طفولة عمالقة الأدب الروسي

ثقافة 2024/01/16
...

  الكسندرا جوزيفا
  ترجمة: شيماء ميران

لم يكن بالإمكان التعرف على عمالقة الأدب الروسي وهم بمرحلة الطفولة، إذ كانوا رائعين وما زالوا يحلمون بمستقبل وحياة مليئة بالأحداث. فكان «ليرمونتوف» دائم المرح، و«دوستويفسكي» تعلوه ملامح الكئيب وهو يرتدي قبعة الفرو، و«تشيخوف» كان واسع المعرفة وطالبا في صالة الألعاب الرياضية. قضى «الكسندر بوشكين» الذي كان طفلا لطيفاً ممتلئ البدن، وذا رأس كبير يعلوه شعر كثيف مجعد، معظم طفولته بصحبة مربيته «ارينا روديونوفنا»، التي تركت أثرا واضحاً على مساره الأدبي في الحياة، لأنها  كانت تروي له الكثير من الحكايات الشعبية.
أما “ميخائيل ليرمونتوف”، الذي  اشتهر بصورة رائعة، وهو بعمر ثلاثة إلى أربعة أعوام يرتدي ثوب فتاة -وكان شائعا في ذلك الوقت- لقد أحبَّ الرسم وبرع به منذ نعومة اظفاره، حتى أنه رسم صورته الذاتية لاحقا، فضلا عن العديد من لوحات المناظر الطبيعية المطلة على جبال القوقاز.
وعاش “نيقولاي جوجول” طفولته في محافظة “بولتافا” (اوكرانيا اليوم). وأصبح الموروث المنقول وواقع موطنه الأصلي في ما بعد جزءًا حيوياً وأساسيا في أعماله الأدبية.
ثم ستجد الأساطير والحكايات الخيالية والقصص المحلية، التي سمعها خلال مرحلة طفولته طريقها الى سلسلة رواياته القصيرة (امسيات في مزرعة بالقرب من ديكانكا وميرغورود).
بينما “ليو تولستوي”، الذي اشتهر بصورة الشيخ الموقر الملتحي وتجذرت بقوة في وعي الجمهور الحديث ما يجعل من الصعب تخيله وهو طفل، فقد وصف حياة اليتم التي عاشها في وقت مبكر من طفولته ومراحل نضجه في ثلاثية سيرته الذاتية (الطفولة، الصبا،
الشباب).
من الصعب أن نتخيل إن “فيودور دوستويفسكي” الذي كتب العديد من الروايات السوداوية قد عاش طفولة سعيدة.
إذ كان والده طبيبا في موسكو، غمره والداه بحب كبير وغرسا فيه حب الأدب والمطالعة، حتى أنهم كانوا يقرؤون الكتب بصوت عالٍ اثناء التجمعات العائلية، فضلا عن مربيته التي كانت تتمتع بشخصية محبة ومبهجة.
عاش “انطوان تشيخوف” طفولته مع عائلته في منزل صغير ضيق بمدينة “تاجونروج” الجنوبية. كان ينشد مع اخوته في خدمة الكنيسة حتى أنه حين أصبح مؤلفا مشهوراً، قال: “امتلكنا الموهبة من والدنا والالهام من أمنا”.
كان والده صارما ومفعما بالحيوية، بينما والدته كانت ناعمة حنونة وشاعرية. ومنذ طفولته، كان “تشيخوف” نشيطًا محباً للدراسة وأظهر اهتماماً كبيراً بالكتابة.

حب الأدب منذ الطفولة
كان “الكسندر بلوك” رمزاً روسيا رائدا وأحد الشعراء البارزين في القرن العشرين. ومنذ سن مبكرة، كان طفلاً استثنائيا مبدعا، بدأ بكتابة القصائد وهو بسن صغير جدا، حتى أنه نشر مجلة مكتوبة بخط اليد. استضافت عائلته في مسكنها الواقع بموسكو العديد من العروض المحلية.
ولد “ميخائيل بولغاكوف”، مؤلف كتاب (السيد ومارغريتا)، في عائلة استاذ يعمل في أكاديمية كييف اللاهوتية، والتي كانت جزءًا من الامبراطورية الروسية. نشأ في أسرة كبيرة ومتماسكة، تعلم القراءة والكتابة في سن مبكرة جدا، وكان مهتما بالرياضة
والمسرح.
وبينما فرض والداه الانضباط، لكنهما منحا أطفالهم قدراً من الحرية، كان يسود منزلهم بيئة لطيفة، طريقة التعليم الرئيسة فيه، كما وصفها الكاتب بنفسه “النكتة والمودة
واللطف”.
نشأ الشاعر ومؤلف رواية (دكتور زيفاجو) “بوريس باسترناك”، والحاصل على جائزة نوبل، في عائلة مثقفة بموسكو.
كانت والدته عازفة بيانو، ووالده فنانًا أكاديميًا بارزا، ونظراً لكثرة تردد الفنانين والموسيقيين والكُتّاب المشهورين على منزلهم، عزز ذلك الذوق الرفيع وحب الفن في قلب وعقل “باسترناك”.
لقد استضاف منزلهم أمسيات إبداعية وعروضا موسيقية، حتى أنه أراد أن يكرس حياته للموسيقى، لكنه تراجع لأنه اعتقد بأنه لم يكن يملك طبقة صوت مثالية، فقرر الانغماس في الشعر والأدب.
في عشية حصار لينينغراد خريف عام 1941 ولد “جوزيف برودسكي” الحاصل على جائزة نوبل.
تم اجلاؤه مع والدته في العام الذي يليه إلى منطقة فولوغدا بمدينة تشيريبوفيتس.
لم يكن “برودسكي” محبا للدراسة حتى أنه بالكاد تمكن من انهاء سبع سنوات من المدرسة فقط، وترك التعليم الرسمي تماما.
لم يكن موقفه السلبي في التعليم الرسمي انعكاسا لمستوى ذكائه، لقد كان في الواقع ومنذ طفولته المبكرة قارئا نهما للعديد من الأعمال الأدبية من تلقاء نفسه.

عن موقع راشين بيوند