بغداد: رشا عباس
تصوير: نهاد العزاوي
أقامت فرقة ينابيع بالتعاون مع منتدى بيتنا الثقافي، الخميس الماضي، حفلا فنيا للأغنية الساخرة في أشعار الشاعر الراحل حسين جبر الدبي، إذ قدمت الفرقة خمس أغان بقيادة المايسترو طلال علي وألحان الفنان قاسم ماجد.
الأغاني التي ضجت بها القاعة كانت مغايرة للأغنية العاطفية أو التراثية، التي يعشقها الرواد وتتردد على مسامعهم في محافل مختلفة، اذ كتب الشاعر كلمات ساخرة للوضع الاجتماعي، الذي يعيشه أغلب الناس ويتماهى مع همومهم اليومية، مشخصا مكامن الخلل والتشوهات الإنسانية وحالات الظلم، فالفنان الراحل انتقد بكلماته الأزمات الاجتماعية وتحويلها إلى أغانٍ ساخرة اختلف المختصين في تسمياتها فالبعض عدها اقرب إلى المونولوج
الساخر.
الفن فضاء مفتوح
الفنان قاسم ماجد قال:" الأغاني التي لحنتها وقدمتها على الخشبة هيَّ صراعٌ نفسيٌّ واجتماعيٌّ كان يعيشه حسين جبر، حاولت أن أخرجه اليوم إلى مسامع العامة تكريما وتثمينا لجهوده واستذكارا له، مبينا بدأت بمعية الفنان الراحل بهذا الفن وحاولت الاستمرار بهذا النوع والخط الذي يعرف بسهولته وصعوبته في الوقت نفسه، كونه يعرض الفنان إلى المساءلة والتوبيخ وتصل إلى الاعتقال، لكن هذا لا يعني أن نتوقف، فالفن فضاء مفتوحٌ من خلاله نستطيع أن نحاور ونوصل الأفكار إلى الجهات المعنية ونتأمل تصحيح ما هو سلبي.
وأضاف ماجد كثيراً ما حققت بعض الأغنيات الساخرة أصداء بين جموع الناس، وصارعت قوى التخلف والظلم وأفكارهما، فهي كلمات يسهل حفظها وتداولها لما فيها من طرافة يفهمها بسلاسة كل الطبقات والشرائح.
اما الفنان الاكاديمي جواد محسن فقد أشار إلى أن الساحة العراقية تفتقر إلى هذا النوع من الفن، بالرغم من المحاولات المتواضعة الذي سلكها بعض الفنانين ونجحوا في تمرير افكارهم، لكن بنسب قليلة، الا اننا كمختصين نرى اتجاه الكثير من الشباب إلى هذا النوع من الفن، تبعا للوضع الراهن الذي يعيشه في غياب وسائل الراحة، لاسيما قلة الخدمات والتعيينات التي جعلت من هذا الفن يخرج إلى الوجود ويقدم
دون الخوف من جهة معينة، وتمنى محسن في ختام حديثه ان تلقى تلك المحاولات الترحيب والمساندة، كونها تحاكي هموم الناس وتعبر عما بداخلهم من احتياجات
وارهاصات.
وفي هذا الصدد يرى الباحث الموسيقي ستار الناصر الغناء الساخر أحد أشكال المقاومة، الذي يلجأ إليه الفنان لمقارعة وضع مأزوم سياسيا أو اجتماعيا وهي عبارة عن استمرارية لنهج الأغنية السياسية التي هي بالأساس أغاني السجون جمعت في فرق قادها جعفر حسن وطالب غالي وكوكب حمزة وسامي كمال ومجموعة من الفنانين، كتبت أغان لها علاقة بالوطن واستمراريته لتنتصر حياة الانسان الذي يطمح للحرية والعيش الكريم في عراق تسوده المحبة، وتلك المناسبة دعوة للشعراء ان يكتبوا بهذا النمط ويشاركوا في مهرجانات عربية وعالمية.
كشف التناقض
من جهته، وضح طلال علي رئيس فرقة ينابيع ان ما يميز الشاعر حسين جبر الدبي هو انتقاده المستمر للحالات، التي كان يعيشها وينتقدها الشاعر الراحل بطريقة ساخرة، تكشف مقدار التناقض بين ما يحدث وسيحدث على جميع المستويات، فالفنان المسؤول الأول عن إيصال أوجاع عامة الناس إلى الجهات المعنية والوقوف على معاناتهم اليومية في خضم الصراعات الدائرة بالبنية
المجتمعيَّة .
يذكر ان الفنان الراحل حسين جبر الدبي كتب الكثير من الأغاني السياسية الساخرة، لكن لم ترى النور كونها تفتقر إلى الدعم والإنتاج، فضلا عن الوضع الذي كان سائدا في ذلك الوقت جعل الفنان يتجمد وتبقى أشعاره حبرا على
الورق.