القلق الدولي ولعنة العدوان

قضايا عربية ودولية 2024/01/11
...

علي حسن الفواز



تتضخم مظاهر القلق الغربي إزاء ما يجري في غزة، فاستمرار العدوان الوحشي عليها يكشف عن مرجعيات ذلك القلق، وعن علاقته بالفشل العسكري والإحباط الدبلوماسي، والعجز السياسي، واحتمال تعرّض جنرالات الكيان الصهيوني إلى محاكمة دولية، لاسيما بعد الدعوى القضائية إلى رفعتها جنوب أفريقيا ضد هذا « الكيان « إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، مشفوعة بكثيرٍ من الوثائق والأدلة التي تُدين قيامه بالإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

تحولت هذه الدعوى إلى فاعل دولي ضاغط، استقطب معه مواقف دولية كثيرة، أقلقت الولايات المتحدة وبعض دول الغرب، إذ بدت تصريحات أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي ناعمة، ومُثيرة للغرابة، بقوله إن هذه الدعوى ستقلل من الفرص الحقيقية لإيجاد حلٍ لـ»الحرب في غزة» على حدّ قوله، وكأن ما جرى خلال «90» يوما من القتل الهمجي كان نوعا من ألعاب الهواء. من جانب آخر كانت تصريحات ديفيد كاميرون وزير الخارجية البريطاني أكثر حذرا في التعاطي مع توصيف وقائع العدوان، فهو يخشى من تداعيات استمراره على الرأي العام العالمي، وعلى  الشهود الذين أخذوا يزدادون في العالم، فاضحين هذا العدوان بوصفه انتهاكا للقانون الدولي، وبمعطيات «مثيرة للقلق بشكلٍ 

كبير» كما يقول.

هذه التصريحات وغيرها لم تعد «خجولة»، فالكيان الصهيوني لم ولن يُحقق نتائج تُذكر في عدوانه الملعون، وإصراره في التذرّع بخطط جديدة، لا يعني سوى مزيدٍ من التخبط والعشوائية، ومزيدٍ من الحرج لـ»الحلفاء» الذين راهنوا على لعبة الحرب القذرة، التي قد تكون مدخلا للتورط في جحيم حروب مفتوحة، ستدفع الولايات المتحدة بسببها كثيرا من أجندتها وحساباتها المالية والتسليحية والأمنية، وربما دخولها المباشر في تلك الحروب إقليميا أو دوليا، وهو ما يضع علامات استفهام حول الأدوار الأميركية في المنطقة، وفي تهييج حروبها الصغيرة، و»شيطنة» دول وجماعات معينة لأغراض الإثارة 

والتفخيخ الإعلامي..

إن مظاهر القلق من تلك التداعيات باتت واضحة من خلال الجولة المكوكية لوزير الخارجية الأميركي، ولقاءاته مع قادة دول لها علاقة ستراتيجية مع الولايات المتحدة، حيث أجمعوا على ضرورة الإيقاف الفوري لإطلاق النار، وإيقاف هذا العدوان المتوحش، وعدم القبول بأي إجراء يمسّ الطابع الديموغرافي في غزة، وفي التعاطي مع سياسات التهجير والطرد التي يعمل الكيان الصهيوني على تغذية عواملها الإقليمية والدولية.