علي سرحان
تنتمي أفلام المخرج التشيلي راؤول رويز السريالية والغريبة، الى ما يمكن تسميته بسينما الأفكار، لسبب بسيط؛ هو أنها لا تشبه أي شيء آخر في السينما المعاصرة.
رويز الذي يردد دائما {ان السينما هي حياة اخرى} غالبا ما يقتبس أفلامه من روائيين وكتاب على شاكلة كافكا وبروست، وبيير كلوسوفسكي، وصادق هدايت وآخرين .
ومن يشاهد أفلام رويز عليه أن يتفاعل معها بناءً على الحالة المزاجية ونبرتها الخاصة، لانها تتضمن في الواقع الكثير من الحبكات والقصص المكونة من عدة فصول زاخرة بالفكاهة والفضول الفكري والجرأة الفنية، فضلا عن كون مشاهدة افلامه تعني عالما خياليا عجيبا، حيث الهواجس العديدة، والعثور على تعبير هذياني، بأكثر الطرق إثارة للدهشة، ما يجعل تجليات العقل والجنون مُبهجَين، أي أنه يترك الصورة هي التي تحدد القصة، وليس العكس، فهو مهووس بالطبيعة، مشيدا عوالم متوازية تحول اكثر الاحلام تطرفا الى واقع اكثر من الواقع نفسه، وهذه هي السريالية بأبهى وأجمل صورها.
رويز المولود عام 1941 في تشيلي، والمتوفى في فرنسا عام 2011، سعى إلى كسر حدود أشكال السرد التقليدية، من خلال بحث لا ينضب عن طرق جديدة لسرد القصص.
غادر موطنه تشيلي عندما كان صغيرًا للعمل والدراسة في بلدان أخرى،
ثم عاد ليخرج بعضًا من أشهر أفلامه، بما في ذلك " Three Sad Tigers 1968 "الحائز على جائزة لوكارنو.
بعد الانقلاب الذي قاده بينوشيه عام 1973 غادر بلاده واستقر في فرنسا، حيث بدا ظهوره المؤثر في الساحة الدولية نهاية السبعينيات أنه كواحد من أكثر صانعي الأفلام إثارة وإبداعاً في العقود الماضية، اذ قدم أكثر من 100 وثائقي وروائي ، تعد معظمها أعمالا مرجعية للنقاد والمشاهدين، لأنها تطرح باستمرار سؤال حول ماهية السينما.
ومن أهم أعماله السينمائية فيلم" مدينة القراصنة" ( City of Pirates1983 ) الذي يعد من أبرز الأفلام في الثمانينيات، وتدور أحداثه بشكل غامض في منطقة غير محددة، قبل أسبوع من نهاية الحرب العالمية، حول قصة امرأة شابة تدعى إيزيدور، يوحي تعبيرها الغائم وصوتها الخيالي العميق بأنها تعيش داخل مجموعة من الأحلام السريالية
وفيلم " ثلاثة تيجان للبحار" ( Three Crowns of the Sailor1983) الذي يحكي قصة بحار معروف بسرد الحكايات يرى طالبًا بولنديًا يقتل معلمه ويجبره على الاستماع إلى قصة حياته، فيروي للصبي مغامراته العديدة في موانئ أمريكا الجنوبية الغريبة، حيث زار أوكار الأفيون، وأقام في بيوت القطط المظلمة التي تشبه الحلم، يلتقي البحار بالعديد من الشخصيات الغامضة والغريبة، موظفا التصوير الفوتوغرافي الملون وبالأبيض والأسود معًا في الفيلم؟
وفيلم "البومة العمياء"( The Blind Owl1987 االمقتبس من رواية صادق هدايت "البومة العمياء" الصادرة عام 1937، ومعظم هذه الافلام كانت حاضرة في المهرجانات والمحافل السينمائية، ويغلب عليها الطابع السريالي القريب من اسلوب لويس بانويل، اذ تم ترشيحه أربع مرات للسعفة الذهبية "كان"، الذي ترأس لجنة التحكيم، في عام 2002 كما فاز بجائزة الفهد الذهبي في مهرجان لوكارنو، ودب برلين الفضي، كذلك نال جائزة سيزار الفرنسية، وحصل على جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما في مونتريال مرتين (2000 و2002) وكرمه مهرجان روتردام عام 2004 بعرض افلامه تحت يافطة “راؤول رويز المتجول الأبدي"، كما عرض له مهرجان روما السينمائي 46 فيلما تكريما لمجمل انجازاته.