خالد جاسم
*ليس من عادتي في معظم كتاباتي التدخل في صميم الاختصاص الفني لمن هم في الدائرة الفنية المسؤولة عن التفاصيل بكل متعلقاتها..لكن ومن منطلق الحرص والمسؤولية المهنية التي تمليها علينا مهنتنا في التصدي لكل مؤشر سلبي وحالة معوجة وسلوك ضار وتصرف يحسب في خانة الإيذاء، واجب علينا التأشير على الخلل وطبع بصمة حمراء على الاختراق، وفي الوقت نفسه تقديم النصح والإرشاد لمن هو معني بالأمر بتجرد وحيادية ومسؤولية، تاج رأسها الضمير وعنوانها القلب المفعم بحب الوطن، بعيدا عن الشخصنة والتلوث بطحالب الطين وعوالق الغث على شاطئ رياضتنا الذي خسر النهر وانحسر عنه المد وغادره الجزر، طالما أن القارب صار مثقوبا بكل جسده وصار من الصعب إنقاذ ما تبقى منه، طالما أننا اخترنا شيّ السمك على الجرف..ونسينا القارب وضيعنا الشباك وضحينا بالقارب والبلام، لأن شهوة السمك والتمتع بلذة طعمه أصابا أنوفنا بزكام البرد والبرود حد الاختناق، وحقنت ألسنتنا بعقار الاسترخاء..وقبل هذا وذاك كنا قد منحنا الضمير والعقل إجازة مفتوحة، طالما أن موسم الصيد شغال ومربح بلا حسيب أو رقيب..وهي مشكلة وطن قبل أن تكون مسألة صارت مملة جدا اسمها سمعة وطن..
كرة القدم لدينا صارت سلعة رخيصة جدا..لا أحد الآن مهتم أو يهتم بمنتخب وطن صار مزادا مفتوحا..وعنوانا بائسا وبقية ركام لحطامات بناء فاسد ومنظومة متهرئة..منتخبات العالم المحترمة تقدس دورياتها الكبيرة، لأنها مفاقس طبيعية لإنتاج كل منتخب جدير بالثقة.. وهذه الدول تضع سياسات وتبني ستراتيجيات قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى..غايتها سمعة منتخباتها..وأدواتها مسابقات ونظم داخلية صارمة وراسخة..
أين نحن في خضم كل ذلك..أعتقد بأن مجال المقارنة أو تبسيطها مستحيل..
ماذا قدم لنا دوري النجوم أو المحترفين..مستويات فنية بائسة ..انحسار صريح في النجومية ..هزال تحكيمي متجدد لم تنفع معه تقنية ( الفار ) ..معاناة مالية مزمنة في الأندية ..والأهم من كل ذلك، أننا ما زلنا تحت رحمة المدرب الإسباني كاساس الذي لم نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الرداء الذي صممه لمنتخب العراق، حيث الاتكال بشكل متذبذب، ويفتقد لغة الاستقرار على تشكيلة متغيرة بين وقت وآخر، واعتماد غابت عنه الثقة المريحة بين خيارات المحليين والمغتربين، ومن ثم فإن تسويق منطق المشاركة في النهائيات الآسيوية والقبول بنتائجها مهما كانت مخيبة للآمال، هو إمعان صريح ومتجدد في دوامة الفشل والهروب من الحلول الجديرة بوضع حد نهائي لصداع مزعج اسمه كاساس.!