وانجيتشي موتو.. المُغيب من الذات الأنثويَّة

ثقافة 2024/02/13
...

 ابتهال بليبل

تدفعني نساء "وانجيتشي موتو" نحو فكرة التحول إلى كائن "سيبراني".. هذه الفكرة التي تبدو بالنسبة لي الوسيلة الأمثل حينما أنوي تحقيق رغبتي في تجاوز مسألة الهويات الثقافيّة. لكنها تجعلني أفكر أيضاً في تلك القوالب التي تمسخ الشكل المعتاد عليه وتحوله عمداً لشيء غريب.
برعت "وانجيتشي موتو" وهي فنانة تشكيليَّة ونحاتة من كينيا عبر لوحاتها في تمثيل المأساة الحقيقية التي دفعتها لتغيير الصور النمطية للهوية الأنثوية.. فهي تشوه الأشكال وتهجن الأجساد وتجري عليها تعديلات أقرب ما تكون لواقع التدخلات الجراحية التجميلية، فتبدو الأنثى برغم ظهورها بثقافة جديدة ومغايرة وكأنها ما زالت تحتفظ بعادات وتقاليد وأنثروبولوجيا متحيزة قديمة.  
إنني أفترض أيضاً أن فهم صور النساء في أعمال "وانجيتشي موتو"، يرتبط كلياً بالظروف النفسية والاجتماعية والسياسية، وبالألم والقسوة والمعاناة الذي تتبناه غاية في استكشافه.  
تلك الرؤية نلمسها في لوحات حاولت موتو من خلالها أن تحاكي حياة غالبية النساء، ولكنها اختارت أن ترسمها داخل الرأس تحديداً وكأنها سرطان، حتى ظهرت رؤوس النساء مشوهة.. ربّما هي وسيلة فنية لإعلاء صوت الأنثى تجاه صفاتها الجسديّة.. تلك الصفات التي خربها -وفقا لقناعتها- المتخيّل والواقعي، فتكون النتيجة أن بدأ الجسد في أعمالها وكأنه يُشير إلى أعماق الذات الظاهرة عبر تلك التشوهات غاية في تحفيز المتلقي لأن يلتقط المُغيب والمنسي.
المتعارف عليه أن هكذا فن يتطلب استخدام الجسد ووعيه، وهو ما قد يشكل أجزاءً مهمة من تجربة العمل. لأن الوعي الجسدي هو أساس التحولات العميقة.
لذا، فإن التشويه والتهجين في تجربة "وانجيتشي موتو" يعبر عن التناقض والقدرة على إحداث التغيير عبر الاحتجاج غاية في مقاومة الهيمنة القمعية، حتى بدا الجسد الأنثوي في أعمالها تفاعلا ثقافيا معقدا وتخريبيا.
إن الخطاب الفني لفضاء موتو يتناول الفروق الدقيقة في تشويه الذات ويعكسها بما يتجاوز هذه العوالم كوسيلة للترابط ما بين الهويات والخبرات والثقافات وكذلك الحضارات.
عندما تتحول التشوهات الجسدية إلى داخل الرأس.. العقل، ستتحول لأورام خبيثة، يكون علينا هنا أن نتفادى هذه الكائنات إلى حين.. إلى أن نثبت أنها ليست فاعلة إلا بقدر الدور الذي تلعبه في تحطيم الذات ومن حولها.