سالم عبد الكريم يقدّم الأغنية العراقيَّة بنكهةٍ عالميَّة

ثقافة 2024/01/10
...

 بغداد: سامر المشعل

اجتمع أكثر من 150 عازفا وتقنيا من ثماني دول قادمين من أربع قارات بعمل موسيقي اوركسترالي في دولة ارمينيا، بقيادة وإشراف المايسترو سالم عبد الكريم، وقد تنوع الكونسيرت في تقديم أعمال موسيقيَّة من مختلف أنحاء العالم، وكان محور الحفل الأغاني العراقية، التي قدمت بتوزيع اوركسترالي وبنكهة عالمية، عزفتها أكبر فرقة موسيقية بالعالم هي فرقة {ساكو}.
عرض الحفل في ليلة رأس السنة على قناة  utv التي انفردت ببث الحفل، ليؤكد الموسيقار سالم عبد الكريم بالفعل الإبداعي أن الموسيقى لغة الشعوب، وهي وحدها من تستطيع أن تجمع العالم على مائدة تذوق الجمال.
تمكن عبد الكريم أن يوصل رسالة عبر حفل" غني يا بغداد " ضمن منهجية معدّة بذكاء أن الغناء والموسيقى العراقية ممكن أن يكونا عالميين بلغة موسيقيةَّ اوركسترالية محترفة، وتضمن الحفل تنوعا موسيقيا من التراث العراقي، قدم فيها الأغنية البغدادية والفولكلور الكردي والتركماني مع بعض الأغاني العراقية، إضافة إلى تقديم الموسيقى العراقية مثل دولاب مقام حجاز.. وتضمن الحفل اشارة مهمة في تقديم الأغاني العراقية التي تحتوي على " الربع تون " في مقامات البيات واللامي.. من أجل أن يأخذ الحفل الملمح الشرقي وتصل موسيقانا بطابعها العراقي إلى المستمع الغربي.

برنامجٌ حافلٌ ومتنوع
اشترك في الحفل أكثر من فرقة عالمية ومنها فرقة " ساكو "، التي أسسها الموسيقار سالم عبد الكريم وتعدُّ أكبرَ فرقة عالمية، فضلا عن فرقة مجموعة "كادينز " وفرقة " تيفانيان " للموسيقى الفولكلورية.
قدم الحفل في مسرح انتظم فيه اعضاء الفرقة السيمفونية، وفي الخلف وضعت شاشة لعرض صور من أجواء العراق وبيئاته المتنوعة تنسجم وطبيعة الأغاني والموسيقى التي تقدم.
شهد الحفل تقديم مجموعة متنوعة من الموسيقى والأغاني، كان أمتع هذه الفقرات هو تقديم عدد من الأغاني التراثية مع توزيع حديث اوركسترالي، التي قدمها قارئ المقام الشاب سجاد محمد بصوته بمصاحبة فرقة " ساكو " التي بدأها باغنية " جي مالي والي "، ثم قدم أغنية " يالراكب على عبيه "، ايضا شارك الفنان احسان الإمام بتقديم ثلاثة أعمال هي " كول من الاول" من كلمات نزار جواد، وأغنية " اصحى افكر بيك " كلمات محمد جبار حسن، واغنية " مبحر " كلمات الشاعر محمد جبار حسن وجميع هذه الأغاني من تلحين سالم عبد الكريم.
حفل " غني يا بغداد " أعاد المغنية الغائبة أنيتا إلى الظهور الإعلامي من جديد، بعد غياب طويل عن الساحة الفنية، فقدمت أغنيتين بمصاحبة فرقة "ساكو " هي " تروح وترد المواسم" من كلمات محمد جبار حسن واغنية " لم لا " للشاعر اسعد الغريري، والاغنيتان من تلحين سالم عبد الكريم. وبلمسة وفاء قدم الحفل تحية للشعراء الراحلين وهم: سيف الدين ولائي ونزار جواد ومحمد جبار حسن، من خلال عرض صورهم على الشاشة وتقديم اعمالهم الغنائية.
لم يقتصر الحفل على الاعمال العراقية وحسب، انما كان منهاجا عالميا، فقدمت فرقة مجموعة كادينز مقطوعة " رقصة السيوف " للمؤلف ارام خاتشادوريان، اضافة إلى مقطوعات موسيقية لمؤلفين عالميين منهم: أستور بيازولا، كارلوس كارديل، وآخرون، فضلا عن تقديم موسيقى من التراث الكردي باسلوب الجاز، وايضا قدمت من التراث العراقي مقدمة مقام حجاز باسلوب الجاز.
كذلك اشتركت مجموعة " تيفانيان للموسيقى الفولكلورية وقدمت موسيقى من التراث التركماني، ومقطوعة " سواي " للمؤلف الموسيقي بابلو بيلتران، وغيرها.

هوية العراق الحضاريَّة
ظلت الموسيقى العراقية الشغل الشاغل لتفكير الموسيقار سالم عبد الكريم بأن يقدمها للعالم بطريقة تليق بعمقها الحضاري وقيمتها الجمالية، وهذا الحفل الذي جمع أكثر من مئة وخمسين عازفًا وتقنيًّا من مختلف أنحاء العالم، يجسد أحد أحلامه ليقدم الأغنية العراقية بنكهة عالمية تحسب لهذا الموسيقار الذي قال " دائماً كان يراودني حلم أن أقدم شيئا للعراق ".
اضاف عبد الكريم "أردت أن أقدم بمناسبة العام الجديد عملا غير تقليدي، وأن يكون ذا قيمة من دون أن اكون ضيفاً ثقيلاً على المشاهدين، وأن أشعل شمعة وسط الظلام، تبدد العتمة التي  تحيطنا ".
يواصل عبد الكريم حديثه، تركت العراق منذ ربع قرن ووفقني الله ان اؤسس أكبر فرقة بالعالم فول هورمونيك وهي فرقة " ساكو "، وقدمنا عروضا في اغلب دول العالم.. وليس من السهولة ان نقدم عروضنا في بلد بتهوفن، ونعزف بأكبر قاعة بالعالم البرت هول وفي اسبانيا والمانيا.. وآخرها العرض الذي قدمناه في قطر بمناسبة كأس العالم، ولم يتم اختيارنا من بين الفرق العالمية، لكوني عربيا، انما للكفاءة والقيمة التي تقدمها هذه الفرقة، وأتمنى بالعام الجديد بأن يظهر الفن والثقافة العراقيان للعالم على نحو يليق بتاريخ هذا البلد وعمقه الحضاري، فمن خلال الثقافة ممكن ان نكسب حب وتقدير العالم لنا،
ونجعلهم ينظرون إلينا بمهابة واحترام".
الفنان إحسان الإمام قال " الموسيقى هي لغة الشعوب، واشتركنا مع عازفين عالميين لا يعرفون لغتنا، وكان العامل المشترك معهم هو الموسيقى، فهم يعزفون ضمن نوتة موجودة، ونحن نوصل لهم احساسنا من خلال الغناء، افتخر بهذه التجربة بأن نقدم أعمالنا التراثية بأسلوب كلاسيكي
عالمي".
أما عازفة الكمان كايانيه فقالت " عزفت من فنانين عرب كبار مثل السيدة فيروز والفنانة جوليا بطرس، الموسيقى العربية لها جمالية خاصة، واستطاع الموسيقار سالم عبد الكريم أن ينقلها لنا بطريقة ساحرة، أحب الموسيقى الشعبية لكل الأمم، سواء كانت روسية أو إيرانية أو عربية، فهو أمر مثير لنا كموسيقيين، وكانت تجربتنا بهذا الحفل تجربة مثيرة ومدهشة".