خطوة حكومية جادة لنزع «السلاح المنفلت»

العراق 2024/01/25
...

 بغداد: هدى العزاوي 

رأى مختصون في الشأن العسكري والستراتيجي، أن قرار مجلس الوزراء بتخصيص 15 مليار دينار "مليار دينار لكل محافظة – عدا إقليم كردستان" للمباشرة بشراء الأسلحة من المواطنين، خطوة جادة نحو تطبيق شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، وأن القرار جاء بوقت بدأ العراق يشهد فيه مؤخرا تصاعداً في التوترات الأمنية بعد تحسن نسبي على الصعيد الأمني في العام الماضي 2023 مقارنة بالأعوام السابقة.

ووفق "مؤشر الصراع" الدولي الذي يضم قائمة بـ50 دولة تضم أعلى مستويات الصراع، جاء العراق في المرتبة 12، وتم تصنيف خطر الصراع لديه بأنه "عالٍ"، لكنه تحسن نسبياً مقارنة بالعام 2022، إذ انخفض مؤشر الصراع 4 درجات.

وأشار الخبير في الشؤون العسكرية والستراتيجية، اللواء الركن المتقاعد، الدكتور عماد علو، في حديث لـ"الصباح"، إلى أنه "بحسب التقارير السابقة، فإن عدد قطع السلاح الموجودة بيد المواطنين منذ عام 2003 أكثر من (15) مليون قطعة سلاح، وذلك بعد فتح مشاجب ومخازن وأكداس الجيش العراقي السابق، وهذا ما أدى إلى تفاقم النزاعات العشائرية بعد غياب بصمة الحكومات السابقة في العديد من المناطق وتراجع دورها، وخوض المواطنين للكثير من النزاعات من خلال الأسلحة التي يمتلكونها بصفة غير شرعية". ولفت، إلى أن "قرار مجلس الوزراء بتخصيص مبالغ مالية لشراء السلاح، يأتي في سياق جهود وزارة الداخلية والحكومة العراقية لمعالجة ما يسمى (السلاح المنفلت)، التي كانت من ضمن البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني".

ونوّه الدكتور علو، بأن "القضاء على (السلاح المنفلت) من قبل الحكومات السابقة لم يأتِ بشكل واضح، ولم تتراجع حدة النزاعات العشائرية باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وما زالت هناك نزاعات وإن كانت فردية يجري فيها استخدام السلاح وتفض بشكل علني، لذلك أعتقد بأن هذا الإجراء سيكون جزءا من ستراتيجية تتبعها الحكومة لغرض الحد من تداعيات وجود السلاح بيد غير المنضبطين من المواطنين، الأمر الذي أدى إلى جرائم وانتهاكات عديدة وجرائم سطو". وأشار إلى أن "المبالغ المخصصة من قبل مجلس الوزراء جاءت بشكل عام لجميع المحافظات، في حين أن هناك محافظات تتوافر فيها كميات كبيرة من الأسلحة وهذا المبلغ لا يغطي ولن يكون ذا تأثير واضح في تداعيات تأثير وجود السلاح بيد غير المنضبطين"". ولفت، إلى أنه "في وقت سابق صرّح قائد شرطة محافظة بغداد الفريق رشيد فليح، بأن السلاح الموجود في محافظة البصرة والمحافظات القريبة منها يضاهي تسليح فرقتي مشاة، وهذا التصريح حقيقة يحدد حجم السلاح الموجود بيد العشائر ويشكل خطراً على السلم الأهلي إذا ما عدنا إلى حدة النزاعات العشائرية وما نجم عنها من خسائر وتضحيات في صفوف المدنيين، ونعد خطوة رئاسة الوزراء واضحة إلا أنها غير كافية".

من جانبه، قال رئيس "مركز العراق للدراسات الستراتيجية" الدكتور غازي فيصل، لـ"الصباح": إن "اتخاذ خطوات ستراتيجية من قبل الحكومة  لانتزاع الأسلحة غير الشرعية وغير القانونية، له أهمية كبيرة للحفاظ على الأمن الوطني، وهذه الخطوة طرحت خلال السنوات السابقة كواحدة من أهم المسؤوليات التي ستواجهها الحكومات المتعاقبة، إلا أنها - مع الأسف - فشلت في هذا الجانب بعد تجاوز عدد الأسلحة لدى المواطنين حاجز 15 مليون قطعة".

وأضاف، "لذلك جاء قرار رئيس الوزراء بتخصيص مليار دينار لكل محافظة لشراء الأسلحة من المواطنين بهدف إتلافها أو استخدامها من قبل الجهات المختصة؛ وهذه الخطوة تعد مهمة لغرض نزع الأسلحة غير المشروعة التي تؤدي إلى انتهاكات وجرائم تنضوي تحت الجريمة المنظمة، التي تعصف بالمجتمع العراقي".

وأكد فيصل، أن "هذه الخطوة تشكّل هدفاً ستراتيجياً لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لضمان فرصة مهمة للأمن والاستقرار في البلد، محاصرة البؤر المختلفة للجريمة المنظمة التي تنتهك وتهدد أمن المواطن والمجتمع العراقي".

تحرير: محمد الانصاري