ديالى: احمد نجم
ركود طويل تعانيه الحركة الموسيقية في محافظة ديالى، جعل الموسيقيين يبحثون عن خطوة اولى لتحريك المشهد مجددا، وتعطي الايعاز للآلات الموسيقية بإصدار انغامها ونفض غبار الاهمال.
وعلى الرغم من وجود مؤسسات معنية بالموسيقى ونقابات وجمعيات.. غير أن الحركة الموسيقية عاشت في
السنوات الأخيرة، سباتا شبه كامل واغترابا واضحا عن يوميات المحافظة وامسياتها.
ولغرض تسليط الضوء على المشهد الموسيقي في ديالى، التقينا ناظم شكر وهو من أواخر قرّاء المقام العراقي في ديالى، منذ سنوات وحنجرته لا تصدح إلا في مناسبات قليلة أو في اللقاءات التلفزيونية، يعزو شكر الى ضعف اهتمام ودعم المؤسسات المعنية بالفنون في ديالى ويوضح " لأن الموسيقى غالبا ما تحتاج الى جهد جماعي، يضم فريقًا من العازفين ومنظومة فنية منسجمةـ وهذا الامر يتطلب عمل مؤسسة تنظّم وتدعم، وليس جهدا فرديا فقط، كما يحصل مع الفن التشكيلي أو بعض الفنون الأخرى".
عمل شكر مديرا لبيت المقام العراقي في ديالى لنحو 15 عاماً قبل أن يحال على التقاعد، اما بيت المقام فقد تحول الآن كما يصفه شكر الى "دائرة حكومية تضم موظفين وإداريين وحراسا، ولا يوجد فيها قارئ مقام واحد ولا آلة تراثية".
يشخص شكر وجود ندرة في المواهب الموسيقية ايضا لدرجة أن" كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون لا يوجد فيهما موسيقي واحد يعزف على آلة تراثية".
اما بالنسبة لأسباب التراجع فإن قارئ المقام الأخير يعيدها لسببين أساسيين، هما البيئة الاجتماعية التي أصبحت تستهجن العمل الموسيقي، وتضع حاجزا أمام الشباب الراغبين بالدخول لهذا المجال، والسبب الآخر، قرب المسافة بين بعقوبة وبغداد، والتي تتيح انتقال المواهب الموسيقية للعمل في العاصمة، نتيجة وجود بيئة مشجعة وفرص عمل أفضل.
حسن عبادة واحدٌ من الموسيقيين الشباب في ديالى، قاد تجربة جريئة برفقة ثلاثة من زملائه، وشكلوا فرقة " المركز " الموسيقية وأحيوا عدة أمسيات مهمة في بغداد وبعقوبة، قبل أن ينهار الفريق مبكرا، من دون أن يتخلى حسن عن أمله وشغفه الموسيقي.
درس عبادة أكاديميا المسرح، ثم السينما في معهد وكلية الفنون الجميلة ببعقوبة، فيما طور زملاؤه مواهبهم ذاتيا، يرجع عبادة اسباب عدم استمرار الفريق الى " ضعف الانشطة والفعاليات، وبالتالي ضعف الموارد المالية، خاصة أن العمل الموسيقي مكلف، ويحتاج وقتا طويلا من التمارين والبروفات، كما أن اسعار الآلات الاحترافية مكلفة جدا"، اما المؤسسات الفنية في المحافظة، فهي غير قادرة على تقديم اي دعم للموسيقيين الشباب كما يقول ويشير إلى وجود " تفاوت كبير جدا في الأفكار بين الأجيال، جعلت الآخرين غير قادرين على فهم افكارنا".
بالنسبة لجمعية الموسيقيين في ديالى فإنها تواجه معاناة في ابسط المقومات للعمل واهمها عدم وجود مقر للجمعية، يحتضن تدريبات الاعضاء ويسهل استقطاب المواهب الشابة، غير أن رئيس الجمعية ياسين الربيعي نجح في الاسابيع الاخيرة بالحصول على مقر مناسب في أحد المتنزهات العامة، ويرى بأن ذلك سيكون الخطوة الاولى لإعادة النشاط الموسيقي للمحافظة.
يقول الربيعي لـ"الصباح" إن الدعم المحلي المحدود يتركز على المسرح والتشكيل، بينما يتم إهمال الموسيقى، يتم تمويل نشاطاتنا من قبل الأعضاء، بدلا من الاستجداء من المسؤولين".
للاستاذ في كلية الفنون الجميلة الدكتور نبيل وادي مساعٍ خاصة لتنشيط الحركة الموسيقية، رغم أنه استاذ للسينما، لكن شغفه الموسيقي يدفعه للمساهمة بتحريك المشهد، ويرى وادي بأن للموسيقى تاثيرا كبيرا على السلوك الانساني وقدرة فائقة على تنمية الإبداع، والتأثير على مجالات الحياة الأخرى، مؤكدا " المبدعون الكبار حتى في الاختصاصات الطبية والعلمية كانوا شغوفين بالعزف على بعض الآلات الموسيقية".
ينظر أستاذ السينما بتفاؤل اكبر، فالمواهب متوفرة " لدينا ما لا يقل عن 15 عازف كمان جيدا و20 عازف عود جيدا " لكنه يرى وجود خلل في غياب المؤسسات الداعمة"، كما أن الفرقتين الموسيقيتين التابعتين لنقابة الفنانين ومديرية النشاط المدرسي تقيمان احيانا بعض النشاطات ولكن من دون تسليط الاضواء". يقود وادي مساعي للتعاون مع بيت العود العراقي لاقامة ورش تدريبية مكثفة في بعقوبة، كما قدم مقترحا لاقى قبولا لدى رئاسة جامعة ديالى، بتشكيل فرقة موسيقية تسهم في تنظيم الحفلات والمهرجانات.