الوطنية. مدربونا لا يحملون أنفسهم مسؤولية الفشل في البناء الحقيقي للاعب وتطويره للمستقبل، فهم يلجؤون للتبرير باستمرار: ليس لدينا دوري للأعمار الصغيرة.. الفرق الأخرى تزور الأعمار.. لم نحظ بإعداد مناسب.. التحكيم أثر في مبارياتنا.... وهكذا يدافعون عن عملهم غير الحقيقي الذي لا يخدم بناء كرتنا من الأساس وليس من القمة، فالاتحاد العراقي لكرة القدم يركز على المنتخب الوطني الأول كواقع حالي، لكنه لا يفكر بالغد والمديات البعيدة ووضع المواهب بيد من يستحق فعلا البناء وانتخاب وإعداد أجيال المستقبل.
عندما لا تقدم فرقنا ولاعبينا شيئا مطمئنا اليوم، فكيف نثق بأنها قادرة على النهوض غدا. مشاركاتنا لا تخضع لتدقيق وتقييم النخبة والأكاديميين والخبراء، وخاصة في المراحل اليومية لتأسيس اللاعب، الذي سترافقه الأخطاء أينما ذهب، طالما أنه تعلم وتدرج على أساليب بدائية.
المدربون يدافعون عن أخطاء زملائهم بنقابية، متذرعين بأن هناك حملة لتسقيط المدرب المحلي، وهم في ذلك لا يبحثون عن الحلول والعمل المهني، فالموضوع لديهم (أرزاق يجب المحافظة عليها، وعدم قطعها). ليس الأمر هكذا أيها السادة: إننا نبحث عن بناء عميق لكرتنا، مع كوادر أجنبية كفوءة متخصصة في العمل مع الفئات العمرية الصغيرة، يساعدها مدربون شباب يتم تأهيلهم بالعمل مع الكفاءات الأجنبية ودعمهم بالدورات والمعايشات، لخلق كوادر وطنية مؤهلة لمنتخباتنا، هذا هو منطق العمل الذي تدعمه وسائل الإعلام وكل الحريصين على كرتنا، وليس تسميات المجاملات والعلاقات لمدربين لا معرفة لهم بالعمل مع الصغار ولم يسبق لهم قيادة فرق الأندية على مستوى الناشئين والشباب.
واقع كرتنا يفرض وضع خطط حقيقية للبناء والتأسيس مع من يستحق العمل، في أكاديميات وطنية متواصلة لاكتشاف المواهب من أقصى العراق إلى أقصاه جنوبا وشمالا، لرعايتها ووضعها في المسار العلمي الصحيح الممهد لمنتخبات قوية مبنية على العلم والمعرفة والمهارات، وليس الواسطات والمجاملات.