قصيدتان

ثقافة 2024/01/02
...

 طالب عبد العزيز


(1)
 أشياءٌ كثيرةٌ وددّتُ نقلَها الى مكانٍ آخرَ
وأشياءٌ مثلها وددّتُ جلبَها من مكانٍ ثانٍ أيضاً
بعضُها ثقيلٌ، وبعضُها خفيف..
لكنَّ المكانَ، حيثُ أنا، بعيدٌ إلى حدٍّ ما
والمكانَ الذي أريدُ نقلها اليهِ جِدُّ قريب ..
الاشياءُ هذه ستمرُّ بذاتِ الطريقِ: قلتُ
هي تتقاطعُ معي في رحلةِ الذِّهاب
مثلما تلتقي بي في رحلةِ العودة !!
ترى، أيُمكنني أنْ أتركَ هذهِ هنا
وتلكَ هناك ؟
وأزيحَ عن كاهلي لعبةَ الذِّهابِ والإيّابِ الكريهةِ هذه؟  
أعرفُ أنَّ مكانيَ ليس ببعيدٍ إذا ما ذهبتُ
وليس قريباً إذا أتيتْ ..
مثلما أعرفُ أنَّ الرحلةَ هذهِ ستنتهي ذاتَ يوم
ولنْ ألتقي ألاشياءَ تلكَ
فأنا ذاهبٌ لا يعودُ،
وعائدٌ لا يذهبُ..
والتّرحالُ صنعةٌ ثقيلةٌ، وبحقائبَ لا تُحصى
لهذا، سأظلُّ هنا، دونما حاجةٍ لشيءٍ
لا ذاهبٌ لأحدٍ، ولا عائدٌ من أحدْ.

 (2)
 أنا أيضاً أحملُ باقةَ ورد
وتحتَ السُّلَّمِ أحتفظُ بشجرةِ عيدِ الميلاد
جئت البارحةَ بها، صغيرةً، لكنْ بثلجٍ كثير  ..
ومثلُ كلِّ ربَّاتِ البيوت
أمرتني زوجتي أنْ أجلبَ «سانت كلوز « لأولادي
بطربوشٍ ولحيةٍ بيضاء وثيابٍ حمر
ويتأرجحُ بين يديه جرسٌ بليد
فهي تخدعهم، كعادتها في كلِّ سنة.  
الحلوى والكعكُ والشموعُ والفوانيسُ
هي ما تجلبه لهم..
لستُ بحاجةٍ لمشورتها في اختيار ما أرتدي
فأنا ربُّ بيتٍ مثاليٍّ،
أذهبُ للمرآةِ باكراً،
أتوعّدها بصباحٍ جميلٍ، وشيبٍ أقل
أحلقُ ذقني، نافياً عن وجهيَ كدماتٍ ألفتُها.
في المساءِ، أعتني بمائدتي أكثرَ
وأبحثُ في الخمرةِ عن قصيدةٍ ضائعة
أمَّا الحِساءُ الذي أُعيدُ تسخينَه
فهو ما لا أستسيغه مع الفاكهة ..
لكنني أقولُ دائما: ثلاثُ كؤوسٍ من النبيذ الأحمر
قمينةٌ بنسيانِ كلِّ شيءٍ
الزوجةَ
والاولادَ
وشجرةَ الميلاد،
بجرسها البليد، ذاك
وبنظرةٍ أخيرةٍ على البحر القريب
أو بفكرةٍ عظيمةٍ عن الموت  
يمكنني أنْ أعبرَ الليلةَ الى العام الجديد
وإنْ جفّتْ باقةُ الوردُ بيدي
وإنْ استعصى عليَّ فتحُ النافذة،
وظلَّ القمرُ وحيداً على الثلج.