{contrast} عرض ضوئي لأدهم سفر في دمشق

ثقافة 2024/01/10
...

دمشق: علي العقباني

يعتمد عرض كونتراست (تضاد) (تباين) الذي عُرض مؤخراً في دمشق في القاعة المتعددة الاستعمالات بدار الأوبرا والذي أخرجه أدهم سفر “مصمم إضاءة ورئيس قسم التقنيات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق” إلى حد كبير على استخدامات مدهشة وخاصة لعناصر السينوغراف والتكوين التقني للإضاءة في محاولة لخلق مساحات بصرية وتشكيلية وتكوينية تذهب بنا عبر الزمان والمكان لتقول حكايتها بتقنية حسية عالية تعتمد ذلك النشاط الحيوي للأجساد التي تتحرك برشاقة وليونة عابرة الحكاية التي تضغط على الإنسان منذ الولدة حتى الممات، ومحاكاة ما يقدم عالمياً في هذا المجال النوع من الفن، أنه محاولة في الذهاب نحو عوالم بصرية وتكوينية جديدة تبدأ بنا قبل الدخول إلى خشبة المسرح من خلال الشاشة العملاقة على باب المسرح وتكوينات الإضاءة على الأدراج ثم وصولاً إلى المسرح الذي نشاهد عليه جسداً متكوراً في الوسط وفي العمق حركة متحولة عبر الإضاءة، سفر هنا يعمل على صنع معادل بصري موسيقية ضمن مشروعه الفني، لتحقيق التوازن بين الاستماع والمشاهدة.
عرض “كونتراست” وهو نوع جديد من المسرح في سوريا يأخذنا عبر عوالمه في رحلة مع الضوء والجسد، إنه محاولة جادة لتقديم عرضٍ بصري رقمي يمكن اعتباره الأول من نوعه في سوريا، ولكنه يخطو بخطوات مدروسة نحو المستقبل في تفاصيلها وخصوصيتها، في محاولة للاستحواذ على حواس المتلقي الذي يجب أن يأتي إلى المسرح ليشاهد صورة جميلة بشكل مدروس ودرامي وحقيقي مقدمة بخصوصية وتجريبية مختلفة، إننا هنا أمام عرض تفاعلي، يتفاعل فيه الجمهور مع تقنية الغرافيك مع الجمهور منذ دخوله، كما يتبع الغرافيك الذي نشاهده عبر الشاشة في عمق المسرح، ومع الراقصين والموسيقى في تشكيل بصري يحاول أن يربط هذه العناصر السمعية والبصرية والحركية بأسلوب بسيط وأنيق، بعيداً عن التعقيد والبهرجة، لكنه يأخذ مستويات مختلفة من القراءة والتأويل.
 تجربة أدهم نصر سفر في هذا العرض البصري الرقمي والتي كثفها في ما يقارب (25 د) كانت مشبعة بالدهشة والحيوية والرشاقة والتوهج والفعل المسرحي المبني على عمليات تقنية بالإضاءة مترافقة مع تكوينات جسدية وحالات حسية تقدم حكاية الوجود والحياة بشكل مختلف وتجريبي مترافقة مع موسيقى تعزف مباشرة على الخشبة، مختبر مسرحي لافت ومحاولة جريئة وجادة للبحث عن المختلف والمدهش في المسرح، محاولاً استخدام تجهيزات قليلة لكنها تتيح للمخرج خيارات متعددة ومتنوعة تعتمد على الإبهار البصري.
النص الذي كتبه سامر محمد إسماعيل يعتمد بناءً وصفياً مشهدياً متراكباً عبر مشاهد متتالية وسردية بصرية تراكم الحركات لتشكل مشهداً يعبر عن حالة أو فكرة، في حين تكون الموسيقى الكهربائية أداة تعبير مكملة للحالة تترافق مع أداءٍ راقص وحركي وتعبيري يعتمد بساطة التكوين والتشكيل والتصميم تكاثف عدة عناصر تخلق مسرحاً يحاول بجماعية لافتة وضع بصمة جديدة على استخدام التقنيات والضوء والجسد.
العرض كتبه سامر محمد إسماعيل، وأخرجه أدهم سفر، وصممت الرقصات الكريوغراف رهف الجبر، وشارك في أداء الرقصات كل من روان الرحية، ماريا إسماعيل، كارمن علي، محمد سامر ذو الفقار، مؤيد شاويش، كريستينا واكيم، شيماء محمود، غزل البدر، غفران حمادة.
العازفون: فارس زراد: كيبورد وغيتار، عمر أورفلي: غيتار بيس، بشار الأسدي: غيتار
إنتاج موسيقي: فارس زراد، تصميم غرافيك: حمزة أيوب، مساعد تصميم غرافيك: جاد البدر، سينوغراف: محمد كامل، تصميم إضاءة: محمد نور درا ومحمد يونس قطان، برمجة إضاءة مسرح: لورانس عماشة، برمجة إضاءة دخول: أحمد شاكر، تصميم أزياء: ريم الماغوط
“كونتراست” عرض مسرحي سمعي بصري حركي، يعتمد الإبهار عبر الإضاءة والتشكيل ويعتمد في صورته البصرية على اللونين الأبيض والأسود وما يحملانه من تباين وتضاد، وتتشابك فيه عناصر الموسيقى والرقص والغرافيك والإضاءة بشكل لافت ومبهر.