تدوير النفايات العشوائي.. مخاطرُ صحيَّةٌ وبيئيَّةٌ وتجاوزٌ على القانون

ريبورتاج 2024/01/17
...

  نهضة علي 

تؤدي عملية تدوير النفايات بصورة عشوائية دون اتخاذ تدابير وقائية صحية وبيئية من قبل العاملين في مجالها، وفي المكان التي تنفذ فيه إلى أضرار بيئية وتؤثر في سلامة الأفراد، ولطالما حذر مختصون من المخاطر الجمة الناتجة عن عشوائية التخلص من النفايات، إذ انها قد تتحول العملية إلى صديقة للبيئة، إن أحسن جمعها واستثمرت بصورة صحيحة. 


"النبَّاشة"

وتقوم مجموعة من الأولاد بأعمار تتراوح ما بين 10 سنوات وحتى الخامسة عشرة لرزم البقايا والمخلفات من الكارتون الفارغ والصناديق البلاستيكية، بعد أن انقسموا لمجموعتين، يفرزون علب المشروبات الغازية الفارغة والبلاستيك وغيرها، وأكد احدهم يبلغ من العمر 13 عاما  لـ(الصباح)، أن "عملية الفرز حسب الكمية المتجمعة لديهم فقد تستغرق ساعة أو أكثر، وبعض المرات أقل ويكون الأجر المقابل لها بين 5- 10 آلاف دينار، وبعد عملية الفرز يقومون ببيعها إلى أصحاب المحال  أو الوسطاء من اجل إعادة تديرها كل حسب نوعية المواد المطلوبة، ويتم التعامل مع المشتري على أسعار معينة تصل إلى 10 آلاف دينار لكيلو الكارتون و خمسة آلاف لكغم النحاس، وألف دينار لكغم علب المشروبات الغازية، و35 ألف دينار لكغم الحديد".

وأضاف أن "المتبقي من تجمع النفايات يتم إرساله إلى الطمر الصحي لدفنه في مواقع الطمر الصحي المخصصة لذلك". 


حرق مخلفات

واتخذ أصحاب المحال أو " الكراجات"، التي تشتري النفايات من أماكن عشوائية قريبة من المناطق السكنية، ما أدى إلى ازدياد شكوى سكان تلك المناطق من الدخان ومخلفات الناتجة عن حرق النفايات، بسبب التلوث الناتج عنها في ذرات الهواء، مما يؤثر في الصحة العامة، ويطالبون من الجهات المختصة البلدية والصحة والبيئة بإيجاد حلول لتلك المشكلة. 

فقد أكد المواطن أبو احمد، وهو يسكن في منطقة تضم "كراجات" شراء وبيع النفايات، أن صاحب الجملون القريب يقوم بجمع كميات من الأسلاك وحرقها عند أوقات خلود الناس للراحة في ساعات منتصف الليل، ليبعدوا عنهم الشبهات حول المخالفة بعيدا عن الرقابة، من اجل استخراج الأسلاك النحاسية المستخدمة في التوصيل الكهربائي. 


مطالب بفرض قانون

مدير قسم الخدمات أركان حسن، أكد بان "مديرية بلدية كركوك قسم الخدمات بينت إن عمل "الكراجات" المذكورة والمتعهدين الذين يقوم بهذا العمل وعمليات التدوير جميعها مخالفة للقانون، ولا توجد أي إجازة أو رخصة منحتها لهم البلدية بهذا الخصوص، ويعد عملهم غير قانوني لأسباب عدة، منها أن هذا العمل يجب أن يكون ضمن إجراءات صحية وعلمية صحيحة، لأنها  تؤدي إلى مخاطر بيئية وصحية، من خلال تجاوز أصحاب المحطات الوسيطة باختيار مكان خاطئ للمحال ونوع العمل، ويجب وضع رسوم لذلك لأن أي ممارسة عمل تحتاج إلى رسوم، حيث إن فرزها قد يؤدي إلى أضرار بيئية لها اثرها على الدور السكنية والأحياء والمواطنين، وإن الإجراءات الرادعة بهذا الصدد لا تتناسب وما يحدث، أن الكثير من المكانات أصبح مكبًا للنفايات، ولا توجد محاسبة أو رقيب، إن التخصيصات المرصودة لذلك تكون قليلة وغير كافية".


النفايات موردٌ مادي

يضيف حسن، أن "اغلب العاملين في هذا المجال هم من الاطفال أو دون سن الخامسة عشرة، ومن المتسربين من المدارس، وعملهم يفتقر إلى شروط السلامة المهنية"، منوها بأنه "يشكل هذا العمل خطرًا على سلامة العاملين فيه، لأن النفايات غير معروفة المصدر، وهنالك مقترح من قبل عدة شركات من ضمنها شركة لبنانية وألمانية، وشركات أجنبية أخرى لاستثمار النفايات من أجل جمعها وشرائها والتعامل معها بالطرق الصحيحة، ولكن لم يتوفر أي قانون أو تشريعات داعمة للاستثمار في هذا 

المجال". 

مشيرا إلى، أنهم "يشكلون عبئا في عملهم الذي يقوم به عمال البلدية بتمزيقهم أكياس النفايات وبعثرتها، مما يضيف جهدا آخر على عمال البلدية وشركة التنظيف، ويتسببون بنشر روائح كريهة في الحاويات ومكبات النفايات، ويعتبر ذلك تجاوزا". 

فيما اعتبر، بأن "النفايات سوف تكون موردا ماديا لو تم الاستثمار فيها بالشكل الصحيح". 

وبين، أن البلدية تنقل ما يقرب من 800 - 900 طن من النفايات إلى خارج المدينة في مواقع الطمر الصحي الموجودة في جنوب المدينة الزندانة، وفي شمالها وتتم تغطيتها بالتراب لتقليل المضار البيئية لها، وتم اختيار المواقع على أساس علمي وهندسي، بعيدا عن مكان تكون فيه مياه جوفية، لكي لا تمتصها التربة القريبة وتوثر في المياه الجوفية". 

بدورها أكدت معاون مدير الخدمات سهاد حاتم، لـ(الصباح)، بأنهم "يطالبون بإيجاد تشريعات وقانون في مجال إعادة تدوير النفايات، ومنح إجازات في هذا المجال، سواء كانت داخلية أو خارجية، وتحديد ضوابط ومعايير لممارسة المهنة، ولا بد من التوعية المجتمعية حول طرق التخلص من النفايات". 


أضرارٌ بيئيَّة

مدير بيئة كركوك رئيس مهندسين علي عز الدين، أكد لـ(الصباح)، أن "المديرية اتخذت عدة إجراءات حول من يقومون أو يتسببون بالضرر البيئي، والمخالفة بالتبليغ أولا، وثم الإنذار وبعدها الغرامة"، مبينا، أن "من مضار الأدخنة التي تتكون من الحرق النفايات والبقايا للاواني والألبسة والبلاستيك ومواد مختلفة، تخلف غازات ضارة على صحة الإنسان وتتسبب بأمراض، فضلا عن تلوثها للهواء ونشر روائح غير مرغوب بها، وتعدُّ مخالفة بيئية واضحة، إضافة إلى أن إعادة تدوير بعض المواد المتروكة واستخدامها في صناعة مواد جديدة تستخدم مرة أخرى لا بد أن تتعرض للفحص والدقة، لأن بعض المواد قد تكون مخلفات لانبولات الفحص المختبري، وكذلك الاكياس النايلون، حيث يتم تحويلها إلى حبيبات وإعادة صناعتها، حيث يكون تدوير النفايات بالصورة العشوائية له تأثير صحي في نشر الفيروسات، أو نقل الأمراض وخاصة المواد البلاستيكية، التي قد تعاد وتصنع منها أوانٍ منزلية وقارورات الماء، اذ يجب أن يكون هناك تخلص آمن من النفايات المضرة بالبيئة والمياه الجوفية، وخاصة هنالك نفايات تحتوي على مواد كيمياوية صناعية".